مراكز النظام لإيواء النازحين

مراكز النظام لإيواء النازحين

04 نوفمبر 2018
مساعدات روسية في الحرجلة (أولغا بالاشوفا/ Getty)
+ الخط -


بدأ الخوف لدى عشرات آلاف النازحين في مراكز الإيواء في مناطق سيطرة النظام السوري، من اقتراب الشتاء بأمطاره وبرده مثل كلّ عام، بما يسببه من معاناة يومية لهم. في كثير من المناطق، تنتشر مراكز رئيسية للإيواء يسيطر عليها النظام، ويعاني قاطنوها من صعوبات كثيرة تزيد متاعبهم اليومية من الازدحام وضيق الحالة المادية وتقييد الحركة، عدا عن الصعوبة الأكبر في الحياة ضمن المركز، وهي التعامل مع سكانه على أنّهم الحاضن الشعبي للمعارضة، وبالتالي معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.

في العاصمة السورية دمشق وريفها، هناك ثلاثة مراكز إيواء رئيسية، أبرزها مركز الحرجلة، في ريف دمشق الجنوبي الغربي، الذي افتتح عام 2012، ويضم نازحين من مختلف المناطق السورية خصوصاً ريف دمشق أكان من الغوطة الشرقية أو غيرها من المناطق. وصل العدد قبل خروج أهالي الغوطة قبل أشهر إلى نحو 115 ألف نازح، وزاد عن 150 ألف نازح مع من وصل من نازحي الغوطة، قبل أن تبدأ الأعداد بالتراجع مؤخراً مع عودة الأهالي. كذلك، هناك في دمشق مركزان كبيران، هما عدرا والدوير، يضم كلّ منهما أيضاً عشرات آلاف النازحين من مختلف أنحاء البلاد، آخرهم كانوا من الغوطة الشرقية، والذين وصل عددهم إلى أكثر من 120 ألف نازح، توزعوا على المراكز الثلاثة، قبل البدء بإعادتهم مع انتهاء النظام والروس من تسلم المنطقة على أساس تسوية أخرجت الفصائل المسلحة إلى الشمال السوري.

يقول أبو أحمد القاسم وهو نازح من ريف دمشق في مركز الحرجلة، لـ"العربي الجديد": "بعد سنوات من الإقامة في المركز باتت الحياة روتيناً. بخصوص الغذاء، هناك مساعدات توزع على العائلات والوضع مقبول، لكنّ المساعدات لا تؤمّن كلّ احتياجاتنا، والبطالة منتشرة بكثرة، وحتى الخروج من المركز عليه كثير من القيود، وممنوع علينا التوجه إلى دمشق". يضيف: "نقيم في غرفة واحدة كبيرة مع عدة عائلات تفصل في ما بيننا ستائر، وبالكاد تكفي المساحة المخصصة لنا لنتمدد عند النوم. وحتى من يسكن في غرف جاهزة أو خيم، فإنّ وضعهم ليس أفضل منا".




ويلفت القاسم إلى أنّ النظام ينظر إلى من يقيمون في مراكز الايواء على انّهم متهمون، كونهم نازحين من مناطق ثارت عليه: "يسمح للعائلة التي لديها كفيل قانوني ومكان إقامة يتسع لها، بالخروج من مركز الايواء، وهذا يتطلب تقديم طلب مع صورة عن الهوية لمراجعة وضع ربّ العائلة الأمني وتعهّدٍ، إذا كان في دمشق. أما خارج دمشق فيكفي أن تتقدم الأسرة بطلب إلى إدارة المركز برغبتها في مغادرة المركز وتحديد المنطقة التي سينتقلون إليها مع مبررات مقنعة، لكن بسبب الوضع الاقتصادي السيئ يجبر كثيرون على البقاء، فهنا نحصل على بعض المساعدة الغذائية والرعاية الطبية ومكان ننام فيه، فمن أين لنا أن نؤمن تكاليف كلّ ذلك خارج المخيم". ويتابع أنّ "العائلات في مركز الايواء تستعد لبرد الشتاء، فهناك من يحاول الحصول على شوادر مطرية أو نايلون لإغلاق النوافذ، وتغليف الخيم، ومنهم من يبحث عمن سيقدم كسوة شتاء من جمعيات خيرية ومنظمة الهلال الأحمر، علّهم يحصلون على بعض الثياب التي تؤمن لهم القليل من الدفء، فحتى المحروقات من أجل التدفئة قليلة".

لا تبدو الفوارق كبيرة بين مراكز الإيواء في المساعدات والواقع الخدمي والصحي والتعليمي، وسوء الوضع المعيشي للمقيمين فيها، لكنّ سمير، وهو نازح من الغوطة الغربية بريف دمشق، يبدو غير راضٍ عن تعامل إدارة المركز الذي يسكن فيه، مع النازحين، إذ يقول لـ"العربي الجديد": "نحن نعيش في معتقل كبير، فخروجنا ودخولنا بإذن، إن حصلنا على هذا الإذن. لا أفهم إن كنا أشخاصاً متهمين بالإرهاب أو على الأقل معارضين، لماذا لا يحيلوننا إلى القضاء؟ هم يعلمون أنّ وضعنا المادي سيئ جداً ونحتاج للخروج والعمل". يضيف: "حتى هذا السجن الكبير، يتسبب لنا بكثير من المشاكل الاجتماعية، من زواج قاصرات، وطلاق، وازدياد العنف، والأهم تردي الواقع التعليمي، فنسب المتسربين والمنقطعين عن الدراسة كبيرة".



في محافظة السويداء، يقول مصدر محلي، لـ"العربي الجديد": "بقي في المحافظة مركز إيواء وحيد هو معسكر طلائع البعث، في بلدة رساس، يضم عشرات العائلات النازحة من مختلف المحافظات، وإن كانت أكثريتهم من درعا، فهناك من هم من الحسكة ودير الزور والرقة وغيرها". يشير إلى أنّ الأسابيع الأخيرة شهدت عودة عدد من العائلات النازحة إلى مناطقها، بعد سيطرة القوات النظامية عليها. يضيف: "أما من تبقى منهم، فما زال المعسكر أشبه بسجن كبير، قد تستطيع الخروج منه لساعات، فهناك نساء وشباب وأطفال يخرجون للعمل خصوصاً في الأراضي الزراعية، لكنّ الحصول على إذن الخروج من إدارة المعسكر ليس بالأمر السهل، وقد يتعرض النازح أو النازحة إلى كثير من المضايقات أو الابتزاز حتى يحصل على الموافقة". ويتحدث المصدر نفسه عن سوء واقع النازحين الإنساني، في ظل تدهور وضعهم المادي، وتفشي البطالة والأمراض الاجتماعية، وزواج القاصرات غير الموثق، وتردي الوضع الصحي. ويلفت إلى أنّ "في محافظة السويداء نحو 18 ألف عائلة نازحة من مختلف المناطق السورية".

من جهته، يقول الناشط، جابر سعد الدين، من اللاذقية، لـ"العربي الجديد": "منذ نحو أربعة أشهر بدأ النظام يعمل على إعادة النازحين إلى مناطقهم، خصوصاً النازحين من حلب، إذ نقلهم من مدينة الأسد الرياضية التي كانت تعتبر من أكبر مراكز الإيواء في اللاذقية". يضيف: "حتى إن المقيمين في شاليهات رأس البسيط العائدة لنقابات العمال أخرجوا منها، في وقت تنتشر شائعات أنّ النظام سيلاحق من لا يعود إلى منطقته. مع ذلك، هناك عائلات استأجرت أو اشترت منازل أو محلات تجارية، وكثير منهم يعمل منذ سنوات وقد اعتاد الحياة في المحافظة، بينما يطالبه النظام بالعودة إلى مناطق مدمرة أو شبه مدمرة لا خدمات فيها أو عمل".



وفي طرطوس، تفيد مصادر محلية، أنّ المحافظة تضم 3 مراكز إيواء حالياً، بعدما كانت 19 مركزاً نهاية العام الماضي، إذ أخليت المراكز الستة عشر، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، ليتحول مركز إيواء معسكر الطلائع إلى أكبر المراكز الباقية في عدد النازحين، وتكتمل المراكز بالملعب البلدي الحميدية، وألتون الجرد.