مروان العباسي... نجح في إنقاذ العملة التونسية رغم الصعوبات

مروان العباسي (ياسين غادي/الأناضول)
14 اغسطس 2020
+ الخط -

عندما تولى مروان العباسي رئاسة البنك المركزي التونسي في فبراير/ شباط 2018 لم يسلم اختياره لهذا المنصب من سهام المنتقدين بسبب مخاوف من أن يسهل الرجل مشروع تعويم الدينار وجرّ العملة المحلية إلى مزيد من الانزلاق بتوصية من صندوق النقد الدولي.

وكان العباسي عندما بدأ مشواره على رأس المؤسسة المالية يواجه انتقادات الأحزاب التي اعتبرته الأداة المنفذة للسياسة المالية التي اختارتها دوائر القرار المالي العالمي لتونس وهو القادم من مجموعة البنك الدولي الذي شغل فيه منذ عام 2008 مناصب عدة كخبير اقتصادي أول ومنسق قُطْري للبرامج في ليبيا، ثم مدير لمكتب البنك الدولي في هذا البلد عام 2012.

بعد انقضاء أكثر من سنتين في منصبه كذّب مروان العباسي (61 عاما) كل توقعات الأحزاب والسياسيين الذين عارضوا تعيينه على رأس البنك المركزي عقب نجاحه في انتشال العملة المحلية من رحلة الهبوط الحاد التي بدأت عام 2011 رغم أنه هو الذي قال بعد توليه لمنصبه بشهر وتحديدا في مارس/ آذار 2018 إن تونس غير قادرة على الدفاع عن الدينار. 

وقبل تولي العباسي لمنصبه شهدت العملة التونسية تراجعاً لافتاً لقيمة سعر صرفها مقابل العملتين الأميركية والأوروبية على مدار 9 أعوام، إذ تراجع سعر الدينار أمام الدولار 107% منذ عام 2011 حتى بداية 2019 قبل أن يعود في الأسبوع الثالث من شهر يوليو/تموز 2020 إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر/ أيلول 2018 باستقراره في حدود 2.773 مقابل الدولار.

وكان صندوق النقد الدولي حينها يوصي في كل التقارير التي يصدرها بشأن تونس بضرورة تحرير الدينار وهو ما كان يثير مخاوف جدية لدى المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين الذين طالبوا بوصاية البنك المركزي على العملة وعدم السماح بتعويمها.

لكن محافظ البنك المركزي نجح في الإيفاء بتعهداته التي وعد بها أمام البرلمان في جلسة منح الثقة له عام 2018 في إطار صلاحيته باتخاذ جميع التدابير اللازمة لدعم الاقتصاد التونسي وضمان النقد الكافي للنظام المصرفي ليواصل سوق الائتمان العمل بشكل جيد فضلا عن توفير احتياطي يؤّمن واردات البلاد لـ142 يوما بعد أن لامس الاحتياطي قبل مجيء العباسي بشهر واحد (يناير/ كانون الثاني 2018) الخطوط الحمراء ونزل إلى أدنى مستويات تسجلها البلاد منذ 15 عاما برصيد لا يكفي إلا لـ89 يوما من الواردات.

وسعت أحزاب سياسية إلى الدفع بالعباسي إلى منصب رئاسة الحكومة بوضع اسمه ضمن المقترحات التي تم رفعها للرئيس قيس سعيد، قبل تكليف هشام المشيشي بالمهمة، معتبرة أن الوضع الاقتصادي للبلاد يحتاج إلى شخصية ذات خبرة طويلة في مجال الاقتصاد والمال، وهي المواصفات التي تنطبق على العباسي الحائز الأستاذية في الاقتصاد والتخطيط والماجستير في الرياضيات الاقتصادية، وماجستير أخر في الاقتصاد الزراعي من المعهد الوطني للبحوث الزراعية، والدكتوراه في العلوم الاقتصادية.

وكان البنك المركزي بقيادة العباسي في صدارة مؤسسات البلاد التي استنفرت لحماية الاقتصاد والدينار من التهاوي خلال جائحة كورونا، حيث أعلنت المؤسسة المالية سريعا في مارس/ آذار الماضي عن حزمة تدابير لفائدة البنوك بتوفير احتياطي نقدي لفائدة البنوك بنحو 8 مليارات دينار (2.8 مليار دولار) وخفض نسبة الفائدة، بمقدار 100 نقطة أساسية، لتبلغ 6.75%، بغاية تخفيف الأعباء المالية على المؤسسات والأفراد.

غير أن خطة العباسي للإبقاء على الدينار تحت السيطرة وتحسين المؤشرات المالية باتت مهددة، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد وتتالي الأزمات السياسية التي تؤجل اتفاقات جديدة مع صندوق النقد الدولي كانت تونس تنوي من خلالها تعبئة موارد مالية ستخصص لدعم الموازنة وسداد أقساط الدين الخارجي.

ويعاب على العباسي انتماؤه للمدرسة المالية القديمة، حيث يعتبر خبراء مال أن المحافظ لم يشتغل بالقدر الكافي على تطوير التشريعات الخاصة برقمنة العمليات المالية، قبل أن تضعه جائحة كورونا وجها لوجه مع هذا التحدي.

المساهمون