Skip to main content
مبادرة طلابية سورية تشكر الدنماركيين بمناسبة العام الجديد
ناصر السهلي ــ كوبنهاغن
رسائل شكر من الطلاب السوريين (ناصر السهلي/العربي الجديد)
أثارت مبادرة توديع عام 2017 لطلاب من اللاجئين السوريين شكروا فيها الدنماركيين على استقبالهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفاً شعبياً وتفاعلا إعلامياً مع مقاطع فيديو بدأت تنتشر منذ يوم أمس السبت. وهي أيضا مبادرة شارك فيها العديد من الشباب السوريين الذين يتابعون تعليمهم في عدد من دول الاستقبال لإبراز صورة إيجابية عن اللاجئين السوريين مع نهاية العام واستقبال العام الجديد 2018.

ووجّه شبان وشابات من اللاجئين السوريين التحية للدنماركيين عبر صفحة "طلبة سوريون في الدنمارك" على فيسبوك، تحت عنوان "نحن نعيش في بلدكم وأنتم في قلوبنا"، بمشاركة ممثلين لطلاب الهندسة والصيدلة والثانويات.

وتضمنت أشرطة "التحية" صورا من سورية قبل وبعد الحرب. ووجّه الشاب عمار إبراهيم، طالب الماجستير في جامعة كوبنهاغن، رسالة إلى الشعب الدنماركي، رغم صعوبة اللغة الدنماركية ونطقها، قال فيها: "لقد حضرنا من بلد جميل ومن مجتمع فيه الأطباء والصيادلة والمدرسين كما في الدول، ولكننا اضطررنا للانتقال من بلد إلى آخر". ويقف عمار خلف المبادرة التي تمت مشاركتها آلاف المرات وبتعليقات إيجابية، على عكس ما ساد مؤخرا من نشر آراء سلبية عن اللاجئين السوريين في الدنمارك وغيرها من دول أوروبا.

وبهذه المناسبة قامت المحطات التلفزيونية الدنماركية، اليوم الأحد، بنشر مقتطفات من رسائل السوريين الطلبة الذين أبلغ بعضهم عن الفترة الزمنية التي أقام فيها في البلد وما يفعلونه "لرد الجميل وشكر الدنمارك، فنحن نريد أن نظهر ما نفعله بعيدا عن النظرة السلبية التي أحاطت بنا كبشر، وعشنا تجارب عديدة في المجتمع الدنماركي، ونود أن نظهر السبب الحقيقي لقدومنا إلى هنا"، بحسب ما يقول عمار.

وما يدور في بال الطلاب السوريين أن "الدنماركيين يفكرون بأن اللاجئين مجرد أناس لا يقومون بشيء وأننا حضرنا من مجتمع كسول"، وفقا لعمار في شرحه هدف الشريط.



ويقيم المشاركون حسب رسالة الشكر​ في المتوسط  بين سنتين إلى أربع سنوات في الدنمارك، من بين عدة آلاف استقبلتهم كوبنهاغن، وطاولتهم تشديدات في القوانين منذ 2015 في ظل حكومة يمين الوسط، وبتأثير من اليمين المتشدد في حزب "الشعب الدنماركي"، وخصوصا في ما يتعلق بالإقامة المؤقتة ولمّ الشمل وتزايد المطالب بإعادة هؤلاء إلى سورية، أو المناطق التي تشهد استقرارا أمنيا.

حاولوا إيصال رسائل إيجابية (ناصر السهلي/العربي الجديد)


ومعظم المشاركين في الرسالة هم طلاب جامعيون أو عاملون بدوام كامل، ورغم ذلك يشعر هؤلاء اللاجئون السوريون، بمن فيهم أصحاب المراكز المرموقة والفاعلون في سوق العمل، أن الدنماركيين "لديهم انطباعات خاطئة عن السوريين في بلدهم". وتنتشر نظرة نمطية سلبية عن هؤلاء، عززتها مؤخرا شهادة عضو البرلمان ومقرر شؤون الهجرة في حزب المحافظين، الشريك في حكومة يمين الوسط، ناصر خضر، حين التقى حوالي 50 سيدة سورية للتحدث عن الاندماج، ليدلي بشهادة تقول: "هؤلاء النسوة لم يكن في بالهن وكلامهن أي احترام للمجتمع الدنماركي وكل ما يفكرن به هو كم سيحصلن من النقود أو الامتيازات".

فيما اعتبر بعضهم أن "سؤال النساء عن قيمة المساعدات ارتبط بتشديد القوانين والتخفيض الذي طاولهن وأسرهن، فمن الطبيعي أن يسألن في مرحلة الدمج عن هذه الأمور، وخصوصا لعضو برلمان من أصل عربي، هن معتادات في بلدهم أنه يملك نفوذا وأجوبة على كل شيء"، بحسب ما عقب الخبير في شؤون الهجرة جون أوسترغوورد.

تكسير الصورة النمطية عن المهاجرين السوريين (ناصر السهلي/العربي الجديد) 


ووفقا لدراسة حديثة، وأرقام مركز الإحصاء الدنماركي، فإن السوريين في الدنمارك وصل عددهم حتى يونيو/حزيران الماضي إلى 15 ألفا، وهو رقم يبدو ثابتا تقريبا مع إغلاق البلد في وجه المهاجرين، وبمتوسط أعمار بين 24 و64 عاما، وباتت الجالية السورية هي السادسة حجما من بين الجاليات المهاجرة.

وتذهب دراسة لمؤسسة روكويل، وأرقام رسمية لدائرتي الهجرة والإحصاء الدنماركي، إلى اعتبار "أرقام الطلبة بين اللاجئين السوريين ما تزال منخفضة، وخصوصا بين الذين حضروا في السنوات الأخيرة"، وهي إشارة أعادت القناة الرسمية الدنماركية التذكير بها اليوم الأحد على موقعها الرسمي. وتشير الأرقام إلى أنه 2 من كل 3 لاجئين سوريين أنهوا فقط الابتدائية في بلدهم، وأنه من بين البقية فقط 3 في المائة أنهوا مرحلة تعليم عال.

وجهوا التحية للمجتمع الدنماركي (ناصر السهلي/العربي الجديد)  


وبالرغم من كل الإشكالات المثارة حول تصرفات سلبية من قلة من اللاجئين السوريين، وانتشارها في وسائل الإعلام وعلى لسان السياسيين في خطاب لا يخلو من التعميم، فإن جهدا كبيرا يبذله الأكثر تعليما، من بين السوريين الشباب لجعل الصورة "أكثر توازنا". وفي هذا السياق يتجه بعض هؤلاء لعرض قصصهم على القنوات التلفزيونية الدنماركية "للاستفادة من تجارب النجاح في المجتمع الدنماركي"، كقصة الشاب صالح فلاح الذي أصبح طالبا في الثانوية وبلغة دنماركية ممتازة بعد أقل من عامين من حضوره لاجئاً، وقد عرضت قناة دنماركية قصته.