الدوري الإنجليزي لا يتوقف، وتستمر المباريات دون سابق إنذار، مع عودة قوية للمنافسة على البطولة الأكثر جدلاً خلال السنوات الأخيرة، في جولة شهدت تفوق الكبار وتألق بعض النجوم الذين ساعدوا أنديتهم في حصد الثلاث نقاط، ومواصلة السباق نحو اللقب حتى النهاية. ومن الأولد ترافورد إلى ستامفورد بريدج، اتفق الأستاذ، فان جال، وتلميذه، مورينيو، على التفوق، فيما قدم بليجريني نفسه كمنافس شرس حتى آخر المحطات.
العائد بقوة
استعاد مروان فيلايني جزءاً من مستواه، خلال هذا العام، مع كتيبة اليونايتد، وأعاد الخال الهولندي، لويس فان، اكتشاف اللاعب صاحب الأزياء الغريبة داخل وخارج الملعب، بعد الاعتماد عليه أخيراً وإشراكه باستمرار في تشكيلة الفريق الفائز في آخر 4 مبارياته في الدوري الإنجليزي الممتاز.
لعب فيلايني سنة كارثية في أول مواسمه مع الشياطين الحمر، ولم يقدم شيئاً يُذكر، وكان قريباً من الخروج، رغم أنه كان اللاعب الأفضل على الإطلاق مع إيفرتون في مركز "البوكس تو بوكس"، أي لاعب الوسط القادر على تقديم الدعم الدفاعي المطلوب مع قدراته الهجومية الواضحة، لكنه فقد البوصة سريعاً داخل الأولد ترافورد، ولم ينجح كلاعب وسط صريح في الربط بين خطوط الفريق، لأن الشروط الخاصة بتنظيم اللعب وإخراج الكرة من الدفاع إلى الهجوم لا تنطبق عليه.
ويبدو أن فان جال قام بعمل "فلاش باك" سريع ليشاهد مباراة بلجيكا والجزائر في المونديال الأخير، حينما شارك فيلايني كبديل وساهم في قلب المباراة بهدف رائع ومجهود واضح، وذلك لأن المدرب مارك ويلمتوس أشرك لاعبه في مركز قريب من الثلث الأخير، وكأنه مهاجم متأخر أو لاعب وسط غير تقليدي، يأتي من الوسط إلى الهجوم ويضرب الدفاعات مستغلاً قوته البدنية واندفاعه القوي داخل مناطق الجزاء.
لذلك مروان يصبح أفضل كلما اقترب من المرمى، لكن خلال موسمه الأول في يونايتد، لعب أكثر كوسط ثابت بسبب وجود واين روني، كاجاوا، ناني، وبقية الأسماء في أماكن متقدمة، لكن تبّدل الحال هذا العام بعض الشيء، ودخل البلجيكي في عمق الهجوم خصوصاً مع قدوم أندي هيريرا، الإسباني القادر على تقديم الدعم الدفاعي الذي يسمح لزميله بالتوغل وسط دفاعات الخصوم ولعب دور المهاجم الثاني، وهذا ما حدث أمام ستوك سيتي، ليسجل فيلايني هدفاً رائعاً ويقدم مردوداً طيباً.
كلمة السر
واصل فريق تشيلسي انتصاراته المحلية واستمر في تصدره البطولة الإنجليزية في تفوق واضح لكتيبة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو. ومع وصول عبارات المديح والشكر إلى نجوم الخط الأمامي بقيادة دييجو كوستا وديديه دروجبا، بالإضافة إلى أباطرة الوسط الذين يصنعون الفارق بالثلث الأخير، كهازارد وأوسكار وسيسك فابريجاس، فإن الصربي، نيمانيا ماتيتش، يستحق تحية خاصة لأنه حجر الأساس الأول في طريقة لعب "الاستثنائي".
يلعب الفريق اللندني دائماً بطريقة لعب تعتبر أقرب إلى 4-2-3-1، وتعطي هذه الخطة لمورينيو مزيداً من الصلابة خصوصاً في المنطقة الحمراء بين خط الدفاع ومحور الوسط، لكن تعاني في المباريات الصعبة من المساحات الشاغرة بين الجناح المتقدم والظهير المتأخر، لذلك تم ضرب ريال مدريد مورينيو كثيراً أسفل الجبهة اليسرى بين رونالدو ومارسيلو، وتكررت المشاكل نفسها مع البلجيكي هازارد خلال العام الماضي، لدرجة انتقاد مدربه له بسبب سوء أدائه الدفاعي.
لكن قدوم ماتيتش ساهم في تقليل معظم المعوقات الفنية، فيما يخص التقدم المبالغ فيه لثنائي الأطراف هازارد وويليان، لأن الصربي لاعب قوي في قطع الكرات وصاحب مجهود بدني مضاعف، لذلك لا يكتف فقط بإغلاق المنافذ كافة أمام مرماه بل يقوم بدور "الليبرو" المتقدم لسد الفراغات أثناء الحصول على الكرة أو بدونها، مما حرر هجوم تشيلسي وساعد لاعبي الوسط على صناعة الأهداف. ومع كامل التقدير لدروجبا ورفاقه فإن نيمانيا هو النجم الأول لتشيلسي خلال الفترة الأخيرة.
الجناح المركزي
استطاع ستيفان يوفيتيتش فرض نجوميته سريعاً مع مانشستر سيتي، الفريق الذي حقق فوزاً مهماً على أرضية سندرلاند وواصل مطاردة المتصدر اللندني على لقب البطولة الإنجليزية. ونجح أخيراً المدرب مانويل بليجريني في صناعة خلطته الخاصة للموسم الجديد بعد بداية سيئة للغاية، نتيجة نجاحه في الاستخدام الرشيد للنجوم وقدرته على التحكم في أكبر قدر ممكن من الفراغات بسبب وجود أكثر من لاعب قادر على اللعب في كل شبر بالمستطيل الأخضر.
يوفيتيتش واحد من هؤلاء الذين يجيدون التمركز هجوميّاً على الخط وفي العمق وداخل مناطق الجزاء، لذلك من الصعب جدّاً تصنيفه تكتيكيّاً، لكنه أقرب إلى "الجناح المركزي" حينما يبدأ المباراة على الأطراف كما فعل على ملعب أوف لايت ليلة الأربعاء. ينطلق نافاس الإسباني على اليمين كجناح تقليدي سريع، بينما يتحرك الفرنسي نصري أمام ثنائي المحور وخلف الأرجنتيني أجويرو أفضل لاعبي سيتي وهداف الدوري الإنجليزي.
أما لاعب الجبل الأسود فيلعب على الورق كجناح أيسر ويلتزم بهذا المركز في الشق الدفاعي، لكنه هجوميّاً يدخل كثيراً في العمق ويصبح مهاجماً متأخراً ولاعب وسط صريح في وبين الخطوط، لذلك يعتبر مثاليّاً إلى أقصى درجة بالنسبة للمدرب التشيلي الذي يعتمد في طريقة لعبه على الفوضى التكتيكية، حتى يصبح التمييز بين مراكز اللاعبين أمراً في غاية الصعوبة، وهذه الطريقة فيها كم كبير من المغامرة، لكن حينما تنجح تأتي بنتائج مثمرة، في صراع يبدو أنه سيكون ثنائيّاً للنهاية بين أزرق لندن وسماوي مانشستر.