تواصل محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة، في جلسة السابع والعشرين من الشهر الجاري، نظر الطلبات المقدمة من لجنة التحفظ على أموال "الجماعات الإرهابية" بمصادرة جميع الأموال والأملاك التابعة للعشرات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والذين صدر ضدهم قرار قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الأمور المستعجلة بتأييد هذه المصادرة في سبتمبر/أيلول 2018.
وقالت مصادر قانونية من فريق دفاع المتهمين إن المحكمة مازالت تنظر تلك الطلبات منذ ذلك الحين، وذلك تعقيبا على ما نشر في وسائل إعلام مختلفة عن صدور طلبات جديدة للمصادرة.
وأضافت المصادر أن بعض القيادات مدرجون بالفعل في أكثر من طلب للمصادرة، وأنه حتى الآن لم تصدر أحكام نهائية بالمصادرة إلا ضد عدد محدود من القيادات الوسيطة بالجماعة، بينما مازالت قيادات الصف الأول، ومنهم ورثة الرئيس المعزول محمد مرسي (الذين حلوا بدلا منه في الدعوى بعد إثبات وفاته في يونيو/حزيران 2019)، ونائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر، يواجهون أحكاما ابتدائية فقط.
وذكرت المصادر أن الممثلين القانونيين لمرسي والشاطر ونحو 30 متهماً آخرين، طعنوا على قرار قاضي الأمور الوقتية نهاية عام 2018، وبدأت محكمة الأمور المستعجلة نظر القضية في ديسمبر/كانون الأول 2018 لتصدر حكماً نهائياً في هذا الشأن.
وإذا تم تأييد الحكم، كما هو مرجّح، فسوف تنتقل الأملاك الخاصة بالمتهمين إلى ملكية الدولة، ما يُعتبر مصادرة نهائية للأموال.
وجاءت الحيثيات التي ذكرها قاضي الأمور الوقتية في أحكام تأييد المصادرة متناقضة بوضوح مع القانون 22 لسنة 2018 بشأن لجنة أموال "الجماعات الإرهابية" الذي أصدره رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، في إبريل/نيسان 2018، ذلك لأن القاضي وصف المصادرة بأنها "إجراء احترازي"، رغم اعتبار القانون لها إجراءً نهائياً، ومميّزاً بينها وبين التحفظ الذي هو إجراء احترازي مؤقت لمنع المتهمين من "ممارسة نشاطهم الإجرامي" في تمويل جماعة "الإخوان".
وسبق أن قالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك خطة لتصفية بعض المصالح الاقتصادية المتحفّظ عليها والتصرّف في أصولها بعد تنفيذ قرار المصادرة، وذلك لأن الدولة لا تستطيع إدارتها، أو لاحتياجها إلى خبرات تتطلب بقاء أصحابها فيها، وهو ما لم يعد مرغوباً فيه"، مضيفةً أنّ وزارتي الصحة والتعليم مستمرتان في بيع كمية كبيرة من المنقولات والأدوات والآلات والأجهزة الموجودة في مستشفيات ومدارس متحفّظ عليها منذ عام 2013، وبعض الكيانات التي تم التحفظ عليها أخيراً ضمن الموجة الأخيرة من التحفظات والمصادرة.
وكان الشهر العقاري بمختلف المحافظات قد أنهى منذ العام الماضي حصر جميع الأملاك والعقارات المتعامل عليها، والتي كانت مملوكة للمتهمين، وتم إرسالها إلى مكتب وزير العدل السابق، حسام عبد الرحيم، استعداداً لنقلها إلى ملكية الخزانة العامة للدولة رسمياً، بعد صدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة بتأييد المصادرة والمنتظر صدوره قبل نهاية العام، إذا أتيح للمتهمين الطعن في المواعيد المقررة.
ويتعارض القانون الجديد، الذي يتيح المصادرة صراحة، مع المادة 40 من الدستور التي تنصّ على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة. ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي". والمقصود بالمصادرة الخاصة هنا أن تحدّد المحكمة الجنائية حصرياً الأدوات أو الأموال التي استخدمها الجاني في عمله الإجرامي، ومن ثمّ تحكم بمصادرتها بعد ثبوت استخدامها في مخالفة القانون، كمصادرة السيارات والأسلحة والمخدرات في قضايا التهريب والقتل والإرهاب، الأمر الذي يختلف تماماً عن حالة الأموال المتحفظ عليها جميعاً من أشخاص يشتبه في تمويلهم جماعة "الإخوان".