ماذا يريد الآباء المسنّون من أبنائهم؟
كاتيا يوسف ــ لندن
يعتنيان بنفسيهما (كريستوفر فورلونغ/ Getty)
يسعى الأهل، ومع تقدّمهم في السن، إلى الحفاظ على استقلاليّتهم التي قد تتراجع مع مرور الوقت. لذلك، ربّما يصبحون أكثر حساسية حيال أي اقتراح أو ملاحظة يبديها أبناؤهم، حتى لو كانت نواياهم طيبة. اهتمام الأبناء قد يظهر نوعاً من الرعاية التي يرفضها عدد كبير من الأهل، ربّما خوفاً من الشيخوخة والعجز ورفض الاعتماد على الآخرين.

ما الذي يبحث عنه الآباء الأكبر سنّاً في علاقاتهم مع أبنائهم البالغين؟ تفيد دراسة أعدّتها في عام 2004 أستاذة الصحة العامة ماري جالانت في جامعة نيويورك الحكومية في ألباني، وأستاذة علم الاجتماع جلينا سبيتز في الجامعة نفسها، بأنّ عدداً كبيراً من المشاركين أعربوا عن رغبة قوية في الاستقلال الذاتي، مع البقاء على علاقاتهم بالأبناء، ما دلّ على تناقض في ما يتعلق بتلقي المساعدة. وبحسب الدراسة، هؤلاء يصنّفون أنفسهم مستقلّين، لكنّهم يأملون تلقي المساعدة من أبنائهم في حال احتاجوا إليها. وتحدّثوا عن شعورهم بالانزعاج بسبب الإفراط في محاولات أبنائهم حمايتهم، مع تقديرهم للقلق الذي يشعرون به.

في هذا السياق، يقول أستاذ التنمية البشرية والدراسات الأسرية في جامعة ولاية بنسلفانيا، ستيفن زاريت، إنّ أحد أكثر الأمور رعباً للناس مع تقدّمهم في السن، هو أنّهم لا يشعرون بأنّهم يتحكّمون بما يجري. لذلك، حين يطلب شخص من والده عدم الخروج لجرف الثلوج، يفترض أنّه سيستمع إليه لأن طلبه معقول. لكن في الغالب، يخرج الوالد لجرف الثلوج. ويوضح زاريت أنّ هذه وسيلته للتمسك بالحياة التي يشعر أنّها تنزلق منه.



إلى ذلك، تقول نجوى (42 عاماً) لـ "العربي الجديد": "كانت أمي تنتقد حساسية والدي المبالغ فيها، كلّما حاول أحد أبنائه مساعدته، حتى أنّه بات لا يقترب من مائدة الطعام في المنزل إن لم ندعه إليها". تضيف: "مع مرور الوقت وتقدّم والدتي في السن، تبدّلت شخصيتها وباتت تتحسّس من أبسط ملاحظة، على غرار منعها من التدخين بسبب تدهور صحتها. كانت تتجاهل نصيحة الطبيب ومحاولاتنا، وتشعل سيجارتها غير مبالية". وتوضح: "لا أعتقد أنّ المسألة كانت قيمة تلك السيجارة بقدر ما هي تمسّكها بالاستقلالية ورفضها التعامل معها كطفلة أو عاجزة. أعتقد أنّه ينبغي التعامل بحذر مع أهلنا كلّما هرموا، لأنّهم يشعرون أنّهم أصبحوا أضعف وأقل قدرة على التحكّم بحياتهم الخاصة".

وتُبيّن دراسة جديدة أعدّها زاريت وزملاؤه أن عناد الوالدين عامل معقد في العلاقات بين الأجيال. وبهدف تحسين التواصل، ينصح بالابتعاد عن الجدال حتى لا يشعر الأهل بأنّهم في موقع الدفاع، كما ينبغي على الأبناء التحلي بالصبر.