محاولات لإقناع الأرملة بالزواج

محاولات لإقناع الأرملة بالزواج

10 يونيو 2020
+ الخط -
وعدنا الأستاذ كمال في آخر سهرة "الإمتاع والمؤانسة" الفائتة أن يحكي لنا قصة أخرى عن شخصية الفتى الغبي "سلمون" الذي كاد والدُه أن يجن ويسيح في الشوارع من كثرة مشاكله، وأكاذيبه.

قال كمال: العم أبو سلمون وقعْ في شر أعماله. هوي بيعرف حق المعرفة إنه إبنه كذاب، ومع ذلك علقت في ذهنه حكاية الأرملة أم حمودة اللي خبره سلمون إنها بتحبه ومستعدة تتزوجه. قال أبو سلمون لحاله (يا لطيف! معقولة أم حمودة بتحبني؟ إبني سلمون قال لي إنه سمعها عم تحكي عني بالخير قدام جارتها أم شحودة. يا ريت لو كان سلمون هالمرة صادق. بصراحة؟ أم حمودة هيي أجمل مَرَة بكل حارتنا).. وفجأة وقف وصاح بصوت عالي (تعال ولاك سلمون.. تعال ركض).. سلمون إجا لعند أبوه بهدوء على طريقة واثق الخطوة يمشي ملكاً.

سلمون: إئمور ياب.

أبو سلمون: قسماً بالله إنته خَيَلْتني وجننتني. الكلام اللي قلت لي ياه عن الست أم حمودة صحيح ولا عم تكدب متل عادتك؟

سلمون: الكلام صحيح. بس هيي ما قالت لأم شحادة إنها مستعدة تتجوز أبو سلمون. أنا سنعتا عم تقول بدي إتجوز الرجال اللي عنده جحشين، وأنا ظنيتها عم تحكي عنك، لأنه عندك جحش واحد، وبتعتبرني أنا جحش تاني.. لكن بلكي كان في بالضيعة واحد غيرك مرته ميتة وعنده جحشين؟ بهالحالة يا ياب إنته بتطلع بالخجلة. أنا ما لي علاقة. تصطفل.

أبو سلمون: طيب. فهمت عليك. بس أنا عندي سؤال تاني.. إذا أنا خطبتها لأم حمودة وهيي قبلت، وعلى فرض أنا وهيي تجوزنا، إنته بتزعل؟


سلمون: بالعكس ياب، أنا بفرح. يوم عرسك برقص ع الطبل، هيك. وقف لقلك شلون، بمسك في الدبكة وبصير بعمل هيك.. دوه دوه دوه. وبسرق من جيبك مصاري وبدفع للطبال منشان يصيح شاباش يا أبو قدور. ياب، أبو قدور يعني أنا. إنته مو إسمك قدور؟ وأنا أبو قدور. بعدين بتصير حياتي ما في أكوس منها، إنته بتتزوج وأنا بفلت على كيفي، بصير بتصرمح وبدور في الشوارع متل الكلب الصآئي.. ولما أنا بفلت في الشوارع متل الكلب بتكون إنته السبب، لإنه كلما جيت عالبيت إنته ومرتك بدكن بتوزعوني. بتتذكر لما كانت والدتي عايشة إنته أشو عملت معي؟

أبو سلمون (باندهاش): أنا؟ أشو عملت معك؟

سلمون: إنته بوقتا كنت بدك ياني إطلع من البيت. شفتني قاعد وعم إقرا في دروسي قلت لي أشو عم تساوي هون؟ ليش ما عم تلعب مع رفقاتك؟ أنا كنت تعبان من اللعب. ما رديت عليك. قلت لي: ولاك سلمون الجحش، شعرك طويل، ليش ما بتروح ع الحلاق وبتحلق؟ هه هه هه، أنا حلفت لك إني لسه حالق شعري من يومين.. إنته قلت لي: إنته حالق شعرك، صح، بس الحلاق مجردمك.. شوف شلون شعرك طويل من هون وقصير من هون. قوم يا الله روح لعنده خلي يصلح لك شعرك. ودفشتني في ضهري حتى تخلص مني. ياب هلق لأيش كل هالحكي؟ روح إنته لعند أم حمودة، وشوف إذا كانت بدها تحط جبناتها على خبزاتك ولا لأ. وإذا بهدلتك مو مشكلة، أنا كل يوم بتبهدل عشرين مرة، وما بيصير لي شي.
ضحك الحاضرون وقالت حنان: واضح إنه سلمون ولد مفلسف.

أم زاهر: مو بس مفلسف. عن جد شي بيمخول. وراح بالله أبو سلمون؟

كمال: أي نعم، راح. وارتكب غلط بيدل على عبطته وقلة انتباهه. تصوري يا أم زاهر، بالغلط دق الباب على أم شحودة، ومن لما فتحت قال لها: بتتجوزيني على سنة الله ورسوله؟ وقبل ما هيي تجاوبه كان أبو شحودة ماسك رقبته من ورا وعم يقله: جاية تخطب مرتي يا أبو سلمون؟ مو عيب عليك!

ولما عرف أبو سلمون إنه غلط، قال لأبو شحودة: ببوس إيدك سامحني، ظنيتها أم حمودة. وفي هاللحظة انفتح الباب المقابل وطلعت أم حمودة وقال له: أشو هالحكي؟ جاية تخطبني أنا؟ أي شو أنا ناقصني مساطيل؟

أبو محمد: بالفعل حكاية لذيذة. وانتهت هون؟

كمال: أبو سلمون عرف إنه إبنه كان عم يكذب عليه متل العادة. رجع ع البيت وهوي زعلان. سلمون صار يهز راسه، وقال له: لا تزعل يو ياب، وحياة عينك أم حمودة بدها تتجوزك.

وطلع من البيت. غاب ساعتين ورجع وقال لأبوه: مشي الحال. حكيت معها. لو تعرف يا ياب كيف لعبت بعقلا.

أبو سلمون: لعبت بعقلا؟ شلون؟

سلمون: قلت لها إذا بتتجوزي أبوي ما بتتندمي. أنا مستعد إترك اللعب والصرمحة ووقف بين إيديكي متل الخادم. طول النهار بخدمك، وإذا شي مرة تضايقتي وعصبتي من شي بهدليني، أنا بتحمل بهدلة قد ما بدك، وإذا كنتي معصبة كتير اضربيني بالشحاطة، وحتى أبوي إذا بتصرخي بوجهه ما بيزعل، لأنه الرجال والمرا لازم يتحملوا بعض، بعدين إنتي مفكرة إنه أبوي ما بيملك في الدنيا غير هالجحشين، يعني الجحش المربوط وأنا، أبوي كذاب حاشاكي، في عنده خمسين دونم أرض بس هوي ما بيقول قدام حدا، وفي عنده أربع دونمات معمر فيهن بيت تلات غرف وصالون، إنتي إذا إجا خطبك خليه يطوب لك هدول الدونمات مع البيت بإسمك، قولي له هدول المهر تبعي، وبتتجوزوا وبتنبسطوا، الدنيا مضيانة يا أم حمودة.

أم زاهر: بدك الصدق يا أستاذ كمال؟ وإنته عم تحكي يا أستاذ كمال أنا صدقت كل شي قاله سلمون.

كمال: وأبو سلمون صدقه. منشان هيك جاب كرباج وصار يضرب سلمون ويقول له: ولاك واطي، ليش كذبت على أم حمودة وقلت لها إني عندي خمسين دونم وبيت مع أربع دونمات؟ يخرب بيتك، أي أنا لو عندي كل هالرزق ما كنت بتجوز أمك الله يرحمها وبخلف واحد جحش متلك؟ هه هه هه. المشكلة إنه أبو سلمون صدق إنه ابنه راح لعند أم حمودة وحكى معها.

منشان هيك راح هوي مرة تانية لعندها منشان يعتذر، ويوضح لها الحقيقة بإنه ما عنده أي ممتلكات غير جحشين، واحد جحش حقيقي، والتاني بمثابة الجحش اللي هوي ابنه سلمون. ولما دق الباب، وفتحت أم حمودة، وبمجرد ما شافته سكرت بوجهه وقالت له: كمان إنته؟ لك إشبك كل شوي بتنط لي؟!
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...