طفل صغير يستحوذ على العناوين الرئيسية في مقدمات الصحف الرياضية، إنه مارتين أوديجارد جوهرة النرويج الجديدة، واللاعب الذي تراقبه معظم أندية القارة الأوروبية، من أجل الظفر بخدماته والتعاقد معه خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة. فبعد أن طلبه ريال مدريد، سافر اللاعب إلى ليفربول من أجل المفاوضات، خصوصاً أنه من عشاق جون أرين ريزه، لاعب الليفر السابق وكابتن النرويج القديم.
وبعد أن توقع الجميع إتمام الصفقة، طار النجم الصغير إلى ميونخ ثم إلى برشلونة، ليصبح مستقبله غامضا ومصيره مجهولا، لأن الجميع يريده وبأي ثمن، لكنه لم يحسم موقفه بعد، في واقعة ربما لن يتم حسمها إلا في المحطات النهائية.
البطاقة التعريفية
مارتين أوديجارد، لاعب نرويجي شاب، من مواليد درامين، في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 1998، يبلغ طوله 176 سم ويزن حوالى 59 كجم، ويلعب لفريق سترومسجوديست، وشارك في ثلاث مباريات رسمية مع المنتخب النرويجي الوطني، رغم صغر سنه. لكن بسبب موهبته غير العادية وقدراته الكروية المميزة، أصبح اللاعب الصغير بمثابة النجم الكبير في بدايات مشواره مع الساحرة المستديرة، ليخطف أنظار عمالقة القارة العجوز، ويتحول إلى المطلب الأول لأكثر من ناد أوروبي كبير.
بدأت الحكاية في 13 أبريل/نيسان سنة 2014، حينما دخل اللاعب الصغير في الدقيقة 72 من عمر المباراة التي جمعت فريقه سترومسجوديست ضد أحد الفرق بالبطولة النرويجية. وخطف الشاب الأضواء سريعاً من الجميع، وراوغ معظم لاعبي الفريق المنافس، وقدم نفسه كنجم حقيقي يمد زملاءه بالثقة وليس العكس. حتى صرح روني ديليا، المدير الفني للفريق والرجل الذي آمن بقدرات مارتين منذ اليوم الأول، بأن اللاعب الصغير سيصبح الأفضل في العالم خلال سنوات قليلة قادمة.
وحينما وصل أوديجارد إلى سن 15 سنة و300 يوم، شارك كبديل في مباراة منتخب بلاده ضد بلغاريا ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة ليورو 2016. وقدم الطفل مستوى رائعا جذب به الأنظار، ليكون أصغر لاعب في تاريخ التصفيات الأوروبية، وتبدأ العروض تنهال عليه من مختلف الأندية في كبار الدوريات العالمية.
المردود الفني
يمتاز أوديجارد بالمهارة الفنية رفيعة المقام، لذلك إذا أردنا وضع تعريف فني سريع له، فسيكون خاصا بكونه لاعبا سريعا يجيد الاحتفاظ بالكرة من وضع الثبات والحركة، وقادرا على هزيمة أي دفاع بالاختراق المباشر من العمق، مع إمكانية اللعب على الأطراف، مع امتلاكه قدما يسرى ذهبية تستطيع إنهاء أي مباراة بالتمريرات الحاسمة والتسديدات الخاطفة.
يمتاز النرويجي بطلب الكرة في المساحات الضيقة داخل الملعب، لذلك من الصعب مراقبته بشكل فردي، لسرعة رد فعله، وإمكانية خداعه مدافع الخصم، بالإضافة إلى سرعته الشديدة أثناء الجري، وبالتالي يتفوق في أي سباق حينما يقطع من المنتصف إلى الثلث الهجومي الأخير.
مع المراوغة والنزعة الفردية، تمتزج المهارات الخاصة لمارتين بميله دائماً إلى اللعب الجماعي، وإشراك بقية اللاعبين في الهجمة بتمريرات سريعة ورغبة في إنكار الذات، فهو ليس اللاعب الذي يسجل أهدافا فقط، بل يصنعها أيضاً، ويعشق إيصال المهاجمين إلى المرمى عن طريق التوغل بالكرات وفتح الفراغات لبقية الرفاق.
طريقة اللعب
يستطيع ألين أن يلعب كجناح أيمن في طريقة لعب 4-3-3، كساعد هجومي أقرب إلى الـ Inverted Winger، أي اللاعب الأيسر الذي يلعب على اليمين من أجل القطع في العمق والدخول من بعيد للتسديد على المرمى. ومن الممكن أن يدخل كلاعب وسط ثالث هجومي في طريقة لعب 4-3-3، في المركز 8 من الملعب، أي أنه لاعب يصنع الأهداف ويقوم بالمراوغة، وفي نفس الوقت يعود إلى الدائرة من أجل مساعدة ثنائي الارتكاز.
مع فريقه النرويجي، يبدأ كصانع لعب في المركز رقم 10 في طريقة 4-2-3-1، يتمركز في العمق بين الجناحين وتحت المهاجم الصريح، يحصل على الكرة ويقوم بالانطلاق نحو المرمى، مع حماية كاملة من ثنائي محوري بالوسط، ويتحول سريعاً إلى مركز الجناح، تاركاً عمق الهجوم للقادمين من الخلف أو الأطراف، على طريقة أوزيل مع ريال مدريد في أيامه القديمة.
وأيضاً يستطيع مارتين أن يصبح لاعب وسط في قمة الجوهرة خلال طريقة لعب 4-4-2 دياموند، أي لاعب ارتكاز بالخلف، ثنائيا على الأطراف، ولاعب وسط هجومي يقدم الإضافة الحقيقية للثنائي الأمامي داخل وخارج منطقة الجزاء، مع الاستفادة من خاصية التسديد في الأوقات الصعبة.
العقلية الكروية
يلعب أوديجارد أكثر في الثلث الأخير، ويعود كثيراً إلى الوسط، من أجل الحصول على الكرة، لذلك لا يعتبر أبداً لاعبا كسولا ينتظر الدعم من الآخرين، بل يملك جينات حقيقية خاصة، بلعب دور البطل في اللحظات المصيرية، وحمل فريقه على عاتقه حينما يعجز الآخرون. لذلك شبّهه البعض بأنه ليونيل ميسي النرويج، خصوصاً بسبب طريقة لعبه المميزة التي أعادت إلى الأذهان بدايات الملك رقم 10 في أكاديمية لاماسيا.
لكن مع الاهتمام الإعلامي المبالغ فيه، والصراع الكبير من مختلف الأندية على الظفر بقدراته، من الوارد أن تتسبب هذه الأمور في مزيد من الضغط على لاعب ما زال في بداية مشواره الاحترافي. وهناك تجارب عديدة سابقة أكدت ضرورة الحذر من هذه الملاحظات التي جعلت مواهب شابة تُنهي طريقها مبكراً بسبب ضخامة الآلة الإعلامية، ووضع أمنيات وأهداف حالية تحتاج إلى سنوات طويلة من العمل الجاد والمستمر من أجل تحقيقها.
بير ماتياس هوهجمو مدرب منتخب النرويج كانت له تصريحات مهمة تخص مستقبل أوديجارد، حينما أكد أن اللاعب يعتبر موهبة خالصة ومشروع نجم حقيقي، لكن ربما التسرع في النقلة القادمة قد يؤثر عليه بالسلب لا بالإيجاب. ناصحاً إياه بالصبر والاستمرار في النرويج أو الذهاب إلى ناد بقيمة أياكس، يستطيع أن يُطوّره بشكل أفضل، بعيداً عن الصخب المضاعف في الأندية الكبيرة، لأن السقوط مع مدريد أو البارسا أو بايرن ميونخ يعني إنهاء الآمال سريعاً.
أما في حالة أياكس، فإن اللاعب سيحصل على مزيد من الرعاية والدعم، وتصبح خطواته في إطار تصاعدي من النرويج إلى هولندا، ثم الخطوة الكبيرة في ألمانيا أو إسبانيا أو إنجلترا. لكن يبدو أن مارتين يسير في طريق آخر حتى الآن، بسبب رغبته في الالتحاق بناد عملاق، في صفقة قد تكلف صاحب الحظ السعيد رقما لن يقل بأي حال من الأحوال عن 15 مليون يورو.