محمود أبو زيد يحكي عن رحلته مع السينما (7/7)

محمود أبو زيد يحكي عن رحلته مع السينما (7/7)

06 اغسطس 2020
+ الخط -

ـ كان في انطباع سائد في السوق السينمائي إن الرقابة بتعامل محمود أبو زيد معاملة خاصة بوصفه كان زميل وكان موظف مهم في الرقابة كمان؟

بالفعل، للأسف كان في زملاء من المنافسين في السوق يقولك الرقابة بتجامل محمود أبو زيد عشان زميلهم، بينما العكس هو الصحيح، يعني فيلم (مزاج الليل) اللي وقف ضده كان زميلتي السابقة في الرقابة اعتدال ممتاز، قالت لك إزاي مطلع قاضي بيشرب خمرة وفي آخر الفيلم بيقتل، وتقريرها هو اللي حرض وكيل وزارة الثقافة وقتها كان اسمه حسن عبد المنعم، وأنا يعني أعتبر موظف سابق عنده، لكنه لما لقاني حاربت عشان أجيب موافقة مجلس القضاء الأعلى احترمني جدا، وللأسف الأزمات دي والمعارك دي بتستهلك من طاقتك وبتعطلك، وكان وارد إن فيلم (عتبة الستات) يتعطل وقت أطول ويحصل له نفس اللي حصل لفيلم (مزاج الليل).

حتى أسامي الأعمال كانوا بيعملوا لي مشاكل فيها، يعني فيلم (ديك البرابر) اعترضوا عليه قالك ينافي الذوق العام، وشغلانة وتظلمات وأخذ ورد لحد ما عدى، تاني مسرحية عملتها كنت مسميها الأول (طراطير بترتر)، رفضوها مع إن ده تعبير شعبي لو أي حد سمعه مش هيتضايق، مش هيقوم من القعدة يعني لإنك قلت (طراطير بترتر)، ولقيت حمدي سرور بدأ يقرر إنه يعمل فيها مؤلف وقعد يقترح أسامي بديلة وبدأت أنا أرفض اقتراحاته، كان في اقتراح وقتها إننا نسميها (رجالة تقريبا)، المهم من باب العبث، حسيت إن حمدي سرور وقتها معجب بأسماء المأكولات، يعني وافق على أفلام زي (سمك لبن تمر هندي ـ مكرونة بالصلصة ـ يا مهلبية يا ـ طعمية بالشطة ـ ملوخية بالأرانب)، فقلت خلاص نسميها (جوز ولوز)، واتوافق على الاسم برغم إنه اسم مالوش علاقة بالمسرحية، شيء عبثي جدا بس مش أقل عبثية من اللي بيحصل في الرقابة.

وللأسف كان في ضرب تحت الحزام من بعض الزملاء المنافسين واستغلوا فيه موضوع عملي السابق في الرقابة، يعني كان حصل قبل كده إن في حد طلع قالك ده محمود أبو زيد خد مني قصة فيلم كذا، ورفع عليا قضية، لما المحكمة طلبت نسخة من السيناريو بتاعي ومن قصته، بمجرد ما القاضي قرا الاتنين حكم لصالحي ورفض دعواه، فوجئت بعد كده بإن في مؤلفة بتتهمني إني سرقت منها فيلم (البيضة والحجر)، وبتدعي إن ده حصل بتواطؤ من الرقابة، وإنها قدمت ملخص لقصتها في الرقابة سنة 1986 وإن مدير الرقابة على الأفلام العربي فضل يماطلها لغاية ما فيلم زميله محمود أبو زيد اتعمل، وقالت إن ده حصل لها في فيلم تاني مع مؤلف تاني، والصحافة اشتغلت على الموضوع، وللأسف تم استغلال زميل منافس كان كارهني جدا وشهد في صفها اللي هو مصطفى محرم، والمهم إن كل ده كان مجرد أخبار بتتنشر في الجرايد، وبيتم نشرها كإني خلاص اتحكم عليا بالسرقة، وحزنت جدا، وكل ما كان حد يسألني كنت أقولهم أنا أتمنى إن الكاتبة دي ترفع قضية لإني هاكسبها وفور ما أكسبها هاطالب بتعويض كبير جدا، وطبعا لا رفعت قضية ولا يحزنون.

ـ هي الفترة دي حصل فيها هوجة في الاتهامات للكتاب الكبار، يعني ده حصل مع الأستاذ أسامة أنور عكاشة في مسلسل (الراية البيضا) بالتحديد، ومع الأستاذ وحيد حامد في أكثر من عمل وكلها اتهامات كانت بتنتهي على ما فيش، أحيانا القضاء بينهيها وفي أغلب الأحيان بتنتهي لوحدها ولكن بعد حملة تشهير بتشارك فيها الصحافة؟

أنا طبعا كان جوايا ثقة وهدوء في التعامل مع الاتهام ده، لإن فيلم (البيضة والحجر) ده تحديدا كنت مقدمه للرقابة سنة 1984، وشهد علي عبد الخالق في صفي هو وكل اللي كانوا أطراف في صنع العمل، ومع إني لا عمري اقتبست أعمال من روايات ولا باشتغل غير في أفكاري، لكن حسيت بتدني في الأخلاقيات ورغبة في تصفية الحسابات، وبقت حكاية شغلي السابق في الرقابة عبء عليا برغم إني سبت الشغل فيها من سنين، لكن طبعا الحمد لله ربنا أنصفني وللأسف أغلب اللي نشروا الاتهامات اللي بتشوه سمعتي، ما اجتهدوش بنفس الطريقة في إنهم ينشروا تبرئتي من الاتهامات دي، لكن الواحد ما قداموش في حالات زي دي غير إنه يكمل شغل وما يستسلمش للإحباط، ويفتكر نصيحة أستاذه علي الزرقاني اللي كلمتك عنها واللي استفدت منها كتير طول حياتي

شوف بقى إيه هاقولك بصراحة هي لا مهارة ولا ذكاء ولا ثقافة، هي هِبات من عند الله، أرزاق، يعني لما أقعد أكتب بيبقى قلبي معلق بإن ربنا هيرزقني وهو اللي هيملي عليا ويلهمني اللي باكتبه

ـ غير (مزاج الليل) هل في مشروعات سينمائية حضرتك كتبتها وما اتنفذتش؟

عندي أفكار كتير طبعا. 

ـ لا، أقصد أفلام مكتوبة فعلا؟

أنا طول عمري لما أكتب أبدأ بكتابة معالجة مستفيضة تحكي لك القصة من الأول للآخر بكل التفاصيل، لكن السيناريو باكتبه لما خلاص الفيلم يدخل مرحلة التنفيذ ويبقى في منتج، لإنك لما تكتب فيلم ويقعد سنة واتنين وتلاتة، وتيجي تقراه تاني هتبقى عايز تعدل في حاجات، عشان كده أهم حاجة عندي المعالجة وأقدر مع مرور السنين أعدل وأغير فيها بشكل عملي وفعال.

ـ في أوائل التسعينات وفي عز نجاحك كمؤلف سينمائي قررت فجأة إنك تدخل المسرح في (حمري جمري) وبعد كده في (جوز ولوز)، وبعدها (شُقع بُقع)، إيه اللي خلاك فكرت في ده؟

هو أول تفكير ليا في المسرح كان سنة 1986 تقريبا، كان محمود عبد العزيز عمل مسرحية ونجحت، وطلب مني أعمل مسرحية، وكان المفروض هاحول سيناريو فيلم إلى مسرحية، اللي هو كان سيناريو فيلم (البيضة والحجر)، دي كانت في الأول اسمها (الهجايص) لكن الرقابة رفضت الاسم، وبعد كده اعترضت على اسم (الدجالين)، وكان المفروض هيلعب بطولتها محمود عبد العزيز وعبد المنعم مدبولي وإلهام شاهين، وهيخرجها هاني مطاوع، وبعد كده ما حصلش اتفاق مع المنتج، ورجعت للفكرة الأصلية، وكان من حسن حظي إنه يحصل تعاون بيني وبين أحمد زكي في الفيلم ده.

غير كده عمري ما كنت بافكر في المسرح ولا حاطه في دماغي، ده حصل بسبب ممدوح وافي الله يرحمه، أنا كنت باحبه، هو إنسان طيب جدا، هو اللي قعد يقولي لازم تعمل مسرح، وجابلي المنتجين وائل عبد الله ولؤي عبد الله لغاية عندي، وقتها كانت السينما في أزمة لكن المسرح كان لسه شغال كويس، فقلت أنا هاشتغل في المسرح عشان أنتج سينما، وقررت إني أدخل معاهم في مسرحية (حمري جمري) شريك، يعني ما خدتش أجر كمؤلف، قلت لهم المسرحية دي هتتكلف كام؟ افرض مثلا عشر قروش، النص مثلا يساوي أربع قروش وبقية العشر قروش انتو هتكملوه، وآخد أجري من الإيراد، وبعد مفاوضات اتفقنا على إنهم يدوني عشرة في المية من إجمالي الإيراد، والحمد لله المسرحية نجحت نجاح كبير وخدت من الإيراد فلوس أكتر بكتير مما لو كنت اتفقت على أجر عالي.

ـ معروف إنك في السينما بترفض تغيير أي كلمة في السيناريو إلا بالرجوع ليك، طيب تعاملت إزاي في المسرح مع فكرة الارتجال؟

دي بقى ما تقدرش تحكمها في المسرح زي السينما، مهما كنت بتروح المسرح أو ليك صلة بيه، يعني حصلت خلافات بيني وبين بعض الممثلين، زي حسين الشربيني الله يرحمه وهو صديق عزيز، كان ساعات يقول ألفاظ ما تعجبنيش، زي "قرافيصك حمرا"، وحاجات زي دي الرقابة بتعديها بس كانت بتضايقني، وأقوم أعمل اجتماع وأقولهم بكره آخر يوم وأنا هاوقف العرض ونتعاهد على إن ده مش هيحصل، ونقرا الفاتحة، وأروح تاني يوم الأقيهم بيكرروا نفس الكلام، وخناقات مستمرة، عشان كده تجاربي في المسرح ما كملتش كتير، مع إني طول الوقت كان بيتطلب مني شغل للمسرح.

ـ لكن ما أنتجتش بعد كده أفلام زي ما كنت ناوي؟

هو في حاجة في السوق اتغيرت بشكل واضح، يعني فيلم (عتبة الستات) اللي عملته مع علي عبد الخالق كان من إنتاج منتج سعودي اسمه صالح الفوزان، وكان منتج مش بطال، بعدها كل المنتجين اللي كنت باتعاون معاهم خرجوا من السوق، والمنتجين الجدد اللي هما بره زمني ما بقاش في حيل للمناهدة معاهم، يعني الواحد كان بيتعامل مع ناس ما باشوفش منهم أي مناهدة، والفيلم يمشي بهدوء والكل يكسب منه، لكن الوضع اتغير بشكل صعب، وحتى لو قررت أنتج الفيلم، ممكن أنتجه، بس هاوزعه إزاي، يعني الأول كنت أقدر أوزع الفيلم داخليا وأكسب من التوزيع الداخلي عشان أعرف أنتج تاني، لكن ده بقى مستحيل من ساعة احتكار التوزيع وبقى المنتج هو الموزع، ودور العرض كلها تبعهم، يعني زمان كنت أعمل الفيلم فالتصريح بتاع الرقابة يتحدد فيه تاريخ العرض، دلوقتي دور العرض تبع الموزع اللي هو نفسه المنتج، واللي هياخد تواريخ العرض الكويسة لأفلامه اللي أنتجها، فتقوم انت كمنتج فرد تنزل فيلم وتخسر وبالتالي اقتصاديات السينما انهارت بسبب الاحتكار.

ـ لما رجعت حركة السينما تاني مع أواخر التسعينات، بدأ البعض يشتري منك سيناريوهات وحصلت كذا تجربة سينمائية إنت ما كنتش موافق عليها وانتقدتها بشدة في الصحافة، ده كان تأثيره نفسيا عليك عامل إزاي؟

بص أنا عندي مبدأ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، أنا أحاول أتقن عملي وبتأني لإني باشتغل هواية مش باشتغل حرفة، أنا مش نجار لازم أعمل تلات ترابيزات في الأسبوع، عمري ما اشتغلت بالأسلوب ده في عز ما أنا كنت مش لاقي جنيه، دايما باشتغل بمزاجي ورزقي ربنا بيكتبهولي، أنا واثق في ربنا وثوق شديد ومؤمن إن اللي خلقك هو اللي بيرزقك وتجري جري الوحوش غير رزقك لن تحوش، فخليك دايما حلو عشان ربنا يبارك لك.

ـ ممكن تكلمني عن طقوسك اليومية في الكتابة؟

أيام ما كنت موظف في الرقابة، كنت أروح من الشغل أتغدى وأنام شوية وبعدين أصحى أشتغل، لازم أشتغل كل يوم عشان يبقى عندي إيقاع وما أفقدش الرغبة في الكتابة، لكن بعد ما تفرغت أفضل شغل عندي بيبقى اللي هو بالليل لغاية الفجر، بتبقى الدنيا رايقة وما فيش تليفونات وما فيش أجراس ولا دوشة، فأقدر أنجز، لكن لما العجلة بتدور ممكن أشتغل في كل الأوقات، وطبعا أنا باحسب وقت القراية من وقت الشغل، لإن بدون قراءة ما فيش كتابة، من لا يقرأ لا يكتب، وهي دي المصيبة إن بقى عندنا ناس بتكتب وهي لا تقرأ، ودي كارثة للأسف الشباب هيعرفها بعدين، كان زمان واحنا صغيرين يقولك العلم في الراس ولا في الكراس؟ مع إن العلم اللي في الراس هييجي منين غير من اللي في الكراس؟ للأسف ضاع الكراس تماما وما بقاش عندنا علم، وأنا باحمد ربنا إني نشأت من صغري في بيت بيحترم القراءة والكتب وبادين بالفضل في كل ما كتبت للقراءة والكتب.

ـ عايز أسألك صحيح، والد حضرتك شاف لك أفلام؟

آه شاف كل أفلامي لغاية فيلم الكيف.

ـ كان رد فعله إيه؟

أبويا ما كانش مبسوط بالشغلة دي في الأول، وقعد فترة مش مبسوط مني، لكن لما لقى إن أفلامي رد فعلها كويس، ابتدا يشوفها وابتدا يقولي ربنا يبارك لك ويدعي لي، خصوصا إنه لقاني بعدت عن التمثيل.

ـ ما فيش مرة على سبيل المداعبة بعد ما رضي عنك كمؤلف قلت له طيب ما كنت تسيبني أمثل وكنت هاعمل برضه شغل كويس؟

هو ارتاح لما لقاني بعدت عن التمثيل.

ـ هل لسه جواك حلم التمثيل؟

(يضحك) لا خلاص، مع إني والله اتعرض عليا أمثل كتير، ولغاية دلوقتي في ناس تقولي ما تعمل أدوار جراندات، ينفع تعمل دور أب أو قاضي أو رجل أعمال، خصوصا إني كنت لما أقعد أحكي للممثلين، كنت بامثل لهم الشخصيات فكانوا ينبسطوا جدا، وجميع اللي اشتغلوا معايا اتعودوا إنهم لازم يسمعوني وأنا باقرا لهم الأدوار، اسأل أي حد اشتغل معايا، اسأل محمود عبد العزيز هيقولك أنا شربت الشخصية من أداء محمود أبو زيد، ومن كتر اهتمامي بالتمثيل والممثلين، تلاقي إن حتى أدوار الكومبارس اللي عندي، مش هاقولك الأدوار الثانوية، لأ حتى الكومبارس اللي بيقول جملة هتلاقيها مكتوبة بشكل فيه عناية وتضيف للعمل، يعني في (الكيف) مش هتلاقي بس إن دور فؤاد خليل ومحيي الدين عبد المحسن يعلم مع الناس، لأ ده حتى اللي لعبوا أدوار الفرقة وكلهم في السينما بيصنفوا كومبارس، تلاقيني كاتب لهم جمل تعلم مع الناس زي "خد لك خمسة من البامية دي"، بينما نفس الممثل اللي عامل الدور الصغير لو راح يشتغل في فيلم تاني ما ياخدش ولا جملة.

ـ ما كانش ساعات نجوم يقولوا لك خسارة إن الجملة دي يقولها كومبارس، طب ما الإفيه ده يلزمني؟

يستحيل، لإنك من الأول بتعود الناس على طريقة شغل معينة، والطريقة دي بتبقى سمعة معروفة عنك، فما حدش بيحط نفسه في الموقف ده، وفي احترام جدا لتقاليد الشغل وفي رغبة في إن الفيلم يطلع منور في كل تفاصيله، وده اللي خلاني أحرص على إني حتى لو شغلي قل كتير مقارنة بغيري إني أتدخل في تفاصيل العمل في شغلي عشان أضمن النتيجة إلى أقصى حد ممكن.

ـ من أكتر الملاحظات اللي الكل بيتوقف عندها في شغلك هو المفردات المنحوتة في الحوار واللي مش مقحمة على الحوار ولكن جاية من خلال الشخصيات ومهنتها وتاريخها، هل كنت بتكتب الحوارات كذا مرة وتحرص بعد كده على تجويدها أو تطعيمها بالتفاصيل؟

إطلاقا، زي ما قلت لك قبل كده، أنا باكتب المعالجة وهي اللي بتاخد وقت طويل في التعديل والتغيير لغاية ما أبقى خلاص عارف إن هو ده اللي أنا هاعمله وأكتب الحوار مرة واحدة.

ـ ما شاء الله، طبعا ده بيحصل بالجودة دي بسبب المعايشة الطويلة للشخصيات؟

شوف بقى إيه هاقولك بصراحة هي لا مهارة ولا ذكاء ولا ثقافة، هي هِبات من عند الله، أرزاق، يعني لما أقعد أكتب بيبقى قلبي معلق بإن ربنا هيرزقني وهو اللي هيملي عليا ويلهمني اللي باكتبه، جايز ناس كتيرة تقولك إيه يا عم اللي بتقوله ده، لكن أنا والله باقولك الحقيقة، ولو نسبت الفضل ليا أبقى يعني بانكر فضل ربنا.

ـ ونعم بالله يا أستاذ محمود، لكن أنا باتكلم عن فكرة المخزون نفسه اللي بتطلع منه لغة الشخصيات، كنت عايز أعرف تفاصيل أكتر عنها عشان اللي يقرا يستفيد؟

آه، هي مش مسألة مخزون، هي مسألة استعداد لكل شخصية من خلال القصة، يعني مثلا لما عملت شخصية المنجّد اللي عملها محمود عبد العزيز في (جري الوحوش) قلت للمدام أنا عايز أجيب منجّد، مش عايزة تنجّدي حاجة من حاجة البيت، قالت لي لأ هانجّد إيه، قلت لها أي حاجة لحاف مرتبة، هاتي أي حاجة عشان ننجّدها، وقمت جبت منجّد وقعدت معاه وهو بيتشغل وقاعد أنكش فيه وأتكلم معاه وأعرف مصطلحات شغله، ما هو أنا مش هاخد كل لغته، لكن هاخد منه اللي يعجبني واللي أوقف عنده، "مأحلي" أو "أساتك"، يعني الكلام ده ينطبع في دماغي، وبعدين وأنا شغال باكتب تلاقيه طلع في مكانه المضبوط.

نفس الحكاية لما آجي أكتب شخصية الصايغ تاجر الدهب، لإن انت عارف الصاغة، ممكن تدخل محل الصايغ يبيعك ويشتريك وانت مش عارف إنه بيبيعك ويشتري فيك لحد تاني، ولغة سرية انت مش واخد بالك إنها لغة سرية، كانت التفاصيل دي بتستهويني جدا، لكن مش باروح أركز عليها لذاتها، لإن كل فئة من الفئات لها لغة سرية، أنا باخد فقط اللي يخدم الدراما، لإنك هتلاقي ناس بعد كده حاولت تقلد السكة دي وتعمل فكرة الإفراط في استعراض مفردات الشخصيات ومهنها، فما يطلعش ده بنفس النتيجة، عشان كده قلت لك دي في الأول وفي الآخر هبات من الله سبحانه وتعالى، وربنا يديمها نعمة.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.