مخاوف ألمانية من عودة "الجيش الأحمر" بعد سطو مسلح
ناصر السهلي ــ ميونخ
صور مجموعة من نشطاء الجيش الأحمر في ألمانيا (getty)
نشرت السلطات الألمانية صور ثلاثة من المتهمين بعمليات سطو مسلح في ألمانيا، وهؤلاء بحسب ما تقول الشرطة والاستخبارات الألمانية من أعضاء الجيش الأحمر السابق الذين تخفوا ولم يعد لهم أثر منذ توقف المجموعة عن عملها في أواسط التسعينيات.

وبعد 18 عاما من وقف أعمالها رسميا، تعود مجموعة "روته آرمي" إلى الواجهة مجددا، بعد أن تبين للشرطة الألمانية أنها منذ 5 سنوات كانت تطارد 3 من المجموعة، إثر الكشف عن الحمض النووي (دي إن أيه) يعود للثلاثي أرنست فولكر ستاوب، وبوركهارد غراوفيغ، ودانييلا كلييتا، وذلك بعد إحدى عمليات السطو التي تمت العام الماضي.

ويعيد الكشف إلى الأذهان تاريخ "الجيش الأحمر"، أو "بادر ماينهوف"، الذي اشتهر في سبعينيات القرن الماضي بين جيل الشباب كحركة يسارية ثورية، حتى في المنطقة العربية، بينما ظل يوصف في ألمانيا بـ"الفصيل الإرهابي".

في منطقة ساكسونيا السفلى كانت الشرطة الألمانية، ولأشهر عدة، تطارد مجموعة من المنتسبين السابقين للجيش الأحمر، وفق ما سرب الشهر الماضي موقع "شبيغل أونلاين"، متهمة إياهم بالوقوف خلف عدد من عمليات السطو المسلح، وتوصلت أجهزة الأمن إلى التفكير بأن عدد عمليات السطو التي كانت 6 فقط ربما يكون أكثر بكثير، وفق المدعي العام ماركوس هيسلر.
وتعتبر الشرطة الألمانية والمركز الوطني لمكافحة الجريمة أن الأمر يدور حول "جيل ثالث من الجيش الأحمر" الذي توقف نشاطه في 1998 رسميا، بعد نحو 30 عاما من الأعمال العنيفة داخل البلاد وخارجها، تمحور حول تأييد حركات التحرر حول العالم بالسلاح والرجال.

ومنذ عام 1990 وحتى العام الماضي لم تكن لدى السلطات الألمانية أية فكرة عن هؤلاء الثلاثة الذين اختفوا تماما، إلى أن ظهرت أدلة الحمض النووي التي أصابت السلطات بالذهول كونهم لا يزالون فاعلين رغم تقدمهم في السن.
وتتهم الشرطة الألمانية أعضاء الجيش الأحمر بعدد من العمليات التي "يعتقد أن المختفين قاموا بها، ورغم جهود البحث عنهم لم تصل الشرطة إليهم".

ومن العمليات التي نسبت للثلاثي المطارد، السطو على 380 ألف يورو من سوبرماركت نورتهايم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ومنذ أن اعتقدت الأجهزة الأمنية أن مجموعات "روته آرمي" قد انتقلت إلى العمل السري، فإنها بعد عملية سطو على عربة نقل أموال في بريمن شمال ألمانيا في يونيو/حزيران العام الماضي، بدأت تعيد ربط المجموعة بتلك الأعمال وفقا لصحيفة بيلد. وخصوصا الحديث عن أشخاص أصبحوا في العقد السادس من العمر، باسثتناء بوركهارد غراوفيغ (47 سنة). وتركز الشرطة بحثها في منطقة سكسكونيا السفلى وشليسفيش هولشتاين على الحدود الدنماركية.

ما تخشاه السلطات الأمنية هو الطريقة التي تمت بها عمليات السطو خلال السنوات الماضية باستخدام أسلحة كلاشينكوف وقنابل ولباس احترافي لمقاتلين، والتي كانت طريقة مجموعة "بادر ماينهوف" في السبعينيات، وتكررت العمليات بنفس الأساليب وسرقة مبالغ ضخمة، يذهب بعض الخبراء للقول إنهم "بعد سنوات من العيش تحت الأرض يحتاج هؤلاء للنقود من أجل استكمال حياتهم"، وفق ما نقلت صحيفة كرايسزيتونغ المحلية في ساكسونيا السفلى. بينما يخشى آخرون من أن تكون تلك العمليات تمويلا للجيل الثالث من اليساريين الذين قد تستهويهم ما كانت تقوم به مجموعات الجيش الأحمر.
وتأسس الجيش الأحمر من قبل أندرياس بادر وأولريك ميانهوف، منتهجا خطاً يسارياً متشدداً في التعامل مع السلطات الألمانية منذ عام 1970، واعتبر حربه ضد "الرأسمالية والنظام الإمبريالي العالمي" أمرا ضروريا بالسلاح، حيث كان يستهدف من خلال التفجير والحرق، مصالح حكومية وأميركية في "ألمانيا الغربية" آنذاك، وقام بعمليات خطف لسياسيين واقتصاديين. وتقدر الاستخبارات الألمانية أن المجموعة الفاعلة لم يتعد عددها الثلاثين شخصا ولكن عملياتها أدت إلى مقتل 33 شخصا.

وكان الرئيس الألماني الأسبق، هورست كولر، نظر في طلب العفو المقدم من عضو الجيش الأحمر، كريستيان كلار، والمحكوم بالسجن مدى الحياة ست مرات، ولكن هذا الطلب رُفض في7 مايو/أيار 2007، فيما حصلت عضو الجيش الأحمر، بريغيتي مونهاوبت، على الإفراج المشروط لمدة خمس سنوات من قبل المحكمة الألمانية في 12 فبراير/شباط 2007، وأُطلق سراح ناشطة أخرى هي إيفا هاولي في 17 أغسطس/آب 2007.