ماريا عليان في "سمعتوها معني"... كوميديا نسوية

ماريا عليان في "سمعتوها معني"... كوميديا نسوية

22 اغسطس 2020
تقدم البرنامج الأردنية ماريا عليان (سمعتوها مني/فيسبوك)
+ الخط -

على الرغم من الأعداد الكبيرة التي وصلت إليها القنوات والفيديوهات العربية على موقع "يوتيوب" الذي أتاح للشباب العربي هامشاً أكبر من الحرية لتقديم عروضهم المستقلة، إلا أن غالبية هذه الفيديوهات تسير بخطى متشابهة ومرتبطة بالجذور ذاتها؛ فمعظمها فيديوهات ذات مواضيع منوعة لا تتعدى الخطوط الحمراء، في الرياضة والتكنولوجيا والفن، وأما الفيديوهات التي تستثمر هامش الحرية لتقفز فوق الخطوط الحمراء فغالباً ما يطغى عليها المحتوى السياسي الساخر، وإذا ما تناولت المواضيع النسوية والجندرية، فهي تتناولها على مضض بشكل هامشي وسطحي، وبأحسن الأحوال تخصص فقرة ثابتة من البرامج السياسية الساخرة لها، كما هو الحال في برنامج "السليط الإخباري"، الذي خصص فقرة "ليش مش معليش" لمروة الحاراتي، لتكون منبراً للأفكار النسوية.

في سياق مخالف تماماً لكل ما هو سائد، طرحت قناة "خطيرة" على "يوتيوب" أخيراً برنامج "سمعتوها مني"، وهو برنامج كوميدي ساخر متخصص بمحاكاة القضايا النسوية والأدوار الجندرية وتسليط الضوء عليها في العالم العربي. ويتكون البرنامج من عشر حلقات فقط، وعرضت الأخيرة منه يوم الثلاثاء الماضي. العمل من إعداد أماندا أبو عبد الله وماريا عليان، وتقديم عليان أيضاً.

 لسببٍ ما، اقترن الحديث عن القضايا النسوية في قنوات "يوتيوب" العربية بنبرة جادة وعنيفة ومملة، وكأن صنّاع المحتوى العربي ارتأوا أن القضايا النسوية قضايا جامدة يجب أن تقدم بقوالب رصينة، لذا فإن المحاولات التي جاءت لتكسر هذا النمط الواحد كانت قليلة. هذا ما يجعل طرح برنامج "سمعتوها مني" خطوة مهمة، لأنه أول برنامج عربي متخصص بطرح قضايا نسوية وجندرية شائكة ضمن قالب رشيق وكوميدي.

فعلى الرغم من أن "سمعتوها مني" يستند بطروحاته إلى معلومات هامة مبنية على إحصائيات ودراسات عربية وعالمية، إلا أن مقدمته، ماريا عليان، تتمكن من تطويع هذه المعلومات لتخلق محتوى مسليا وله مغزى، وذلك من خلال تأديتها لمشاهد مضحكة لتتخلل المعلومات الصادمة، ما يمكّنها من صناعة برنامج توعوي تتخلله لحظات من الكوميديا السوداء.

 تعتمد ماريا عليان على عدة أنماط كوميدية، اختلقتها لتسرد من خلالها الأفكار الشعبية التي تقوم بانتقادها، وتضع هذه الأفكار وجهاً لوجه مع الدراسات والأرقام التي تعطي صورة مبسطة عن واقع المرأة في العالم العربي، ومن هذه الأنماط: الجارة النمامة التي ترد على لسانها معظم الأفكار الذكورية السائدة التي تحط من مكانة المرأة، والمعالجة النفسية الغريبة التي تقدم نصائح للنساء ليخضعن للمجتمع الذكوري، ورجل تقليدي ينتقد كل الأفكار النسوية بأسلوب المحللين السياسيين.

 من خلال هذه التركيبة الخاصة، تقوم عليان في كل حلقة من حلقات البرنامج بطرح قضية مختلفة، وتتطرق لمواضيع حساسة جداً لا تزال شائكة إلى اليوم في العالم العربي. على سبيل المثال، خصصت إحدى الحلقات لمناقشة الدورة الشهرية، فسردت معلومات تاريخية حول نبذ المرأة في مرحلة الحيض والجهل الطبي قديماً بحالتها قبل أن تصل للظرف الزماني والمكاني الذي تعالجه، لتتحدث عن معاناة النساء مع الدورة الشهرية في العالم العربي، لتشجع على كسر الخجل لدى النساء والتمرد على الأفكار الذكورية البالية التي تربط الدورة الشهرية للمرأة بالنجاسة. وكذلك تطرقت في حلقات أخرى لمواضيع بغاية الأهمية، كالاغتصاب الزوجي وجرائم الشرف وغشاء البكارة وتسليع المرأة وزواج القاصرات وعمل المرأة غير المأجور.

تتمكن عليان من أن تنهي الحلقة المتضمنة معلومات صادمة ومحزنة بالضحك، وذلك من خلال الحديث عن بعض إنجازات العرب في سجلات موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية؛ إنجازات تدعو للسخرية حقاً، مثل صناعة أكبر سندويشة فلافل وقيام رجل بحمل 22 حذاءً بيد واحدة لمدة دقيقة كاملة.

المساهمون