مجرّد ألوان

مجرّد ألوان

25 نوفمبر 2015
يلعن لبنانيون الاستقلال (Getty)
+ الخط -
"ماما، بدي البس أخضر وأحمر، ألوان العلم، ما بدي الأبيض ما بحبه"، جملة عادية يكاد يقولها كل طفل بطرق مختلفة خلال في هذا الوقت من السنة. عيد الاستقلال. العيد الذي لا نحتفل به للسنة الثانية بسبب شغور سدة الرئاسة، وهنا لا يسعني إلا أن أذكر نكتة لصديق سأل باستغراب: "شو هوّ عيد الرئيس؟".

طبعا هو ليس عيد الرئيس، هو عيد الوطن، نفترض ذلك ونحن نعرف أننا نعيش في واقع هو أبعد ما يكون عن هذا الافتراض. تكاد ذكرياتي تكون معدومة عن هذا اليوم. أذكر منه الكثير من الهدوء أو بالأحرى الفراغ. فراغ في الشوارع، بسبب العرض العسكري. فراغ في المدارس والمؤسسات وساعات نوم إضافية.

لم أحب العرض العسكري يوما، ولا تعنيني الفرق العسكرية المشاركة وأجد في استعراضها ثقلا كبيرا. لطالما فضّلت أن أتعرّف عليها، الفرق العسكرية المتنوعة، من خلال عمل أو إنجاز ملموس يؤثّر في حياتي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

يشبه هذا النص الفوضويّ الذي لا أعرف بدايته من نهايته، هذا الوطن الذي نحتفل باستقلاله. وربما نحن البلد الوحيد الذي يترحم جزء من شعبه على الانتداب الفرنسي ويلعن الاستقلال.

يشبه هذا النص المليء بالأفكار كل ما نعيشه. لا شيء طبيعي ولا شيء عادي. تكتشف ذلك عند محاولة تفسير أي حدث سياسي لأي شخص ليس لبنانيا أبّا عن جدّ. هنا فقط تكتشف أهمية الهوية في أن تفهم هذا الوطن. سرياليته ظهرت خلال الشهادات السياسية في المحكمة الخاصة بلبنان. يومها حاول الوزير السابق غطّاس خوري أن يشرح للقضاة الدوليين كيف فاز النائب غسان مخيبر بمقعد نيابي في المتن الشمالي رغم فوز غبريال المر والطعن الذي قدمته ميرنا المرّ. الشرح طال وكانت الدهشة واضحة على وجوه القضاة الدوليين.

بينما نحن، كنا نضحك منهم ومن عدم قدرتهم على فهم تعقيداتنا. الآن لا أضحك، أكتب هذا النص بحزن، حزن حقيقي، فهذا البلد حرمني شعورا بالانتماء. وهو ما لا أريده لابنتي التي أتمنى ألا يبقى عيد الاستقلال بالنسبة لها مجرد ألوان العلم وأغانٍ لا تفهم معظم كلماتها.


اقرأ أيضاً: "كلنا للوطن": ليس كلنا... جزء منا فقط

دلالات

المساهمون