محسنة توفيق: من معارضة عبد الناصر إلى ميدان التحرير

المسيرة السياسية لمحسنة توفيق: من معارضة عبد الناصر إلى ميدان التحرير

08 مايو 2019
محسنة توفيق في جمعة الغضب (فيسبوك)
+ الخط -
غابت محسنة توفيق عن عالم الفن لحوالي 14 عاماً بسبب ظروفها الصحية الصعبة، التي عانت منها. لكن أيضاً بسبب منع آخر مسلسلاتها "أهل الإسكندرية" (تأليف بلال فضل، وإخراج خيري بشارة)، الذي كانت قد انتهت من تصويره قبل أربع سنوات وذلك لأسباب أمنية. إذ اتّهم العمل بالإساءة لصورة الشرطة المصرية. هكذا كانت إطلالتها الفنية الأخيرة في مسلسل "المرسى والبحار" (2005 ــ تأليف محمد جلال عبد القوي، وإخراج أحمد صقر)، مع الفنان يحيى الفخراني. أما الظهور الجماهيري الأخير فكان في "مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة" بدورته الثالثة، حيث تمّ تكريمها. 

وفي ندوة التكريم في أسوان، كشفت توفيق عن الكثير من أسرارها الفنية والسياسية أيضا. فتحدثت عن مشاهدتها لتنحي الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، ومشاركتها في التظاهرات الرافضة لمغادرة الرئيس منصبه، معتبرة أن هذا اليوم كان نقطة تحوّل في حياتها. لكن رغم ذلك تطرّقت في الندوة نفسها، إلى معارضتها سياسة عبد الناصر خلال سنوات طويلة، مؤكدة أنه أخطأ في بعض الأمور السياسية. هذا الموقف أدى إلى اعتقالها مطلع الستينيات ضمن حملات اعتقال الشيوعيين منتصف ستينيات القرن الماضي. وكان من بين الكتاب والفنانين، 21 اسماً، إلى جانب توفيق، بينهم فتحية العسال، وصافيناز كاظم، وكريمة الحفناوي. علماً طبعاً أن عبد الناصر عاد وكرّم محسنة توفيق بعد خروجها من الاعتقال بمنحها وسام الدولة للعلوم والفنون من الدرجة الأولى عام 1966 تقديرًا لقيمتها الفنية وقد تسلمت الوسام منه بنفسها.

"تورّطها" في المواقف السياسية، جعلها أيضاً تعارض الرئيس السابق أنور السادات. فقالت في إحدى مقابلاتها سنة 2017 إن قرار السادات بزيارة فلسطين المحتلة عقب انتصار أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 كان له وقع كبير في نفسها. مضيفة أنه حين أعلن التلفزيون المصري هبوط طائرة الرئيس السادات في فلسطين المحتلة أصيبت بصدمة شديدة، "حتى الآن ما زال صوت المذيع صبري سلامة يرن فى أذني، فقد كنت أصور حينها أحد الأعمال المشتركة في اليونان، وكان يرافقني مجموعة من الممثلين العرب والمصريين، وجدت نفسي أنهار "وألطم على وشي من شدة الحزن".

كان نتيجة ذلك صدور تعليمات سرية، وفق ما قالت بعدم ترشيحها لأية أعمال فنية: "قيل كثيراً بلاش محسنة توفيق تمثل، ورئيس التلفزيون كان زوج أختي وقتها هو من أبلغني بذلك، بسبب مواقفي السياسية، وقلت له لن أغير مواقفي، لذلك ظلت هناك تعليمات سرية بعدم ترشيحي للأعمال الفنية".

أما عربياً فاشتهرت توفيق بمواقفها المعادية للاحتلال، فزارت بيروت عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية. أما عام 2006، فزار وفد مصري لبنان في الأسبوع الأخير من عدوان تموز/يوليو، ترأسه جمال مبارك نجل الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك. وقتها كشفت أنها لم تدعَ أساساً لتنضم إلى الوفد، وقالت في مقابلة صحافية في العام نفسه: "لم أفاجأ لأنهم لم يدعوني. هم يراهنون على انتهاء الحرب بعد ساعات، لذا عجّلوا في زيارتهم البروتوكولية إلى لبنان. هل تعتقد أن جمال مبارك كان سيدعوني إلى مرافقته؟ حتى لو طلب مني ذلك كنت سأرفض. اعتذرت مراراً عن تسلّم جوائز وزارة الثقافة المصرية، وأرفض دائماً الحديث مع أي من رموز السلطة المصرية". مضيفة: "لا أنتظر دعوة رسمية. أنا من الشعب، سآتي إلى بيروت مناضلة لا فنانة".

لم يخفت وهج نضال محسنة توفيق طيلة سنوات حياتها. هكذا كانت من أوائل الفنانين الذين نزلوا إلى الشارع إلى جانب الثوار في 25 يناير/كانون الثاني 2011، وقد انتشرت صورها طيلة أيام الثورة وصولاً إلى تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، خصوصاً صوتها في جمعة الغضب وهي تسير قرب مجموعة من القوى الأمنية المصرية لتنضم إلى الثوار.

المساهمون