ماذا بقي من "جمول"؟

15 سبتمبر 2015
أعلام "جمول" ضد دفن أنطوان لحد في لبنان(حسين بيضون)
+ الخط -
شاءت الصدف أن يموت كبير عملاء إسرائيل، أنطوان لحد، قبل أيام من ذكرى انطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول - 1982)، التي تحتفل، اليوم، بعيدها الثالث والثلاثين. أهدى هذا الموت "جمول" انتصاراً لطالما انتظرته وعملت على تحقيقه من خلال محاولة اغتيال لحد عام 1988. وكان الوقت كفيلاً بإتمام هذه العملية وتكريس شعار أطلقه أحد مؤسسي "جمول"، جورج حاوي، إنّ "جمول وجدت لتنتصر، وانتصرت".

انتصرت "الجبهة" بينما المعنيون الفعليون بها مشغولون في أمور أخرى ويكادون يصبحون خارج التاريخ. يعيش الحزب الشيوعي اللبناني على رصيده المقاوم منذ عقود، وباتت خياراته السياسية معدومة اليوم. وصل الحد بالشيوعيين إلى القتال إلى جانب حزب الله على الحدود الشرقية مع سورية، انطلاقاً من اسم "جمول" وتاريخها، بما في ذلك من تشويه لهذا التاريخ وتهشيمه. ذابت كل شعارات "حرية الشعوب" بفعل انضمام الشيوعي إلى مشروع قتل الشعب السوري وتهجيره. وقبل كل هذا النقاش، يعني ذلك أنّ الشيوعيين اصطفوا إلى جانب النظام السوري وحزب الله اللذين عملا على تصفية "جمول" وقياداتها لتحويل "المقاومة" إلى ورقة وأداة.

في الوقت نفسه، يحاول الشيوعيون اللحاق بالناس والشارع في "حراك بيروت"، فينجح أفراد منهم بقيادة قسم من هذا الحراك وتفعيله ودفعه إلى الأمام، بينما تحافظ القيادة على وجوهها ومواقفها التقليدية، التي أصبحت عاجزة حتى عن تعبئة ناسها ودفعهم إلى الشارع. هي القيادة نفسها التي باتت تتفنّن في ابتذال ألاعيب الأحزاب اللبنانية الطائفية من خلال التمديد لنفسها ومنع إجراء الانتخابات التنظيمية وفصل محازبيها وروايات كثيرة عن الفساد.

في الذكرى الثالثة والثلاثين لانطلاق "جمول" لا بد من القول، إنّ هذه الجبهة بقيت في مكان والمعنيون الرسميون بها أصبحوا في مكان آخر، أما ناسها فضائعون بين المكانين. لكن عيد "الجبهة" يبقى يوماً جميلاً، يؤكد أنه بإمكان هذا البلد أن ينتج مشروعاً نقياً من الطائفيين والمشاريع الخارجية والتوظيفات السياسية الضيّقة، ولو أنه تم تصفيته أو تفتيته من الداخل.