محمود حجير... هُجّر من فلسطين وهو في الخامسة

محمود حجير... هُجّر من فلسطين وهو في الخامسة

23 يوليو 2020
دمّر الاجتياح بيتي في المخيم (العربي الجديد)
+ الخط -

"أتى جيش الإنقاذ إلى بلدتنا السميرية (شمال عكا) وقال: اخرجوا من بيوتكم الآن. ثلاثة أيام وتعودون. لكننا حتى اليوم لم نستطع العودة إلى تلك البيوت، ومنها بيتنا الذي تركته وأنا في الخامسة من عمري". هكذا يتذكّر محمود حجير، المقيم في مخيم عين الحلوة (جنوب لبنان) آخر يوم في بلدته السميرية بفلسطين. يتابع: "يوم خرجنا من فلسطين، خرجت أنا وأمي وأختي، لكن أبي ظل في فلسطين يقاوم".
يروي: "عندما خرجنا توجهنا بدايةً نحو بلدة عمقا الفلسطينية ومنها نحو القرى اللبنانية، سيراً على الأقدام، حتى وصلنا إلى بلدة رميش في جنوب لبنان، وبتنا تحت أشجار الزيتون. ومنها انتقلنا إلى مخيم الرشيدية، بانتظار تحسن الأوضاع. بقينا في الرشيدية مدة شهر، ومن ثم انتقلنا إلى مدينة صيدا، تحديداً إلى منطقة الطوارئ المحاذية لمخيم عين الحلوة، حيث الخيام والناس، وعشنا عائلتين في خيمة واحدة لأن عدد أفراد عائلتنا كان محدوداً". يتابع: "لحق بنا والدي بعد عام تقريباً عشنا خلاله فترة صعبة وعانينا من شح في المال والطعام ومن صعوبة العيش في الخيمة بعدما كنا نعيش في بيوتنا". 
يضيف محمود: "عندما خرجنا من فلسطين لم نحمل معنا شيئاً لأننا خرجنا على أمل العودة بعد ثلاثة أيام، وتكفلت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ببعض التقديمات التي تحفظ البقاء على قيد الحياة، إذ كانت تقدم الطعام الساخن، وبعض الاحتياجات المنزلية. كما أنها ساهمت في فتح المدارس ليتعلم الطلاب، وأنا واحد منهم. فقد تعلمت إلى أن وصلت إلى الصف الثاني المتوسط، وكنت حينها في الرابعة عشرة من عمري، ولم يكن باستطاعتي متابعة تعليمي، بسبب ضعف الإمكانات المادية، ومدارس الأونروا حينها كانت تعلم حتى هذا الصف فقط".
يروي: "قاومنا جنود الاحتلال في مخيم عين الحلوة، عندما اجتاحت إسرائيل لبنان في عام 1982، وظللنا نقاوم إلى حين سقوط المخيم. أذكر أن ابن عمي جاء حينها وقال إن جنود الاحتلال صاروا عند مداخل عين الحلوة. عندها خبأت سلاحي في كومة من الخشب، وركبت سيارة أحد الأشخاص وتوجهنا نحو مدينة صيدا، حيث توزعنا على الملاجئ، وكان القصف الإسرائيلي متواصلاً، براً، وبحراً، وجواً".
عندما دخل جنود الاحتلال الصهيوني إلى مدينة صيدا كانوا يدعون الناس إلى التجمع عند شاطئ المدينة، القريب من محلة مستديرة الراهبات، وهناك يصطفون تحت أشعة الشمس الحارقة، ويعتقلون من يعتقلون بحسب طلب العملاء "وبينما كنت متوجهاً نحو الشاطئ، التقيت بموظف يعمل في شركة مياه لبنان خبأني في ملجأ، إلى أن انتهت موجة الاعتقال، فخرجت أبحث عن عائلتي".

يقول محمود: "دمّر المخيم وكان بيتي من ضمن البيوت التي دمرها طيران العدو، لذلك بعد أن انتهت المعارك لم أعد إليه مباشرة، بل سكنت في مدينة صيدا مدة طويلة إلى أن عدت وبنيته من جديد. احتاج الأمر وقتاً طويلاً، فقد كنا نجمع المال حتى نستطيع بناء البيت". ورغم كل ما مرّ به ما زال الأمل يملأ قلب محمود بالعودة إلى فلسطين، فكل ما قام به من عمل فدائي كان من أجل تحريرها، والعودة إليها، بحسب ما يخبّر.