متاحف الإسكندرية مغلقة حتّى إشعار آخر

متاحف الإسكندرية مغلقة حتّى إشعار آخر

03 يونيو 2014
من يتحمّل خسائر مئات العائلات؟
+ الخط -

تواصل أبرز متاحف محافظة الإسكندرية إغلاق أبوابها أمام السيّاح الأجانب والزوار المصريين، للتجديد والصيانة أو الانفلات الأمني الذي لم يتحسّن منذ الانقلاب العسكري. ما يؤثر سلباً في الإقبال السياحي على المدينة.

وعلى الرغم من تميّز الإسكندرية بآثارها العريقة التي ترجع إلى عصور وحضارات متعاقبة، من الفرعونية إلى القبطية والإسلامية، إلا أنّها باتت خالية تقريباً من المتاحف. إذ لم يبق إلا المتحف القومي مفتوحة أبوابه. وهو الذي يُعتبَر النافذة الوحيدة أمام زائري المدينة من بين 6 متاحف أخرى مغلقة.

متحف المجوهرات مغلق، وهو يضمّ مقتنيات الأسرة التي حكمت مصر، من مجوهرات وحلي ملكية نادرة، بدءاً من محمد علي باشا، حتّى فاروق الأوّل. والإغلاق هو إجراء احترازي لمنع سرقته، كما هو معلن.

كما يخضع، لأعمال ترميم وتطوير، المتحف اليوناني الروماني، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1892 ويضم نحو مئتي ألف قطعة أثرية نادرة عُثِرَ عليها في الإسكندرية ومحيطها، تروي سيرة مرحلة مهمة من تاريخ مصر ومنطقة البحر المتوسّط.

وتوقف العمل في متحفي الفسيفساء والآثار الغارقة، اللذين أعلن إنشاؤهما أكثر من مرّة بعد دراسة أجراها خبراء وأثريون حدّدوا مقتنياتهما. ولا أحد يعرف موعد الافتتاح. مصير يشبه مصير المتحف البحري، الذي يتميّز بكونه متحفاً نوعياً يؤرّخ لتاريخ وأمجاد البحرية المصرية عبر العصور.

الخبير الأثري أحمد عبد الفتاح، عضو اللجنة الدائمة للآثار المصرية، قال لـ"العربي الجديد" إنّ "إغلاق المتاحف الأعرق في تاريخ الدولة المصرية خسارة لا تُقَدَّر بثمن وتُهدّد بتلف القطع الأثرية التي كانت معروضة فيها والمخزّنة حالياً، وذلك لطول مدّة التخزين وللتغييرات المناخية وارتفاع نسبة الرطوبة في هذه المناطق".

وحذّر مما وصفه بـ"هوجة الغلق"، واتّهم المسؤولين عن المنظومة الأثرية بـ"الإهمال بسبب قراراتهم العشوائية"، وأكّد بأنّ هذه الإجراءات "ستوقف أو تخفّض الكثير من الموارد المالية التي تساهم في انتعاش ميزانية الوزارة". وأشار إلى أنّ "المشكلة وصلت إلى حدّ القضاء على أيّة أفكار بإنشاء متاحف جديدة، كما حدث مع المتحف الأثري البحري الذي أُعلِن افتتاحه أكثر من مرّة في مياه البحر بالإسكندرية، وتكرّر مع متحف الفسيفساء الذي يضمّ مكوّنات من أرضيات فسيفساء قصور الإسكندرية القديمة ومعابدها وفيلاتها وأبنيتها الفخمة التي اختفت تحت الأرض".

ولفت علاء حجازي، صاحب محل بازار وفضيات في وسط الإسكندرية، إلى أنّ "معظم المزارات والمتاحف السياحية في مدينة الإسكندرية رفعت شعار "مرفوع مؤقتاً من الخدمة"، مقابل بعض الأماكن التي فتحت أبوابها بخجل. وأكّد لـ"العربي الجديد" بأنّها "غير كافية لجذب السيّاح إلى المدينة بعد أن كانت المتاحف هي الوجهة الرئيسية لهم". وانتقد حجازي "تبريرات السلطات بالمخاوف الأمنية من تعرّض المتاحف  لخطر النهب، دون النظر إلى الآثار السيئة على المستويين الداخلي والخارجي".

 يتّفق معه محمد سعد، عضو شعبة السياحة بالغرفة التجارية، مطالباً السلطات الأمنية والمحلية "بتوفير حلول بديلة بالتعاقد مع شركات خاصّة لتأمين المتاحف". وقال لـ"العربي الجديد": إنّ الإهمال الذي طال قطاع الآثار في مصر بصفة عامة والإسكندرية تحديداً "جعل المئات من القطع الأثرية حبيسة داخل صناديق لا يستطيع الزائر أن يشاهدها أو يزورها، ما انعكس بشكل بالغ السوء على تجارة أصحاب البازارات وغيرهم من المهن التي تنتعش مع  سياحة الآثار".

ودعا فؤاد عبد التواب، الناشط الأثري في الإسكندرية، إلى "إطلاق وتدشين حملة دولية بالتعاون مع منظمة "يونيسكو" العالمية، ورابطة المتاحف العالمية، من أجل تسريع الانتهاء من إعادة إنشاء وتطوير المتاحف في الإسكندرية، لأنّها تتعرّض إلى مخاطر متزايدة تهدّد استمرارها". وطالب في حديث لـ"العربي الجديد" بـ"وضع جدول زمني بواسطة لجنة دولية تحت الإشراف المصري ممثلاً في المجلس الأعلى للآثار، لتوفير منح مالية وفنية عاجلة لإنقاذها".

بدوره قال اللواء طارق المهدي، محافظ الإسكندرية، إنّ "نقص الموارد المالية هو أهمّ أسباب تأخّر عملية تجديد وترميم المعابد والمتاحف والأماكن الأثرية، إلى جانب الحراك السياسي الذي تعيشه مصر". وأكّد لـ"العربي الجديد" بأنّ "مشروع ترميم المتحف اليوناني الروماني استغرق سنوات طويلة، وتم هدم المتحف بالكامل ما عدا واجهته، كما سيتم إعادة فتح متحف المجوهرات الذي أغلق أمنيّاً خوفاً على مقتنياته الثمينة والنادرة جداً التي لا يمكن المجازفة بتعريضها إلى الخطر، كما نعمل على دراسة إنشاء مركز الآثار الغارقة". وختم "الإسكندرية تمتلك العديد من المقومات الأساسية لتحقيق الإقبال السياحي على المدينة، مثل المتحف القومي المصري ومقابر كوم الشفافة وعامود السواري".

دلالات

المساهمون