ماذا سنقاطع يوم 7 أكتوبر؟

ماذا سنقاطع يوم 7 أكتوبر؟

12 سبتمبر 2016
+ الخط -
لو كنت مغربياً داخل الوطن أو خارجه، وقرأت عن الأموال التي تنفق في المهرجانات الموسيقية والأموال التي تعطى للمغنين، والأوسمة التي تشترى بها الضمائر، والامتيازات التي تعطى للمشايخ، بديهي أن يكون رأيك أنّ في هذا البلد وفرة، وكلّ الحاجات الأساسية في متناول العموم، وأنّ الفقر غير موجود والبطالة كذلك.
وبعدها قرأت أخباراً تقول، أن نساء البلد يلدن في شارع، وأنّ متوّسط سن الزواج في ارتفاع والبطالة والتضخم في زيادة مستمرة، وأنّ حوالي 15% من السكان تعيش تحت ظروف الفقر، كما يعيش 60% من نسبة الفقراء في العالم القروي... حينها ستقول: ماهذا التناقض الشنيع؟ ما هذا النشاز وأين العدل؟ لماذا لم يتم إنفاق هذه الأموال في رفع مستوى المعيشة للشعب عوض تكبيله بالضرائب؟
الجواب عند ابراهام ماسلو، عالم النفس الأميركي، إذ يخبرنا لماذا الفقر والحاجة ضرورة لدولة العلمانية، وكيف أنّهما إحدى أدوات القمع في يدها، ففي 1943 وضع نظريته في هرم الاحتياجات الإنسانية، المكوّنة من خمس درجات تتلخص في الخطوات التالية: الحاجات الفسيولوجية وهي قاعدة الهرم، وتمثل الحاجات الأساسية منها الطعام والماء والمسكن والجنس، وبعد إشباعها تأتي المرحلة ثانية، أي الحاجة إلى الأمن المادي والنفسي، وثالثاً الحاجات الاجتماعية، وفي هذه المرحلة من الهرم يظل الغالبية من أصحابها معجبين بالسلطة يحبونها وتحبّهم، يرونها هي من تطعمهم، وتظل لهؤلاء عقلية الأتباع، إنّهم ببساطة يحبّون أن يظلوا أتباعاً ويستمتعون بهذا.
في هذه المرحلة إذا دعتهم السلطات إلى الانتخابات التي ستعقد في المغرب يوم 7 أكتوبر ينزلون لمجرد أنّ السلطة هي من دعتهم، فهم يحبّون تلبيات الأوامر من دون أن تكون لهم أيّ خلفية عن الانتخابات، ومن دون أن يقتنعوا بأيّ حزب أو أيّ مرشح، المهم هو الطاعة.
ولكن تجد السلطات المتاعب عندما يتم إشباع الحاجات الهرمية الرابعة والخامسة، وهذه الحاجات هي الحاجة إلى تقدير وحاجة الفرد لتنمية واحترام الذات، والحصول على قبول الآخرين له والرغبة في تحقيق النجاح، والحصول على مكانة مرموقة، وخامساً الحاجة إلى تأكيد الذات.
هنا تظهر مشكلة السلطات، فالأغلبية التي كانت من الأتباع بزغ منها الهراطقة، فالفرد الذي كان من الأتباع في المرحلة الأولى من الهرم، لم يعد كذلك بل عاد هرطقيا، يرى نفسه من يطعم السلطة، يتطلّع إلى أشياء جديدة في ثورة مستمرة ضد شيء ما، فهو لم يعد يتحدث عن الخبز بل عن الحرية، ولم يعد يمجد السلطات بل نفسه.
وإن دعته السلطة للمشاركة في الانتخابات يوم 7 أكتوبر لا يلبي، بل يقاطع ويشكّك في جدواها، ولا يقتصر في معارضته على المعارضة السلبية فقط، بل يدعو إلى المقاطعة وينصح أصحابه وأهله وكلّ من يهمه أمره بالمقاطعة، بل ويراها واجباً شرعياً ووطنياً.
DEA5538F-DDF3-4A69-877E-CC780BE1E692
DEA5538F-DDF3-4A69-877E-CC780BE1E692
نبيل عمر ينسي (المغرب)
نبيل عمر ينسي (المغرب)