ما بعد "ليلى"

ما بعد "ليلى"

01 اغسطس 2019
ضد القمع (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
لا وقت للتفكير أو القراءة أو التشاور مع الآخرين. أولئك الذين لا يُطلقون موقفاً من أي شيء، وبمناسبة أو من دون مناسبة، منبوذون اجتماعياً. والنبذ هنا ليس واضحاً تماماً، أو مباشراً، لكنّه موجود. ماذا يعني ألّا يكون لك موقف من أغنيات "مشروع ليلى"؟ في هذه اللحظة، وبمجرد أن تُثار قضية من هذا النوع، تُصبح مطالباً بالتحوّل إلى ناشط مدافع، حتى قبل الاطلاع على أي تفاصيل. أن تكون ضد مشروع ليلى يعني أنك موافق على قمع حرية الرأي والتعبير. وأن تنتقد أغنيات وموسيقى من الناحية الفنية، يعني أيضاً أنك موافق على قمع الحريات. وإلّا، ما هو دافعك لإثارة هذه القضية الثقافية في هذا الوقت بالتحديد؟

في هذه الحالة، أنت تتحدّث عن "رداءة" فنية ما لتبرّر القمع، علماً أن الحريّة تقول أن تعبّر الفرقة عمّا ترى أنه يمثلها، وتعبّر أنت عن موقفك أيضاً.

كلا المدافعين عن الحريات يفتقد إيماناً حقيقياً بـ "الحرية". وهذا نقاش ثالث. والحرية هي "الخلوص من الشوائب أو الرق أَو اللّؤم"، و"الحرية حالة يكون عليها الكائن الحيّ الذي لا يخضع لقهر أو قيد أو غلبة ويتصرّف طبقاً لإرادته وطبيعته، خلاف عبوديّة"، وحريّة الكلام هي القدرة على التصرّف بملء الإرادة والاختيار، وهي مذهب سياسيّ يقرّر وجوب استقلال السلطة التشريعية والسلطة القضائية عن السلطة التنفيذيّة، ويعترف للمواطنين بضروب مختلفة من الضمان تحميهم من تعسّف الحكومات، نقيض مذهب الاستبداد بالسلطة"...

لكنّ في نقاشاتنا اليومية عن الحرية، دائماً ثمّة اتهامات أكثر منها دفاعات عن الحرية كقيمة وحقّ. ثُمّ تُزجّ تلك العبارة التي قد يستخدمها أي مضطهد للحقوق في لبنان، وربما بلد آخر، وهي أن "حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين".

وفي لبنان مدافعون عن الحقوق والحريات. ومهمّة هؤلاء رصد هذه الانتهاكات وتوعية المجتمع حولها والدفاع عن المضطهدين.




الحريّة في لبنان لا تبدو مختلفة كثيراً عن عدم القدرة على صوغ كتاب تاريخ موحد. لبنان كبلد في حدّ ذاته وجهة نظر، وتكر وراءه سبحة من وجهات النظر. أما الاتفاق على أساس للنقاش فصعب. والقضايا هنا تتحوّل في النهاية إلى آراء منفردة تمثل أشخاصاً بعينهم، حتى لو كانت صادرة عن جهات حكومية. وكل اتفاقيات حقوق الإنسان التي صدّق عليها باتت تجعله أقرب إلى المدّعي. بعد كل هذا، من حقّنا في لبنان أن تكون هناك أسس واضحة للحقوق، ولاحقاً موحدة لفترة من الزمن، بعد الإمعان في دراستها. وهذا لن يحصل، وسنترقب الأسبوع المقبل أو الذي يليه قصة جديدة ستشغل وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون