مراكز البحوث .. الحاجة والضرورة
مراكز البحوث .. الحاجة والضرورة

محمد سعدن ولد الطالب (موريتانيا)
تلعب مراكز البحوث دوراً مهماً في رسم ملامح واضحة للقرار السياسي، وقد أصبحت منتجاً حضارياً يعكس مدى تطور الدول واهتمام قيادتها السياسية بوضع أسس علمية لقراراتها، بعيدا عن العشوائية والعبثية غير المدروسة، وقد خرجت هذه المراكز، في البداية، من رحم الجامعات والمعاهد البحثية لتتطور، بعد ذلك، هيئات مستقلة، لها مخصصاتها وهيكلتها وأطرها التنظيمية والمالية المستقلة. وقد تحولت المراكز البحثية في عصرنا الحالي إلى منجز حضاري يشكل مرآة تعكس اهتمام الأمم والشعوب بالعلم والمعرفة واستشراف المستقبل وفق أسس علمية ومعرفية صارمة، كما تعكس توجه الشعوب والأمم نحو حفظ تراثها ومنجزاتها الحضارية والمعرفية، على أساس أن الممارسة الواعية بالتحولات الحاصلة في أي مجتمع، سياسيا واقتصاديا واجتماعياً، هي الضمانة الأكيدة لوضع تصورات واضحة تجنب الانزلاق في مطبات العشوائية والتخبط الأعمى في دروب غير محددة.
وقد شكلت التجربة الغربية، الأميركية والأوروبية، في مجال إنشاء المراكز البحثية النموذج الأبرز والأكثر حضوراً، حيث لعبت هذه المراكز، ومازالت تلعب، دوراً حاسماً في رسم السياسات ودعم صناع القرار وتوجيه دفة الحكم، وفق منهج علمي صارم، وقد لا يتفاجأ العالمون ببواطن الأمور إذا أدركو أن أغلب الأحداث العالمية التي تجري أحداثها حاليا، سبق أن تم رسم سيناريوهاتها في دهاليز المراكز البحثية الشهيرة.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى للمراكز البحثية ودورها المحوري في عملية التنمية وصناعة القرار السياسي، إلا أن العالم العربي ظل غائبا عن هذا المجال، غارقاً في فوضوية القرارات وعشوائيتها، بعيدا عن التخطيط والدراسة الواعية، إلى أن جاءت السنوات العشرون الماضية حيث بدأت تبرز في العالم العربي تجارب جادة في هذا الإطار، وشكلت دول الخليج القاطرة الأولى على هذا الصعيد، فنشأت مراكز بحثية في أبوظبي ودبي والدوحة والرياض والكويت، حاولت أن تسترشد بالتجربة الغربية في هذا المجال، وتجاوزت بفارق كبير تجارب عربية سابقة لها مثل تجربة مصر التي ربما أعاق التخلف التنموي والبيروقراطية مراكزها البحثية عن الاضطلاع بالأدوار المطلوبة، وتجربة لبنان التي كان يمكن أن تشكل استثناء بسبب منسوب الحرية العالي في هذا البلد، لولا عوائق الطائفية والحروب الأهلية والهجمات الإسرائيلية المتكررة.
وبقدرما لعبت الطفرة المالية الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية دوراً مهماً في توفير الموارد المالية اللازمة الكفيلة بجعل المراكز البحثية الخليجية تقوم بمهامها بشكل قوي، إلا أن الإرادة السياسية لعبت الدورالأهم في حماية بعض المراكز البحثية الخليجية وتمكينها من أداء مهمتها العلمية على الوجه المطلوب، بعيداً عن الوصاية الفجة والتوجيه السياسي، ومع الإشارة إلى وجود تجارب خليجية ناصعة في مجال المراكز البحثية. وفي هذا السياق، تشكلان علامة فارقة، حيث يبرز اسم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بوصفه مركزا بحثيا مرموقاً، ومقره في الدوحة.
الاستثمار في صناعة الفكر والبحث العلمي والاستهداء بمنارات بحثية جادة هو طريقنا الوحيد نحو مستقبل مشرق، وهو فريضتنا الكبرى التي غيبناها طويلا، وما لم نسع جادين إلى استعادتها، فإن سيرنا نحو المستقبل سيظل بطيئاً ومتلكئاً، ومترعا بالعثرات والخيبات والنكوص.
وقد شكلت التجربة الغربية، الأميركية والأوروبية، في مجال إنشاء المراكز البحثية النموذج الأبرز والأكثر حضوراً، حيث لعبت هذه المراكز، ومازالت تلعب، دوراً حاسماً في رسم السياسات ودعم صناع القرار وتوجيه دفة الحكم، وفق منهج علمي صارم، وقد لا يتفاجأ العالمون ببواطن الأمور إذا أدركو أن أغلب الأحداث العالمية التي تجري أحداثها حاليا، سبق أن تم رسم سيناريوهاتها في دهاليز المراكز البحثية الشهيرة.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى للمراكز البحثية ودورها المحوري في عملية التنمية وصناعة القرار السياسي، إلا أن العالم العربي ظل غائبا عن هذا المجال، غارقاً في فوضوية القرارات وعشوائيتها، بعيدا عن التخطيط والدراسة الواعية، إلى أن جاءت السنوات العشرون الماضية حيث بدأت تبرز في العالم العربي تجارب جادة في هذا الإطار، وشكلت دول الخليج القاطرة الأولى على هذا الصعيد، فنشأت مراكز بحثية في أبوظبي ودبي والدوحة والرياض والكويت، حاولت أن تسترشد بالتجربة الغربية في هذا المجال، وتجاوزت بفارق كبير تجارب عربية سابقة لها مثل تجربة مصر التي ربما أعاق التخلف التنموي والبيروقراطية مراكزها البحثية عن الاضطلاع بالأدوار المطلوبة، وتجربة لبنان التي كان يمكن أن تشكل استثناء بسبب منسوب الحرية العالي في هذا البلد، لولا عوائق الطائفية والحروب الأهلية والهجمات الإسرائيلية المتكررة.
وبقدرما لعبت الطفرة المالية الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية دوراً مهماً في توفير الموارد المالية اللازمة الكفيلة بجعل المراكز البحثية الخليجية تقوم بمهامها بشكل قوي، إلا أن الإرادة السياسية لعبت الدورالأهم في حماية بعض المراكز البحثية الخليجية وتمكينها من أداء مهمتها العلمية على الوجه المطلوب، بعيداً عن الوصاية الفجة والتوجيه السياسي، ومع الإشارة إلى وجود تجارب خليجية ناصعة في مجال المراكز البحثية. وفي هذا السياق، تشكلان علامة فارقة، حيث يبرز اسم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بوصفه مركزا بحثيا مرموقاً، ومقره في الدوحة.
الاستثمار في صناعة الفكر والبحث العلمي والاستهداء بمنارات بحثية جادة هو طريقنا الوحيد نحو مستقبل مشرق، وهو فريضتنا الكبرى التي غيبناها طويلا، وما لم نسع جادين إلى استعادتها، فإن سيرنا نحو المستقبل سيظل بطيئاً ومتلكئاً، ومترعا بالعثرات والخيبات والنكوص.