وبالرغم من أنه تبقى أكثر من 60 يوماً على موعد الانتخابات، إلا أن الخريطة الحزبية للعرب في الداخل تتجه نحو مزيد من التفكيك، ما يبعث على مزيد من الإحباط والنفور من المشاركة، في وقت تبدو فيه للوهلة الأولى الخلافات بين الأحزاب بأنها شخصية أو على ترتيب المقاعد. لكن الوقائع أن حالة التفتت الحالية زادت من سوئها توصيات لجنة الوفاق الداخلية التي منحت تقسيماً غير منطقي لمقاعد الأحزاب الأربعة وهي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة الإسلامية، والحركة العربية للتغيير، في لائحة واحدة، بما يكرس هيمنة للحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية التي تشكل الغطاء الرسمي الأوسع للحزب.
تهدد هذه الحالة بأن يتوجه الفلسطينيون في الداخل إلى الانتخابات الإسرائيلية في السابع عشر من سبتمبر/أيلول المقبل، في أكثر من قائمة، وهو ما يضعف التمثيل العربي في الكنيست (علماً بأن هذا التمثيل في ظل انزياح إسرائيل نحو الفاشية، يبدو غير فعال). لكن الأخطر من تراجع التمثيل البرلماني للعرب في الداخل هو ظاهرة عودة الأحزاب الصهيونية لاختراق المجتمع الفلسطيني، وتحويله إلى مخزون للأصوات لليسار والوسط في إسرائيل، وتحقيق مكاسب انتخابية تعني بالضرورة ضرب وإضعاف الهوية الفلسطينية لجهة استعادة تيار الأسرلة والاندماج لقوته على حساب البعد القومي والوطني، والابتعاد عن الاشتغال بالهم القومي وتحويل قضية الفلسطينيين في الداخل إلى مسألة تحسين مستوى المعيشة وخدمات وميزانيات صحة وتعليم لا غير.
الكنيست ليس مربط القوى الوطنية ولا هو "خشبة خلاص المجتمع الفلسطيني"، لكن المشكلة تنبع في حالة المجتمع الفلسطيني في الداخل، كما تكمن في فشل الأحزاب العربية والحركات السياسية المختلفة، في بناء إطار وطني بديل، كان يمكن للجنة المتابعة العليا أن تشكله لولا حالة الشلل التي تعيشها.