ماكرون في لبنان... مساعدات فرنسية قادمة أم دعوة للإصلاح الاقتصادي؟

ماكرون في لبنان... مساعدات فرنسية قادمة أم دعوة للإصلاح الاقتصادي؟

بيروت

العربي الجديد

العربي الجديد
06 اغسطس 2020
+ الخط -

يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إلى بيروت، بعد يومين من الانفجار الضخم الذي حوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة "منكوبة" في حال طوارئ، تسودها الفوضى والدمار.

وسيكون ماكرون أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة التي وقعت، الثلاثاء، ليعاين وضعاً "كارثياً" مع مقتل ما لا يقلّ عن 135 شخصاً، وإصابة خمسة آلاف بجروح، وفق حصيلة لا تزال غير نهائية، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين، وبات مئات الآلاف فجأة دون مأوى ولا موارد جراء الانفجار.

وسيزور ماكرون موقع الكارثة، ويلتقي المسؤولين اللبنانيين الرئيسيين، قبل أن يعقد مؤتمراً صحافياً حوالى الساعة 18,30 مساءً، ثم يعود إلى فرنسا.

واليوم الأربعاء، قال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة، في تصريحات تلفزيونية، إنّ القدرة المالية للدولة اللبنانية وبنوكها "محدودة للغاية"، وإن لبنان ليس لديه القدرة المالية على مواجهة تداعيات الانفجار دون مساعدة دولية.

وأرسلت عدة بلدان، من ضمنها فرنسا، فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمر المرفأ وقسماً كبيراً من العاصمة، وقالت السلطات اللبنانية إنه نتج من حريق اندلع قرب مواد مخزنة شديدة الانفجار.

وتدور تكهنات في لبنان حول سبب الزيارة التي يقوم بها ماكرون، وفيما يحصرها البعض بالتضامن الإنساني، تشير معلومات أخرى إلى أن فرنسا تسعى إلى حثّ الحكومة اللبنانية على تنفيذ الإصلاحات اللازمة التي تشجِّع المانحين في مؤتمر سيدر الذي عُقد في باريس في عام 2018، على تحرير ما يربو على 12 مليار دولار من القروض والمنح.

كذلك إنّ القيام بالإصلاحات، ومن ضمنها مكافحة الفساد، يمكن أن يشجع دولاً ومؤسسات دولية على تقديم مساعدات إضافية إلى لبنان.

وبعد تخلّف لبنان عن سداد ديونه لأول مرة، في مارس/ آذار، تعهّدت الحكومة بتطبيق إصلاحات، وأطلقت محادثات مع صندوق النقد الدولي تهدف إلى الحصول على مساعدات بقيمة مليارات الدولارات.

لكن المحادثات توقفت بعد خلافات بين الأحزاب والمسؤولين الماليين والنقديين حول تقدير الخسائر وحول الفئات التي ستتحمل جزءاً من الإصلاحات، وخاصة المنظومة المصرفية.

وتأتي زيارة ماكرون، بعدما حلّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في لبنان في منتصف الشهر الماضي، وقال عقب اجتماعه بالقادة اللبنانيين في بيروت: "ساعدونا لكي نساعدكم هي الرسالة في زيارتي"، مضيفاً أنّ باريس مستعدة لحشد الدعم، لكن يجب أن يسبق ذلك تحرك ملموس في ما يتعلق بالإصلاح.

وأضاف لودريان: "دعونا لا نتوهم، ليس هناك حل بديل من الصندوق للسماح للبنان بالخروج من الأزمة، الحاجة للإصلاح معروفة للجميع". واعتبر  أن ما تحقق حتى الآن من خطوات في قطاع الكهرباء "ليس مشجعاً".

وأضاف، في مؤتمر صحافي ببيروت: "فرنسا ستقف دوماً إلى جانب لبنان، لكن كي ينجح المسعى، على السلطات اللبنانية أن تؤدي حصتها من العمل". وأشار لودريان إلى أنّ من الضروري أن يحترم لبنان سياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة.

ولكن بعد أيام من زيارة لودريان، قال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، إن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبلاده لم تحمل جديداً.

وأوضح دياب، في كلمته التي نشر مضمونها عبر حسابه على "تويتر": "زيارة لودريان لم تحمل معها أي جديد، والوزير الفرنسي لديه نقص في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية في لبنان".

وأضاف أن وزير الخارجية الفرنسي اشترط تحقيق إصلاحات لتقديم مساعدات إلى لبنان، من خلال المرور عبر صندوق النقد الدولي، "ما يؤكد أن القرار الدولي حتى الآن هو عدم مساعدة لبنان".

وشدد دياب على "أهمية توحيد الموقف اللبناني بالمفاوضات مع صندوق النقد، والانتقال بسرعة إلى المرحلة الثانية للمفاوضات، والعمل على وقف حالات الابتزاز التي يتعرض لها لبنان"، دون تفاصيل أكثر.

وأتى الانفجار وسط أزمة اقتصاديّة خانقة لم يشهد لها لبنان مثيلاً في الحقبة الحديثة، تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا الجديد الذي أدى إلى فرض الحجر لأكثر من ثلاثة أشهر على اللبنانيين.

كذلك وقعت الكارثة في ظل نقمة شعبيّة على كلّ الطبقة السياسيّة التي يتّهمها المواطنون بالعجز والفساد، فأججت غضباً متصاعداً تجلّى خصوصاً عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأبدت منظّمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، الأربعاء، خشيتها من حصول "مشكلة في توافر الطحين" في لبنان "في الأجل القصير" بعدما أتى الانفجار على أهراءات قمح.

وبدا واضحاً أنّ الإهمال هو السبب الأول للانفجار، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "علقوا_المشانق"، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.

وتعيش الجاليات اللبنانية عبر العالم حالة صدمة وهي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة. ورأى المتخصص في الفلسفة واللاهوت الفرنسي اللبناني أنطوان فليفل أنّ "هذه المأساة دليل إضافي على انعدام كفاءة الطبقة السياسية التي حكمت لبنان منذ عدة عقود".

من جهتها، قالت المهندسة سيمونا سابا المقيمة في فرنسا منذ عشر سنوات: "لا أرى ثغرة للهرب، إنّه سقوط إلى الجحيم". وقالت مصادر أمنية إنّ سلطات مرفأ بيروت والجمارك والأجهزة الأمنية كانت على علم بوجود مواد كيميائية خطرة مخزنة في المرفأ، لكنها تتقاذف مسؤولية الملف.

وعلى إثر الانفجار، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان، الأربعاء، إرجاء إصدار حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005 "احتراماً للعدد الكبير من الضحايا"، و"بهدف احترام الحداد الوطني الذي أُعلن في لبنان لثلاثة أيام".

ذات صلة

الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة

منوعات

تراجعت مجلة فوربس عن حفل تكريم أكثر 40 امرأة تأثيراً في فرنسا، وذلك بعد حملة تحريض في باريس، على المحامية من أصول فرنسية ريما حسن
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.

المساهمون