مايا في مسرح المدنية: الجدل لن ينتهي قريباً

مايا في مسرح المدنية: الجدل لن ينتهي قريباً

14 مايو 2017
مايا دياب (فيسبوك)
+ الخط -
أعلن مسرح "المدنية" في شارع الحمرا ــ بيروت عن استضافته لعرض يجمع المغنية اللبنانية مايا دياب، والراقص اللبناني ألكسندر بوليكيفيتش على أنغام التخت الشرقي، ضمن عرض بعنوان "غير شكل"، يوم غد الاثنين.
ومنذ أن تم الإعلان عن العرض، قام رواد وجمهور مسرح "المدينة" بالتعبير عن رفضهم واستيائهم من إدارة المسرح، بسبب استضافتها للفنانة مايا دياب. فاعتبروا أن هذه الاستضافة لا تناسب تاريخ المسرح العريق، إذ إنّ دياب لا تنتمي للبيئة الثقافية أو الفنية، التي ينتمي جمهور المسرح إليها، فرفضهم لدياب ليس نابعاً فقط من رفضهم لشخصيتها، وإنما هو رفض لدخول الشريحة الكبيرة من الناس الذين يتابعونها ويحبونها.
وساهم "منشور" على موقع "فيسبوك" للممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات باعتلاء نغمة الرفض، وطاولت حملات الهجوم مؤسِّسة مسرح "المدينة" نضال الأشقر، حيث انتقدت أبو فرحات بمنشورها أسعار تذاكر عرض دياب التي وصلت إلى 200 دولار أميركي، بينما لا يتجاوز سعر تذكرة أغلب عروضها الـ25 دولارا أميركيا. وسخرت أبو فرحات من الفن الذي تقدمه دياب، مستغلة عبارة "تخت شرقي" في البوستر الترويجي، لتلمح إلى الإيحاءات الجنسية في الفن الذي تقدمه دياب، وتلمح إلى أن جمهور دياب لا يهتم سوى بالجانب الجنسي وبشكل مايا دياب الخارجي، رغم أن أبو فرحات نفسها لا تعتبر فنانة محافظة، فهي من الفنانات اللواتي لا يمتنعن عن تقديم مشاهد جريئة في النص والأداء ضمن سياق الأعمال الفنية.
موجة الانتقاد تلك جعلت نضال الأشقر، مؤسسة ومديرة مسرح "المدينة"، تخرج عن صمتها، حيث صرحت بأن دياب تبرعت بإقامة حفلة مجاناً، ويعود ريعها لتسديد ديون مسرح "المدينة"، وأضافت: "ما خصّن بمسرح المدينة، نحن من ندير المسرح، ولا أحد يديره عنا، ونحن نقرر من يحيي الحفلات فيه".
ويبدو رفض دياب بهذا الشكل ليس مبرراً، فلا يمكننا أن ننكر بأن دياب تقدم عروضا استعراضية غنائية ترفيهية تجذب عدداً كبيراً من المتابعين، فكيف يرفضها رواد المسرح؟ ألا يسعى المسرح بطبيعته للترفيه؟ أم أن رفضهم نابع من شهرة دياب ومركزيتها.
ولعلّ الأزمة التي أحدثها الإعلان عن عرض دياب، تعيد فتح النقاش حول رفض النخبة الثقافية في لبنان والعالم العربي، لكل ما هو مختلف. كما أن تعليب الفنانين "التجاريين" داخل علب أحكام اخلاقية وفنية جاهزة لا تبدو مناسبة للتطورات السريعة التي يشهدها العالم العربي سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفنياً.
وفي حالة دياب شخصياً فإن عارضة الأزياء والمذيعة والفنانة اللبنانية سبق أن أكدت من خلال تصريحاتها ومواقفها أنها من خارج صفّ الفنانات "البلاستيكيات" حصراً. فدياب تحدّثت في السنة الأخيرة عن مواضيع سياسية واجتماعية شائكة في العالم العربي، وامتازت بمواقفها بتقدمية لافتة، وبعدم مراعاة للخطوط الحمراء التي يفرضها المجتمع العربي المحافظ. كما أنّ عرض الراقص الشرقي ألكسندر بوليكيفيتش الذي يرافق دياب يوم الاثنين يعتبر خطوة إيجابية، خصوصاً أن بوليكيفيتش نفسه وجه من الوجوه الفنية الثقافية في لبنان.

لكن كل ذلك لم يشكل بادرة لتقبل دياب من قبل جمهور المسرح، بل إن إدارة مسرح "المدينة" أيضاً، قدمت دياب بشكل سيئ، فالبوستر الدعائي يحاول أن يكون جاداً ومتسقاً مع عراقة مسرح المدينة، فيبدو لوهلة لا يركز على السحر والإغراء بشخصية دياب، ومن ناحية أخرى يلعب دوراً تجارياً من خلال صف المعلومات بشكل يوحي بأن مايا دياب هي من ستمارس الرقص، ولا يشرح شيئاً عن شخصيات باقي المشاركين بالحفل. على الرغم من أن الراقص بوليكيفيتش، الذي لم يشر إليه في البوستر، قدم من قبل عرضاً راقصاً بعنوان "إلغاء"، وهو أول عرض عربي راقص، يركز على الرقص البلدي، وينقله من الكباريهات إلى خشبات المسارح، ويحمله مواقف ورسائل إنسانية.

المساهمون