ماذا يحدث لأسعار النفط؟

ماذا يحدث لأسعار النفط؟

28 مارس 2016
ارتفاع أسعار النفط تدريجياً (Getty)
+ الخط -
عادت أسعار النفط إلى التحول من موجة الهبوط نحو الصعود، مواصلة الزخم الذي اكتسبته خلال الشهر الماضي لتسجل مستويات سعرية جديدة تعتبر الأعلى هذا العام. وقد جاء ذلك بعد أن تأكد حضور كبار المنتجين "مؤتمر الدول" المرتقب حول تجميد إنتاج النفط في الدوحة منتصف الشهر المقبل لمناقشة تجميد الإنتاج عند مستويات يناير/كانون الثاني الماضي، حيث وقعت 15 دولة منتجة على المبادرة، يشكلون ما يقارب ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي العالمي. وتلقت أسعار النفط دعماً إضافياً مع اتخاذ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي قراراً بعدم المساس بأسعار الفائدة، خلال اجتماعه الأخير المنعقد منتصف الشهر الحالي، بعد قيامه برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في 10 سنوات في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتسبب هذا القرار بتراجع الدولار عند أدنى مستوياته في خمسة أشهر، ما جعل النفط أرخص للمشترين الأجانب.
في الواقع، ينصب التركيز في الوقت الراهن على معرفة ما إذا كان لهذا الانتعاش القدرة على الصمود أو تحقيق مزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة، والتي من شأنها أن تعيد منتجي النفط إلى سكة الربحية من جديد، بحسب ما يعتقد الكثير من المحللين. بالنسبة لهم، إن انخفاض خام برنت إلى 27 دولاراً منتصف شباط/فبراير الماضي، هو بمثابة تكوين قاع متين للسوق. رغم ذلك، يساور الكثير من المتعاملين في أسواق النفط شكوك كبيرة حول قدرة الأسعار على الصمود عند مستوياتها الحالية على المدى القصير، ولا سيما أن المخزونات العالمية الحالية من النفط، لا تزال عند أعلى مستوياتها القياسية، كما أن اتفاق تجميد الإمدادات، في الوقت الراهن على الأقل، من شأنه ترسيخ الصادرات الفائضة.

تجميد الإنتاج

وفي حين لم يطرأ تغير كبير على العوامل الأساسية المسيطرة على آلية تسعير النفط الخام، كان للتحسن الواضح في شهية المستثمرين إلى المخاطرة، الدور البارز في الارتفاع الأخير للأسعار. فالحوار الدائر بين كبار المنتجين لمعالجة إنتاج النفط سيفضي في أحسن الأحوال إلى قرار تجميد الإنتاج، وليس تقليصه، الأمر الذي سيتطلب المزيد من الوقت من أجل إعادة التوازن إلى الأسواق.
وبرغم التراجع الحاصل، لكن إنتاج النفط الصخري أثبت قدرة على التكيف مع هبوط سعر النفط، أكثر مما توقع الكثيرون، فالإنتاج الأميركي لا يزال يعمل بطاقة تتجاوز تسعة ملايين برميل يومياً. وبالنظر إلى زيادة درجة صلابة إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وتعهد كل من السعودية وروسيا بتجميد الإنتاج عند مستويات قياسية (أكثر من عشرة ملايين برميل يومياً)، وعزم إيران زيادة إنتاجها بنحو أربعة أضعاف عن مستويات يناير/كانون الثاني الماضي (من مليون برميل إلى نحو أربعة ملايين برميل يومياً)، فإن تخمة المعروض تبدو عصية على الحل، ما يعني أن الأسعار عرضة للتراجع حالما تتحول معنويات المستثمرين سلباً مرة أخرى.
ويمكن، كذلك، تبرير الارتفاع الأخير لأسعار النفط بما فعله بعض المضاربين في السوق العالمية. في هذا الصدد، تشير الإحصاءات إلى أن هناك مضاربين دخلوا أسواق النفط شراءً من أجل تغطية مراكز بيع على المكشوف في العقود الآجلة، فما إن تحولت الأسعار نحو الارتفاع، حتى توجه المضاربون إلى تغطية هذه المراكز ما أثار موجة صعود حادة، إلا أن هذا الأمر لن يدوم طويلاً ما لم يكن هناك تحرك إيجابي على صعيد تقليص حقيقي للإمدادات.
على الجانب الآخر، من الصعب للغاية التكهن بعواقب عدم توقيع إيران على مقترحات تجميد الإنتاج، فقد أعلنت إيران مراراً بأنها ملتزمة بتكثيف شحنات النفط إلى المستويات التي كانت سائدة قبل أن تُمنع من التصدير إلى الأسواق الدولية. لذلك، من الواضح أن فائض الإنتاج العالمي من النفط، الذي يتراوح بين مليون إلى مليوني برميل يومياً، لن يتم إلغائه بسهولة من خلال اتفاق مبدئي يقضي بتجميد الإنتاج، في حين أن التعنت الإيراني قادر على تقويض فرص صمود هذا الاتفاق.

لا توجد مؤشرات ملموسة في الوقت الراهن على قرب عودة التوازن إلى الأسواق في ضوء وفرة المعروض، واستمرار تكدس المخزونات العالمية من النفط عند أعلى مستوياتها على الإطلاق. وتزداد الصورة قتامة مع الأخذ بالحسبان التقرير المتشائم من قبل "منظمة التعاون والتنمية" والذي توقع ارتفاع الاحتياطيات العالمية من النفط من ثلاثة مليارات برميل العام الماضي إلى 3.25 مليارات في عام 2016، ثم إلى 3.4 مليارات برميل في نهاية عام 2017.
(خبير اقتصادي أردني)

اقرأ أيضاً:أسعار النفط لن تستقر

المساهمون