مخيمات البؤس: الفلسطينيون في لبنان يبحثون عن نور الشمس

مخيمات البؤس: الفلسطينيون في لبنان يبحثون عن نور الشمس

29 ديسمبر 2014
الفقر والجوع سيدا الموقف في مخيمات لبنان (فرانس برس)
+ الخط -
في مساحات ضيقة، وفي تجمعات بعضها لا تطاله أشعة الشمس، يعيش فلسطينيو لبنان. إذ تكتظ مخيمات اللاجئين ببشر تركوا أرضهم قسراً، فكان اللجوء خيارهم والشتات مصيرهم. ففي لبنان، يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً أقل ما يقال عنها، إنها لا تراعي الظروف الإنسانية ولا تتماشى مع القوانين الدولية التي تضمن حقوق اللاجئين. خصوصاً أن الفلسطينيين يعيشون في لبنان، وينفقون ما يجنونه في الدورة الاقتصادية المحلية، لكنهم في المقابل، لا يحصلون على الحد الأدنى من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية.
وقد أظهرت دراسة قامت بها وكالة الأمم المتحدة لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الأدنى(الأونروا) بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، أن عدد اللاجئين الإجمالي المسجل لدى الأونروا يصل الى 425 ألفاً. يعيش 62 % من اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات المنتشرة في الأراضي اللبنانية، حيث يصل عدد المخيمات الفلسطينية الى 12 مخيماً. ويعاني ثلثا هؤلاء، أي ما حجمه 160 ألف لاجئ فلسطيني من الفقر، فيما يعاني 7.9 % منهم من الفقر المدقع، بمعنى أن مدخولهم اليومي يقل عن دولارين ونصف الدولار يوميّاً.
وتبيّن أن 40% من اللاجئين الفلسطينيين هم من فئة المحرومين. كما رصدت دراسة الأونروا، أن الاكتظاظ السكاني يعد مشكلة أساسية لتزايد معدلات الفقر في المخيمات، حيث يعيش أكثر من 47,500 لاجئ مسجل في مخيم عين الحلوة، الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، كما يعيش 16 ألف لاجئ فلسطيني داخل مخيم البداوي الذي لا تتعدى مساحته 2 كيلومتر مربع، في ظل غياب البنى التحتية اللازمة للعيش. فيما يوجد في مخيم البرج الواقع في ضواحي العاصمة بيروت، ما يقارب 16.500 لاجئ، يعيشون في ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة.

صعوبة الحياة
في ظل هذه الأوضاع، يعيش اللاجئون الفلسطينيون ظروفاً اقتصادية، واجتماعية بالغة الصعوبة. حيث تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم. وفي هذا الإطار، كشف الباحث في الشؤون الفلسطينية في مركز الزيتونة في بيروت، وائل سعد، أن الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان لا تراعي القوانين الدولية، وقال في تصريح لـ "العربي الجديد": "تتفاوت نسب الفقر والبطالة داخل المخيمات الفلسطينية، نظراً للأوضاع الخاصة بأماكن تواجد المخيمات، حيث نلاحظ أن مخيمات الشمال والجنوب، هي الأكثر معاناة، نظراً لغياب فرص العمل. فيما نلاحظ أن لاجئي مخيمات العاصمة يتمتعون بقدرة أكبر لإيجاد فرصة عمل، إلا أن عملهم غير ثابت، فهم عمال مياومون، الأمر الذي يفقدهم القدرة على مواجهة أعباء الحياة".
ووفق سعد، فإن الظروف الاقتصادية ليست العامل الوحيد الذي يقف في وجه اللاجئين، بل طبيعة الحياة التي وضع فيها اللاجئون في لبنان، تزيد من حدة المعاناة. وقال: "يعيش أكثر من 300 ألف فلسطيني في مخيمات لا تراعي الظروف الصحية. فعلى سبيل المثال، في مخيم شاتيلا وصبرا في غرب العاصمة بيروت، لا تدخل أشعة الشمس الى أكثر من 70% من أرجاء المخيم، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية، كما أن غياب المراكز الصحية يفاقم الأزمة.
لا تقف حدود معاناة الفلسطينيين في غياب فرص العمل، وغياب الضمانات الاجتماعية، بل ما يزيد من حدة المعاناة، توقف المساعدات الدولية. ووفق سعد، فإن وكالة الأونروا، خفضت العديد من التقديمات الاجتماعية والمالية والطبية في الآونة الأخيرة، فالعديد من الأمراض المستعصية، لا تغطيها الأونروا، الأمر الذي يزيد من معاناة الفلسطينيين، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تحيط بهم في لبنان.

غياب الحقوق
في ظل غياب الثقة في المساعدات الدولية، وبالرغم من الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، لا تقوم الدولة اللبنانية بتقديم يد العون، لا، بل حرمت الفلسطينيين من العديد من التقديمات الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي زاد من معاناتهم.
وبحسب الخبير الاقتصادي، حسين أبو نمل، فإن غياب الاهتمام الدولي والمحلي بقضية اللاجئين الفلسطينيين، ساهم في رفع نسب البطالة، وارتفاع نسب الفقر داخل المجتمع الفلسطيني في لبنان. وقال لـ"العربي الجديد": لطالما طالبنا المنظمات الدولية بالكف عن تقديم المساعدات المالية والعينية، لأنها مساعدات آنية، فالشعب الفلسطيني في الخارج، يحتاج الى برامج تنموية، قادرة على خلق فرص عمل، وتحسين الظروف الاقتصادية. فاللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يتمتع بالحد الأدنى من الحقوق الأساسية، الأمر الذي يتطلب تدخلات عاجلة لمساعدته، مشيراً الى أن القوانين اللبنانية، لم تسعف اللاجئ، فهو حتى اليوم ممنوع من ممارسة وظائف عديدة، وممنوع من الانتساب الى الضمان الاجتماعي، كما أنه ممنوع من الانتساب الى النقابات العمالية، الأمر الذي يجعله أسيراً داخل حدود المخيم، مما ينعكس سلباً على أوجه الحياة كافة.
وبحسب الدراسة المقدمة من الأونروا، فإن نسبة العاطلين عن العمل تبلغ 56 % من مجموع التعداد السكاني للاجئين، في حين يصل حجم القوة العاملة الى حوالي 120 ألف شخص، يعمل منها 53 ألفاً فقط. وتبلغ نسبة النساء من بين الفئة التي تعمل 13 %، مقابل 65 % من الرجال. وأظهرت الدراسة أن 21 %من اللاجئين الفلسطينيين العمال، يعملون في أشغال موسمية، فيما يعمل 7 % منهم فقط وفقاً لعقود عمل قانونية. وهناك 3% من اللاجئين يعملون في أكثر من مهنة.
أما من حيث توزعهم على القطاعات الاقتصادية:
في هذا الإطار، كشف الباحث في مركز الزيتونة، وائل سعد، أن التفاوت في نسب الأشغال داخل المخيمات الفلسطينية، يعود سببه الى غياب الاهتمام الرسمي، مشيراً الى أن القوانين اللبنانية حرمتهم من التمتع ببعض الحقوق الأساسية للعيش.
يشكل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عشر سكان لبنان، وهم لا يعتبرون مواطنين رسميين لدولة أخرى، وبناء عليه هم غير قادرين على اكتساب الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأجانب المقيمون في لبنان، الأمر الذي زاد من معاناتهم.

المساهمون