مجدل نَتيل: ما لم يقله الأطفال في غزّة

مجدل نَتيل: ما لم يقله الأطفال في غزّة

08 يوليو 2015
مقطع من العمل
+ الخط -

بعد مرور عام على العدوان الإسرائيلي على غزّة، نتذكّر المكان بصورٍ عديدة، المكان بوصفه كائناً ينمو ويكبر ويهرم، ويتعرّض لكثير من التغيّرات. المكان في غزّة لا يخضع لتغيّرات بيولوجية طبيعية، وإنّما ثمّة حربٌ مدجّجةٌ بالصواريخ والطائرات، تُعيد "تشكيله".

البحر الذي يهدر على ساحل المدينة، شريكٌ أساسيّ في تكوين ملامحها. الآن، حين نستعيده، أو نفكّر أن نعرض قربه عملاً فنيّاً كما فعلت الفنانة الفلسطينية مجدل نتيل، نتذكّر أربعة أطفالٍ، كانوا يلعبون كرة القدم على الشاطئ، قبل أن تستهدفهم قذائف جيش الاحتلال، التي سمّاها لاحقاً، وبكلّ وقاحةٍ، "سوء تصرّف عسكري".

لو أراد هؤلاء الأطفال، وغيرهم، من ضحايا العدوان على غزّة، أن يُرسلوا شيئاً للأحياء الآن، ماذا سيقولون فيه؟ هذا ما تحاول مجدل نَتيل (1987) تقديمه في عملها الذي كُشف عنه اليوم مقابل غرف الصيادين المدمّرة في ميناء غزّة. عمل بعنوان "لو لم أكن هناك"، يتألّف من 400 رسالة متخيّلة من الأطفال الذين أُزهقت أرواحهم في ذلك العدوان قبل عام.

على قصاصات من أكياس الإسمنت التي قُدّمت كتعويض للضحايا في العدوان، كتبت ورسمت نتيل الرسائل. مفارقة جارحة تجسّد الفنّانة عبرها أحلام الأطفال: "فلو لم أكن هناك، لما كنت رقماً في عداد الضحايا في نشرات الأخبار مثلاً"، تقول نتيل في حديثها لـ "العربي الجديد".

عن المكان الذي اختارته الفنّانة لعرض العمل فيه، تقول: "كنت أبحث عن مكان استشهد فيه الأطفال، فتوجهت نحو عدد من الخيارات. لكن، بعد سنة من العدوان، كانت المنشآت التي دُمّرت في شكل طفيف قد أُصلحت، والمنشآت المدمرة بشكل كامل أزيح ركامها".

تفصيل من العمل


وتضيف: "رفضت بعض العائلات ممن قُتل أطفالها التعاطي مع فكرة نصب عمل تركيبي قرب بيوتهم؛ فقادنا المكان الذي قُتل فيه أطفال بكر على الشاطئ إلى ميناء غزة، وتشجعت للفكرة؛ لأن الميناء يحمل رمزية واسعة. فبالنسبة لي، هو مكان جيد لإطلاق الرسائل، كونه واجهة بحرية يفترض أن تكون مفتوحة على العالم".

الحرب من الموضوعات الأساسية التي تُسيطر على أعمال كثير من الفنانين الفلسطيين، خصوصاً في غزّة، التي ما أن تنتهي فيها الحرب، حتّى تبدأ تداعيتها السياسية والاجتماعية، سيما الحديث عن مشاريع إعادة الإعمار، أو إعادة إعمار المناطق السكنية المدمّرة... إلخ.

حول هذا الأمر، تقول نتيل: "العرض فعليّاً هو وليد لهذه السياقات. فالرسائل جاءت بعد الحرب، وفرضت طريقةُ تعويض ذوي الضحايا الخامةَ المستخدمة. علاوة على العلاقة بين أكياس الأسمنت كحافظة لمادة بناء أساسية غير موجودة، ويعتمد عليها إعادة الاعمار، وبين الأطفال الذين يشكّلون طبقةَ بناء أساسية للمجتمع".

سألنا نتيل عن اسم العرض، "لو لم أكن هناك"، الذي يُقام حتى نهاية هذا اليوم، لينتقل الشهر المقبل ليُعرض في "غاليري P21" في لندن، وقالت: "اسمٌ يترك الباب مفتوحاً على العديد من الاحتمالات، فـ"لو لم أكن هناك"، لكنت هنا الآن، ورسمتُ لكم عالمي على ورق أبيض".

العمل كما هو معروض مقابل غرف الصيادين المدمّرة في ميناء غزّة

المساهمون