مخاوف من الوصاية على نفط ليبيا... وضغوط إماراتية لنهب العائدات

مخاوف من الوصاية على نفط ليبيا... وضغوط إماراتية لنهب العائدات

14 يوليو 2020
الصراع على النفط ساهم في تردي الأوضاع المعيشية (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

تحذر الأوساط الاقتصادية في ليبيا من الضغوط الخارجية المتواصلة التي تستهدف وضع عائدات النفط في حساب مصرفي جديد وتوزيعها وفق آلية تشرف عليها الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن التوجه الجديد يشبه خطط النفط مقابل الغذاء التي طبقت في بعض الدول، بينما يؤكد آخرون أن غياب الآليات المالية بشأن كيفية التصرف بعائدات النفط في حال فتح حساب مصرفي جديد يثير مخاوف كبيرة ويعد وصاية مالية على ليبيا وثرواتها.
ويأتي ذلك بعد قفل جديد لحقول النفط والموانئ من قبل قوات شرق ليبيا التابعة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من الإمارات ومصر، للمطالبة بإعادة توزيع العائدات بشكل جديد.
ووسط تصاعد الصراع على النفط الليبي تستمر معاناة الليبيين من الأوضاع المعيشية المتردية، كما تواصل حكومة الوفاق المعترف بها دوليا الاستعانة بالاحتياطي النقدي من أجل الإنفاق على الخدمات والرواتب.
واتهمت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس الإمارات بالوقوف وراء غلق حقول النفط مجددا بعدما تم استئناف الصادرات يوم الجمعة الماضي، داعية مجلس الأمن الدولي إلى محاسبة الدول المسؤولة عن عملية الإغلاق وذلك بعد استئناف إنتاج النفط وتصديره عقب توقف دام ستة أشهر كلف البلاد نحو 6.7 مليارات دولار خسائر بالإيرادات وعمق تداعيات الحرب الاقتصادية والمعيشية على البلاد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحسب مراقبين، ستستغرق إعادة الإنتاج النفطي وقتًا للوصول إلى مستويات ما قبل الحظر (نحو 1.2 مليون برميل يوميًا)، بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية للحقول والموانئ نتيجة الحصار غير القانوني المفروض عليها منذ 17 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري أن هناك غموضا بشأن طريقة توزيع عائدات النفط وكيفية توزيع الأموال حسب الآلية الجديد المقترحة تحت إشراف الأمم المتحدة وذلك في ظل غياب الشفافية المالية وانقسام المؤسسات الليبية واستمرار الصراع.
ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، بدعم من دول عربية وغربية لقوات حفتر التي تسعى لانتزاع السيطرة على ليبيا من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، ما أدى إلى دمار مادي واسع.
ومن جانبه، يرى مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، أحمد أبولسين، أن سيناريو العراق يتكرر في ليبيا وهو عبارة عن النفط مقابل الغذاء وذلك من أجل إيقاف الصرف الموازي للحكومتين والقضاء على الفساد ولا يوجد حل بديل، حسب تعبيره. 
وأوضح أبولسين لـ"العربي الجديد"، أن تجميد عائدات النفط قرار صائب في ظل الفساد الموجود وعدم وجود استقرار سياسي في البلاد والحرب الدائرة وذلك تمهيدا لتوحيد المؤسسات المالية والإنفاق بين الحكومتين الأولى المعترف بها دوليا في طرابلس والثانية الموازية في الشرق. وقال: صادرات النفط الليبي غير مستقرة ولن يتعاقد لشرائه أحد إلا إذا كانت أسعاره مخفضة.

وفي المقابل، قال المحلل الاقتصادي علي الصلح، لـ"العربي الجديد"، إن تجميد عائدات النفط عبر حساب خارجي مستقل مرفوض تماما في ظل غياب أي تشريع قانوني ينظم أي توزيع للعوائد.
ودعا إلى ضرورة تشكيل لجنة محلية من ثلاثة أقاليم لمراقبة جميع الإيرادات والنفقات المحلية والخارجية والعمل على تحديد فترة زمنية تحدد في إطارها السياسي المعتمد دوليا لعمل استفتاء على شكل الدولة.
وينص اتفاق دولي على أن تتولى المؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها طرابلس، تصدير النفط، على أن تذهب عائداته إلى البنك المركزي هناك.
وأكد المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي أن تجميد الإيرادات النفطية عبر حساب خارجي قد يضر بالاقتصاد الليبي ولا ينفعه، وذلك لوجود قضايا التعويضات المرفوعة ضد الدولة الليبية، وهو ما يتسبب في خسارة هذه الأموال، مثل ما حدث من تجميد أموال الصندوق السيادي الليبي البالغ رأسماله 65 مليار دولار منذ عام 2011.
وكانت مصادر من داخل حكومة الوفاق الوطني الليبية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، يوم 23 يونيو/ حزيران الماضي، عن مقترح بشأن إعادة تصدير النفط عبر ترتيبات جديدة بمشاركة بعثة الأمم المتحدة.
وأوضحت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن الآلية الجديدة المقترحة تدرس ضمانات لتوزيع الأموال على مختلف أنحاء البلاد من دون إعطاء تفاصيل بشأن كيفية توزيعها.
واختلفت آراء المواطنين حول فتح حساب مصرفي خارج البلاد أو تجميد حساب المؤسسة الوطنية للنفط إلى حين الوصول إلى حل سياسي، إذ قال المواطن على الأزهري لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر جيد في حال وجود شفافية بشأن الإيرادات والمصروفات وأين ستذهب الأموال". ولكن في المقابل، يؤكد المواطن علي الحمروني أن "هذا المقترح يعد بمثابة وصاية مالية على دولة ليبيا، والفساد الذي وجد في النفط مقابل الغذاء في العراق خير شاهد على ذلك".

دلالات

المساهمون