محكمة المستهلك في لبنان: لا مقر ولا موظفين

محكمة المستهلك في لبنان: لا مقر ولا موظفين

16 ابريل 2014
لا يوجد من يدافع عن المستهلك اللبناني (getty)
+ الخط -
صدر قانون حماية المستهلك في لبنان في عام 2005. ومنذ 9 سنوات حتى اليوم، لم يرفع أي وزير للاقتصاد طلباً إلى الحكومة لإصدار القرار اللازم (المراسيم التنفيذية) لتطبيق هذا القانون. 
يتضمن القانون بنداً أساسياً يتعلق بتشكيل محكمة خاصة للمستهلك تدافع عنه وعن حقوقه في أي نزاع ينشأ بينه وبين التجار ومنتجي السلع. 
غياب قانون المستهلك، ومحكمة المستهلك، إضافة الى قانون سلامة الغذاء أدى الى تفاقم حالات الغش في السوق اللبنانية، ودخول مئات الأشخاص الى المستشفيات نتيجة التسمم، وهدر حقوق مئات اللبنانيين، لعدم وجود أي مرجع، يمكن أن يدافع عن مصالحهم من دون أن يتكبد المستهلك تكاليف المحاكمات الباهظة. 
اليوم الأربعاء، أعلن وزير الاقتصاد، آلان حكيم، إطلاق عمل لجنة حل النزاعات (محكمة المستهلك). إلا أن المستهلك اللبناني لن يستطيع اللجوء الى هذا المرجع القضائي، فعلى الرغم من إطلاقها إلا أنه لم يخصص للمحكمة مكتب ولا موظفون، ولا اللوازم الإدارية التي تتوافر عادة في المحاكم. 
ويوضح وزير الإقتصاد آلان حكيم لـ "العربي الجديد" أن مقر لجنة حل النزاعات من الأرجح أن يكون في مبنى وزارة الإقتصاد، مشيراً إلى أنه يمكن حل قضية المقر خلال أيام. ويشدد على أن قرارات لجنة حل النزاعات ستكون نهائية وملزمة.
في حين يؤكد الوزير أن المراسيم التنفيذية لقانون حماية المستهلك سيكون من أولوية الوزارة، إلا أن الولاية القصيرة للحكومة الحالية قد تحول من دون إقرار المراسيم خلال ولاية حكيم، إلا إذا تم تمديد عمر الحكومة.

بين التاجر والمستهلك
وأعلن وزير الاقتصاد، آلان حكيم، خلال مؤتمر صحافي، اليوم الأربعاء، إطلاق عمل محكمة المستهلك. وأشار في المؤتمر إلى أن لجنة حل النزاعات، هي المرجع الاول والاخير للمستهلك، وهي تضم قاضياً وممثلين عن المحترف (منتجو السلع والخدمات والتجار) والمستهلك.
وشرح أن هذه اللجنة تبت في النزاعات في وقت قصير جداً، لأن مهلها قصيرة وسريعة، خلافاً لما هو معتمد في القضاء الذي يأخذ وقتاً طويلاً.
وأشار حكيم الى "أن المحكمة مستقلة ولا ترتبط إلا بعملها، وهناك بعض النقاط القانونية نعمل على إنهائها لتمكين اللجنة من مزاولة عملها بصورة عادية جداً، خصوصاً وأنها لجنة الاختصاص الحصري للنظر في النزاعات المدنية، في حين أن النزاعات الجزائية، تبقى من صلاحية القضاء الجزائي". 
وأعلن حكيم، عن أسماء أعضاء المحكمة وهم: رئيس المحكمة القاضي إلياس شيخاني، ممثل غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، نبيل فهد، ممثلة جمعيات حماية المستهلك، ليلى الحركة، والخبير القانوني في مديرية حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد، زياد عاشور.
موقف منتجي السلع جاء مغايراً عن اللهجة الاحتفالية التي تحدث بها وزير الاقتصاد وممثلو جمعيات المستهلك. فقد اعتبر ممثل غرفة التجارة، نبيل فهد، "أن كل الاشكالات بين المحترف (منتج السلع أو الخدمة والتجار) والمستهلك يجب أن تحل مباشرة بينهما قبل وصولها الى أي مرجعية رسمية". 
يعلّق رئيس جمعية المستهلك في لبنان، زهير برو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن محكمة المستهلك عطلت 9 سنوات لارتباطها بمزاجية وزراء الاقتصاد.  وزراء يسعون الى حماية مصالح التجار والصناعيين ومقدمي الخدمات، ولو على حساب المستهلك اللبناني، وفق تعبير برو. 
ويلفت برو، إلى أن هذه المحكمة أساسية جداً لضمان حقوق المستهلكين في مواجهة أي نزاع مع التجار ومنتجي السلع والخدمات.  ويشدد على ضرورة فصل عمل المحكمة عن وزارة الاقتصاد وتأمين استقلاليته المطلقة.

الشكاوى بالآلاف

ينص قانون حماية المستهلك الذي صادقت عليه الحكومة في عام 2005 على إنشاء ما يعرف بمحكمة المستهلك (لجنة حل النزاعات).
وهذه المحكمة مهماتها حماية المواطنين ومتابعة قضاياهم، وتعيين محامين للدفاع عن حقوقهم من دون أن يتكبد المواطن أي تكاليف مالية. 
ومن ميزات المحكمة البت السريع في القضايا المتعلقة بالمستهلك على خلاف ما يحصل في المحاكم اللبنانية العادية.
ويترافع المستهلك أمام هذه المحكمة في القضايا التي تفوق كلفتها 3 ملايين ليرة لبنانية، كذلك تحل المحكمة القضايا التي تقل كلفتها عن هذا المبلغ من خلال الوساطة بين المستهلك والتاجر.
وعل الرغم من أهمية هذا القانون، في ظل وجود انتهاكات صارخة لحقوق المستهلك اللبناني، إلا أن وزراء الاقتصاد المتعاقبين أهملوا قضية إطلاق عمل المحكمة، حيث تم تعيين أعضائها منذ سنوات، بلا تعيين موظف مختص بقضايا المحكمة. 
وتشير الاحصاءات على موقع وزارة الاقتصاد في لبنان الى أن مديرية حماية المستهلك التابعة للوزارة حررت في عام 2011 نحو 574 محضر ضبط ضد مخالفين انتهكوا حقوق المستهلك، في حين تلقت المديرية 1714 شكوى على الخط الساخن الخاص بها.
إلا أن الوزارة امتنعت عن إصدار عدد المحاضر منذ عام 2012 حتى اليوم. وهذا ما يثير شكوك رئيس جمعية المستهلك، زهير برو.
يعتبر برو، أن مديرية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد غير فاعلة، ويلفت الى أن المديرية جزء من المشكلة لا الحل، وذلك لارتباطها بجهة رسمية وهي وزارة الاقتصاد، بل يؤكد برو، أن الوزارة أصدرت قرارات تحاصر فيها جمعيات المستهلك في لبنان عبر محاولة السيطرة عليها.
ويلفت الى أن جمعيته تتلقى شهرياً أكثر من 150 شكوى من المستهلكين تتعلق بالغش والفساد وامتناع التجار عن استرجاع سلع بيعت للمستهلك وتبين أنها معيوبة.
أما قضايا فساد المواد الغذائية فهي على رأس لائحة الشكاوى.
لمن يلجأ المستهلك؟ 

يقول برو، إن المحكمة لا تزال تحتاج اللوازم التقنية وموظفين ومكاتب وسجلاً رسميّاً لتسجيل القضايا.
ويشدد على أن المواطنين يعتبرون أن المحكمة لا تطال سوى القضايا التي تفوق قيمتها 3 ملايين ليرة، إلا أن هذا الاعتقاد غير صحيح، حيث أن المحكمة متخصصة في القضايا التي تعني المستهلك ولو كانت قيمتها ليرة واحدة. 
ولكن اليوم لمن يلجأ المستهلك في حال تعرض لأي نزاع مع التجار والمنتجين؟
يجيب القاضي، الياس شيخاني، "العربي الجديد" أنه الى حين بدء عمل المحكمة بشكل فعلي يمكنه إما اللجوء الى المحاكم العادية أو أن يقدم ملفه الى وزارة الاقتصاد الى حين انطلاق عمل محكمة المستهلك.
ويشرح القاضي أنه لم يتم تخصيص المحكمة بأي مكاتب، إذ من المفترض أن تستخدم المحكمة مكاتب وزارة الاقتصاد إلا أن الأخيرة تفيد بأنها لا تمتلك مكاناً شاغراً.
كذلك، يتطلب انطلاق عمل المحكمة موظفين، من المفترض أن تفرزهم وزارة العدل.
ويعتبر القاضي أن انطلاق المحكمة يتم بشكل تدريجي بعدما تم ايقافها لتسع سنوات متواصلة. 
أما في ما يتعلق بالمراسيم التنفيذية (القرارات الحكومية) التي تحول قانون حماية المستهلك الى التطبيق، فيؤكد شيخاني، بأن بعض بنود القانون تحتاج الى مراسيم، ولكن ليس كلها، في حين أن محكمة المستهلك يمكن أن تعمل بلا مراسيم.

المساهمون