محرّكات تُصفّر

محرّكات تُصفّر

05 أكتوبر 2015
وسام الجزائري/ سورية
+ الخط -

يحيط الضجيج العام بالمسالك الثقافيّة، حتى أنّه يلتهم الأصوات فيحجبها أو يمعن في تشويه منطوقها. الأمسيات التي تُعنى بالشِعر تصلح للإشارة إلى تجلّيات ذلك، إذ تبدو، في معظمها، مثل محرّكات تصفّر. يهرع إليها بعض العابرين للاستماع إلى هدير بائس. وفي أغلب الظنّ، لا أحد يستمع.

حفلة إطلاق الكتاب أو حفلة توقيعه، مثال آخر، تصاحبها بالضرورة بروباغندا بنوايا "ربحيّة" حيث يمسك الشاعر قلمه الفاخر، فتنثال منه أعذب الكلمات في المجاملة والإطراء. كلمات كفيلة بتوريطه في علاقة مشبوهة مع القارئ والهاوي والمشتري.

إلا أنّ الدخول في مثل هذه التسويات الضيّقة ينسحب على مؤسسات وبرامج متلفزة، برنامج "أمير الشعراء" نموذجاً لحفلات الادعاء هذه. فيه يستجدي المشاركون تصويتاً يجعل منهم نجوماً على الشاشة. رسائل كثيرة تأتي، على إثرها، من هاتف الذائقة القُطريّة العامّة (رسائل "الواجب الوطني"). في حين يغيب النقد، أو يحضر بصيغته المتأخرة، وسط بلاغة فجّة ونفاق مفضوح.

الطريف أكثر أن هذه المساحات سرعان ما تتحوّل إلى معركة للمبارزة، ومملكة للمديح، وبعد ذلك يدرج الرابحون والخاسرون أنفسهم -بطريقة بهلوانيّة- ضمن قائمة المتحدّثين باسم "الجماهير".

لن نجد تعزية سوى أن نردّد ما قاله أحدهم: "لم أكن يوماً ممّن يَشعرون بضرورةِ توسيع قاعدة قرّاء الشِعر، فأنا أشعرُ أنّ من يحتاجونَ الشِعر يجدونَهُ".


اقرأ أيضاً: مبدع شاب بعد الخمسين

المساهمون