متى تعود سيناء إلى مصر؟

28 مارس 2016
+ الخط -
أصبحت غربة أهل سيناء على أرضهم واقعا مؤلماً، والمسافة تتسع فعليا بين سيناء ومصر في نفوس أبناء سيناء.
بدأت الآن أدرك خطر قناة السويس لا فائدتها. كيف فصلت سيناء عن مصر من حيث الواقع المادي المجرد بمانع مائي، ومن حيث شراكة القوى الاقتصادية في جزء من الوطن، وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة تخصه. لكن الفصل المعنوي لم يكن موجودا حتى جاء عبد الفتاح السيسي ونظامه، فلو راجعنا العمليات الإرهابية العنيفة والدموية خلال عشر سنوات، نجد أنها ثلاث عمليات في فترة حسني مبارك، ولا شيء في فترة الثورة، وعملية واحدة في فترة محمد مرسي، وأكثر من ألف يتحمل السيسي مسؤوليتها جميعها.
في ذهاب الشؤون المعنوية وأعلام الانقلاب لتبرير وتمرير حالة الفشل الذريعة على الأرض أمام العمليات المسلحة، وظهور القوات عاجزة وقدراتها القتالية متدنية، جاء التحريض على المواطن السيناوي، لتبدأ قصة التغريبة السيناوية.
من حملة التحريض، أخذت القوات سياسة توسيع دائرة الاشتباه، واستباحة حرمة البيوت والدماء، فهدم البيوت سلوك طبيعي إذا حامت الشبهة حول صاحب البيت، أو وشى به أحد عملاء المخابرات، والتعذيب في معسكرات الجيش والشرطة شيء طبيعي لكل من يسوقه قدره إلى هناك، فإذا لم يكن لدى السيناوي معلومات كافية عن الولاية يتم تعذيبه، لأنه في عرفهم يحجب المعلومات ويتماكر، ولا يقول الحقيقة، وعليه أن يعترف، حتى لو لم يكن لديه شيء يقوله، فالتعذيب الذي يفضي به غالبا إلى الموت أو إلى رحلة طويلة من الاعتقال.
جاء سلوك هذه القوات في الوقت نفسه الذي سقطت فيه المنظومة القضائية في فخ التسيس، وتبنيها رأي السلطة والجنوح إلى تنفيذ طلباتها، والتهليل الإعلامي للرواية الرسمية، وعدم السماح بسماع غيرها، وتأثير ذلك على فكرة المواطن البسيط عن سيناء وأهلها جعل سلوك هذه السلطة أقرب إلى سلوك دولةٍ عنه من سلوك سلطة، دولة تشارك بكل مؤسساتها في صناعة هذه التغريبة.
الدولة التي من المفترض أن تكون حاضنةً ترعى مصالح أبنائها، وتوفر لهم أسباب العيش الكريم، وتدفع عنهم الخطر أياً كان مصدره، وتوفر للمواطن أمنه على نفسه وأهله وماله، وتضمن حالة مساواةٍ بين أبنائها في الحقوق والواجبات، فيشترك كل من يعيش على أرضها في الدفاع عنها، والمحافظة عليها، والبذل في سبيل رفعتها. هذه الدولة تحولت، في نظر السيناوي، خصوصاً الذي يسكن المنطقة الشرقية إلى مصدر تهديد، فلا هي وفرت أسباب حياة محترمة، ولا مقومات حياة أساسية، بل انتقلت هذه الدولة، وبكل مكوناتها، إلى مصدر تهديد، وفقدت كل قيمة أساسيةٍ، لا تتخلى عنها مؤسسة مسؤولة في الدنيا، كالحيادية والمصداقية وصون الحقوق والحريات، حالة جعلت الأم عدواً، والأخ خصما، والوطن غربة، فلا يأمن المواطن جالسا في بيته، ولا سائرا على الطريق فضلا عن أن يكون مطالبا بحق أو مستصرخاً من ظلم، فقد وضعته دولته بكل مكوناتها في خانة الخصومة والعداوة، ولا أمل في حالة إنصاف لا من القضاء ولا السياسيين، ولا النخبة ولا الإعلام، فضلا من أن تأتي من الجيش أو الشرطة.
ولكي تكتمل المأساة، وتحبك المعاناة فصولها على أهالي سيناء، فتجعلهم في أعلى درجات التراجيديا سوداوية، جاء البديل ليكون داعش، بما هي فيه من حالة عداء عالمية واجتماع الشرق والغرب على حربها، مع الجوار الإسرائيلي والغزاوي الذي تسيطر عليه حماس، ليكون معنى سيطرة داعش جلب التحالف الدولي لحربها، أو إعادة الاحتلال الاسرائيلي، بما سيجر ذلك من مآس أخرى على أهل سيناء.
أصبح يقينا عند السيناوي أنه سيعيش أبداً في إطار التهميش والتخوين، أو سيطرة لداعش، بما يعني ذلك من اجتماع الشرق والغرب، ومعهم النظام المصري، لصب براميل المتفجرات فوق رؤوسهم، ليكون أهل سيناء أمام خيارين، أحلاهما مر.
F15576CA-C027-4153-9AED-97B150E3B3AA
F15576CA-C027-4153-9AED-97B150E3B3AA
يحيى عقيل (مصر)
يحيى عقيل (مصر)