15 سبتمبر 2024
محمد اشتية.. أضيق حكومة فلسطينية
لا يخلو اختيار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الدكتور محمد اشتية لتأليف الحكومة الجديدة من دلالات، تُبْرزها شخصيةُ اشتية، بما تنطوي عليه من خلفيَّاتٍ، لها اتصالٌ وثيق بطبيعة المرحلة، فالرجل قادمٌ من خلفيَّة اقتصادية واضحة، ودراسته الأكاديمية في الاقتصاد توازيها خبرةٌ مِهْنيَّة، فقد كان رئيسا للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، ثم شغل منصب وزير الأشغال العامَّة والإسكان. وانتُخِب عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح، عامي 2009 و2016، فلانتمائه لحركة فتح، وتمثيله لها، معنيان؛ خارجيٌّ في التعاطي مع الضغوط الأميركيَّة، والتهديدات الاحتلاليَّة، وداخليٌّ في التعاطي مع ملفِّ المصالحة، أو الانقسام.
وفي هذا السياق، حاول أبو مازن أن تُتْبَع حكومةُ التوافق، برئاسة رامي الحمد الله، بحكومة (وطنية) فصائلية، تجمع، إلى "فتح"، فصائلَ أخرى من منظَّمة التحرير؛ تعزيزا لموقفه في مواجهة حركة حماس التي وجَّهت أخيرا ضدَّه حملة "ارحل"، إلا أن أكثرَ فصائل المنظمة وأهمَّها رفضت المشاركة في الحكومة، أو لم تظهر استجابة لذلك، مقدِّمةً اعتبارات التوافق
الوطني، والحيلولة دون تكريس الانقسام.
تأتي هذه الحكومة الثامنة عشرة في وقتٍ بالغِ الحساسية، والقضية الفلسطينية على أعتاب تحدٍّ خطير، حيث المحاولات الأميركية، (ومعها دول عربية)، الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، بخطوات مهمَّة تتالت، ابتداءً بالاعتراف بالقدس الموحَّدة عاصمةً لدولة الاحتلال، ثم باستهداف قضية اللاجئين، بالعبث بمفهوم اللاجئ، وبتقليص خدمات وكالة الغوث (أونروا)، بامتناع واشنطن عن تقديم مساهمتها المالية لها، ثم بالموقف المؤيِّد للاستيطان، في خطوات تجسِّد ما يُعرَف بصفقة القرن، وتمهِّد لإنفاذها، كليًّا، أو جزئيًّا، وهي صفقة تتواتر الأخبارُ أنها ستُعْلَن بعد الانتخابات الإسرائيلية (9 أبريل/ نيسان). هذه الانتخابات التي طالما اتُّخِذَت، احتلاليًّا، مَذْبَحًا للفلسطينيِّين وقضيتهم، بالمزاودات الحزبية، حيث النيلُ من الفلسطينيين، وطنيًّا وسياسيًّا، ليست أجنداتٍ عابرة، لكنها مراحل متتابعة، تتسارع، أو تسير (اعتياديا) لمراكمة وقائع احتلاليَّة على الأرض، يصعُب، في ظنِّ الاحتلال، وآمالِه، نقْضُها.
وفي سياق الأجواء الانتخابية، جاء القرار الاحتلالي باقتطاع جزءٍ من أموال المقاصَّة العائدة إلى السلطة الفلسطينية، [بموجب بروتوكول باريس بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية (1994)، تجمع إسرائيل الضرائب على البضائع التي تمرُّ عبر معابرها إلى الأراضي الفلسطينية، وتحوّلها شهريًّا إلى السلطة الفلسطينية]، إذ صادق الطاقم الوزاري المصغَّر، في 17 فبراير/ شباط الماضي، على قرار بدء تنفيذ قانونٍ يسمح لحكومة الاحتلال بمصادرة مبالغ من أموال السلطة الفلسطينية، تعادل ما تقدِّمه السلطة لعائلات الأسرى والشهداء. الأمر الذي ردَّت عليه السلطة؛ بالامتناع عن تسلُّم ما تبقّى من الأموال، ما دامت منقوصة، ثم صرفت، أوَّلا، مستحقَّات الأسرى وأُسَر الشهداء؛ ما ولَّد أزمة وقلقًا في الشارع الفلسطيني، بعد أن تعذَّر صرف رواتب شهر فبراير/ شباط الماضي، مع توقُّعات باستمرار أزمة الرواتب عدة أشهر، وهو ما لا تحتمله الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الضفة الغربية. ولذلك حذَّر مسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من تبعات ذلك، وبحسبهم، فإنَّ "الهدوء في الضفة الغربية مرتبط بالاقتصاد"، وإنَّ أبعاد عملية نهب المخصَّصات سوف تهزُّ الاقتصاد الفلسطيني".
وبحسب صحيفة هآرتس، اجتمع مندوبو الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة، الأسبوع الماضي، وناقشوا "التطوُّرات الإقليميّة"، وحذّروا من انهيار اقتصادي للسلطة الفلسطينية، سيساهم في تقويض حكم عبّاس، ولفتوا إلى أن السلطة تواجه صعوبات في دفع رواتب موظّفيها، وقدّرت الأجهزة أن تتوقّف السلطة عن قدرتها على القيام بمهامها، خلال شهرين. كما قال عضو اللجنة
المركزية لحركة فتح، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، حسين الشيخ، إنه سيكون من الصعب أن يستمر عناصر الأمن الفلسطيني في الاستجابة للأوامر، إذا توقَّفت رواتبهم، في تلويح بورقة الأمن، أو تلميحٍ إلى رهن قوة التنسيق الأمني بوفاء الاحتلال بكامل مستحقَّات السلطة المالية.
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يحاول الاستفادة، انتخابياً، من الخطوات التصعيدية التي منها اقتطاعُ جزء من أموال السلطة الفلسطينية، إلا أن دولة الاحتلال تسعى، إلى تحجيم السلطة، بما يبقيها في إطار الإدارة الذاتية، أو حكم ذاتي لا يصل إلى دولة ذات سيادة.
وإذا كان هدف السلطة الفلسطينية، في الحكومة الجديدة، البدء في مواجهة جِدِّية لصفقة القرن، وتغوُّل المشروع الاحتلالي الاستيطاني، لا بدَّ من حشد الجهود والأدوات والالتفاف حول مواقف وطنية يُجْمِع عليها الكلُّ الفلسطيني، حيث صفقة القرن التي على الأبواب، على خطورتها، فرصةٌ موحِّدة. وينبغي أن يكون هذا التوحيد والتحشيد على كلِّ المستويات السياسية؛ ببرنامج وطنيٍّ منسجم ومحدَّد، وبتقوية عوامل الصمود لدى الشعب الفلسطيني، بسياسة اقتصادية شاملة ومتناغمة (الاقتصاد أداةٌ أميركية واحتلالية) تراعي الشرائح الدنيا، بإعادة النظر في مجمل السياسة المالية، وأولوياتها، بخلاف ما بُنيِت عليه السلطة، بعد اتفاقات أوسلو، وبعد الإشراف المباشر من الولايات المتحدة، وبما يُلبِّي الاعتبارات الأمنية، والعلاقة مع إسرائيل.
تأتي هذه الحكومة الثامنة عشرة في وقتٍ بالغِ الحساسية، والقضية الفلسطينية على أعتاب تحدٍّ خطير، حيث المحاولات الأميركية، (ومعها دول عربية)، الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، بخطوات مهمَّة تتالت، ابتداءً بالاعتراف بالقدس الموحَّدة عاصمةً لدولة الاحتلال، ثم باستهداف قضية اللاجئين، بالعبث بمفهوم اللاجئ، وبتقليص خدمات وكالة الغوث (أونروا)، بامتناع واشنطن عن تقديم مساهمتها المالية لها، ثم بالموقف المؤيِّد للاستيطان، في خطوات تجسِّد ما يُعرَف بصفقة القرن، وتمهِّد لإنفاذها، كليًّا، أو جزئيًّا، وهي صفقة تتواتر الأخبارُ أنها ستُعْلَن بعد الانتخابات الإسرائيلية (9 أبريل/ نيسان). هذه الانتخابات التي طالما اتُّخِذَت، احتلاليًّا، مَذْبَحًا للفلسطينيِّين وقضيتهم، بالمزاودات الحزبية، حيث النيلُ من الفلسطينيين، وطنيًّا وسياسيًّا، ليست أجنداتٍ عابرة، لكنها مراحل متتابعة، تتسارع، أو تسير (اعتياديا) لمراكمة وقائع احتلاليَّة على الأرض، يصعُب، في ظنِّ الاحتلال، وآمالِه، نقْضُها.
وفي سياق الأجواء الانتخابية، جاء القرار الاحتلالي باقتطاع جزءٍ من أموال المقاصَّة العائدة إلى السلطة الفلسطينية، [بموجب بروتوكول باريس بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية (1994)، تجمع إسرائيل الضرائب على البضائع التي تمرُّ عبر معابرها إلى الأراضي الفلسطينية، وتحوّلها شهريًّا إلى السلطة الفلسطينية]، إذ صادق الطاقم الوزاري المصغَّر، في 17 فبراير/ شباط الماضي، على قرار بدء تنفيذ قانونٍ يسمح لحكومة الاحتلال بمصادرة مبالغ من أموال السلطة الفلسطينية، تعادل ما تقدِّمه السلطة لعائلات الأسرى والشهداء. الأمر الذي ردَّت عليه السلطة؛ بالامتناع عن تسلُّم ما تبقّى من الأموال، ما دامت منقوصة، ثم صرفت، أوَّلا، مستحقَّات الأسرى وأُسَر الشهداء؛ ما ولَّد أزمة وقلقًا في الشارع الفلسطيني، بعد أن تعذَّر صرف رواتب شهر فبراير/ شباط الماضي، مع توقُّعات باستمرار أزمة الرواتب عدة أشهر، وهو ما لا تحتمله الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الضفة الغربية. ولذلك حذَّر مسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من تبعات ذلك، وبحسبهم، فإنَّ "الهدوء في الضفة الغربية مرتبط بالاقتصاد"، وإنَّ أبعاد عملية نهب المخصَّصات سوف تهزُّ الاقتصاد الفلسطيني".
وبحسب صحيفة هآرتس، اجتمع مندوبو الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة، الأسبوع الماضي، وناقشوا "التطوُّرات الإقليميّة"، وحذّروا من انهيار اقتصادي للسلطة الفلسطينية، سيساهم في تقويض حكم عبّاس، ولفتوا إلى أن السلطة تواجه صعوبات في دفع رواتب موظّفيها، وقدّرت الأجهزة أن تتوقّف السلطة عن قدرتها على القيام بمهامها، خلال شهرين. كما قال عضو اللجنة
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يحاول الاستفادة، انتخابياً، من الخطوات التصعيدية التي منها اقتطاعُ جزء من أموال السلطة الفلسطينية، إلا أن دولة الاحتلال تسعى، إلى تحجيم السلطة، بما يبقيها في إطار الإدارة الذاتية، أو حكم ذاتي لا يصل إلى دولة ذات سيادة.
وإذا كان هدف السلطة الفلسطينية، في الحكومة الجديدة، البدء في مواجهة جِدِّية لصفقة القرن، وتغوُّل المشروع الاحتلالي الاستيطاني، لا بدَّ من حشد الجهود والأدوات والالتفاف حول مواقف وطنية يُجْمِع عليها الكلُّ الفلسطيني، حيث صفقة القرن التي على الأبواب، على خطورتها، فرصةٌ موحِّدة. وينبغي أن يكون هذا التوحيد والتحشيد على كلِّ المستويات السياسية؛ ببرنامج وطنيٍّ منسجم ومحدَّد، وبتقوية عوامل الصمود لدى الشعب الفلسطيني، بسياسة اقتصادية شاملة ومتناغمة (الاقتصاد أداةٌ أميركية واحتلالية) تراعي الشرائح الدنيا، بإعادة النظر في مجمل السياسة المالية، وأولوياتها، بخلاف ما بُنيِت عليه السلطة، بعد اتفاقات أوسلو، وبعد الإشراف المباشر من الولايات المتحدة، وبما يُلبِّي الاعتبارات الأمنية، والعلاقة مع إسرائيل.
دلالات
مقالات أخرى
27 اغسطس 2024
12 اغسطس 2024
14 يوليو 2024