مؤونة زمن الخير في مخيم عين الحلوة

مؤونة زمن الخير في مخيم عين الحلوة

24 يونيو 2020
آمال كثيرة معلّقة على هذا المشروع (العربي الجديد)
+ الخط -

وسط الأزمة المعيشية التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في مخيّمات لبنان، لا سيّما مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد عموماً والتي فاقمتها أزمة كورونا، تحاول فئات كثيرة من هؤلاء إيجاد حلول ولو مؤقتة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي تطاول تبعاتها الجميع.

وفي مخيّم عين الحلوة بمدينة صيدا، جنوبي لبنان، وجدت نساء فلسطينيات في "المونة البيتية" حلاً ممكناً وسط هذه المحنة، لإعالة أسرهنّ بعد ما فقد أزواجهنّ أعمالهم. ورحن يهيّئنَ تلك المؤونة التي كانت الجدات يحرصن على إعدادها في السابق من عام إلى عام، ثمّ يبعنَها في السوق أو للجيران.

ليالي حمد لاجئة فلسطينية من مخيّم اليرموك في سورية وجدت في مخيّم عين الحلوة ملاذاً. تقول لـ"العربي الجديد": "جئت مع زوجي إلى لبنان قبل ثمانية أعوام، ولدينا بنت وابن. وبسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان التي تؤثر علينا نحن بشكل مباشر، إذ فقد زوجي عمله الأساسي، اضطررت إلى البحث عمّا يؤمّن قوتنا إلى جانب بسطة الخضار". ووجدت ليالي فرصة في مشروع "مونة نساء زمن الخير". توضح: "نعدّ في المشروع مخللات على أنواعها، وقد بدأت بالفعل بتسويق منتوجاتي في داخل المخيّم، إمّا في المحلات وإمّا بين الجيران".

بخصوص بسطة خضار ليالي وزوجها، تخبر أنّها تشتري بنفسها ما تحتاج إليه من حسبة (سوق خضار) صيدا، لأنّ زوجها لا يستطيع الخروج من المخيّم. تضيف: "نتساعد أنا وزوجي في بيع الخضار، هو يبقى على البسطة حتى أذان المغرب، أمّا أنا فلبعض الوقت فقط، ثمّ أعود إلى البيت أو إلى مركز الجمعية لإعداد المخللات. كلّ ذلك من أجل تأمين احتياجاتنا المعيشية لنصمد إلى حين إعادة بناء مخيّم اليرموك والعودة إلى بيتنا". وتؤكد ليالي أنّ "شعارنا في المشروع هو الجودة والأمانة والنظافة والأسعار المناسبة".



أمّا ميساء ياسين فهي لاجئة فلسطينية من مخيّم عين الحلوة وأمّ لخمسة أولاد، وقد انخرطت كذلك في مشروع "مونة نساء زمن الخير". تخبر "العربي الجديد": "في المدرسة، وصلت إلى الصف التاسع الأساسي. ثمّ تعلّمت مهنة الخياطة وعملت فيها لمدّة من الزمن. كذلك عملت في مجال صناعة الشوكولاتة وبيعها. ومنذ مدّة، أعمل في إعداد الطعام بحسب الطلب، من قبيل الكبة والشيشبرك، وفي موسم الملوخيّة أورّقها وأبيعها. لكنّ عملي هذا متوقف على الطلبيات، بالتالي قد أبقى أياماً وربّما أسابيع من دون أن أجني أيّ مال، لا سيّما أنّ عملي محصور في المخيّم والناس بمعظمهم هنا يعانون من جرّاء الوضع الاقتصادي السيّئ". تضيف ميساء: "كان عملي كلّه في البيت، لكنّني عندما علمت بالمشروع تحمّست له لأنّ فيه محاولة لتوسيع عملي والخروج من نطاق المخيّم".

جمانة عدوان من النساء المنخرطات في مشروع "مونة نساء زمن الخير"، وهي من الجنسية السورية متزوجة من فلسطيني ويعيشان في مخيّم عين الحلوة. تقول: "لديّ ولدان، أحدهما مريض ويحتاج إلى علاج مكلف وإلا تتراجع حالته الصحية، فيما زوجي عاطل من العمل منذ خمسة أشهر بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في لبنان. بالتالي، كان لا بدّ لي من أن أعمل لتأمين احتياجات عائلتي، الطعام على أقلّ تقدير. وبالفعل، بدأت بإعداد المخللات والمربيات في البيت، فأنا في الأساس أحضّرها لعائلتي. ومن خلال المشروع، فرصة لتسويق مونتي البيتية".



في السياق، تقول نوال محمود، وهي صاحبة فكرة مشروع "مونة نساء زمن الخير" ومديرة "جمعية هنا للتنمية"، إنّ "الجمعية تعمل على تمكين المرأة في العمل، فلدينا على سبيل المثال دورات في الخياطة والتطريز وإعداد المؤونة". تضيف محمود: "ولأنّ الوضع الاقتصادي تأزّم مع جائحة كورونا وحُرم الفلسطينيون في المخيّمات من العمل، لم تعد شريحة كبيرة من الناس قادرة على سداد إيجارات بيوتها ولا تأمين لقمة عيشها. ونحن نعلم أنّ هذه الأزمة مستمرة، وأنّ أكثر ما يحتاجه الناس في مثل أزمات كهذه هو الغذاء، فيما يستغنون عن أمور كثيرة. وهكذا أتت فكرة العودة إلى زمن جدّاتنا حين كنّ يعددنَ المؤونة البيتية. وقررنا أن نطلق المشروع، وبدأنا بالعمل على إعداد المكدوس واللبنة وكل ما يحتاج إلى زيت لحفظه، بالإضافة إلى الكشك البلدي. واليوم، تعمل معنا ثلاث نساء من منطقة البقاع (شرق لبنان) وهنّ يعددنَ الكشك والمكدوس، أمّا نحن فنعدّ المربيات والمخللات وربّ البندورة والحرّ". وتتابع محمود أنّ "هذا المشروع ليس مدعوماً مادياً من أيّ جهة، وهو بمجهود كلّ النساء اللواتي يعددنَ المونة لتسويقها"، لافتة إلى أنّ "المشروع يضمّ عشرين امرأة".

المساهمون