مؤتمر "الرياض 2"... والإطاحة بالهيئة العليا للمفاوضات السورية

مؤتمر "الرياض 2"... والإطاحة بالهيئة العليا للمفاوضات السورية

21 نوفمبر 2017
ثماني استقالات جديدة عقب استقالة رياض حجاب (العربي الجديد)
+ الخط -

توالت الاستقالات من الهيئة العليا للتفاوض المعارضة للنظام السوري، وذلك قبل ساعات من انعقاد مؤتمر الرياض2، الذي من المقرر أن يعقد، غداً الأربعاء، ويهدف إلى إعادة هيكلة الهيئة، وإنتاج جسم سياسي جديد يتحدث باسم المعارضة، ويقبل ببشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى ضم كل من منصة القاهرة، ومنصة موسكو (التي تتلقى تعليماتها من الخارجية الروسية) إلى جسم التشكيل الجديد، والذي تقع على عاتقه مهمة استكمال العملية التفاوضية، دون أن يكون بين صفوفه معارض لوجود بشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية

وكما كان متوقعاً، بدأت الاستقالات ضمن صفوف الهيئة، باستقالة منسقها العام، رياض حجاب، مساء أمس الإثنين، تلتها استقالات ثمانية أعضاء آخرين من الشخصيات التي رأت أن هناك "محاولة لتمييع الهيئة وإبعادها من الواجهة السياسية وتشتيت ثوابتها، من خلال عدم دعوتها إلى مؤتمر الرياض 2 كجسم سياسي، معتبرين أنه تم تجاوز إرادة السوريين والهيئة العليا كمؤسسة وطنية في تنظيم وهندسة مؤتمر الرياض 2"، الأمر الذي يرجح أن تطول قائمة الاستقالات أكثر لتشمل كل الشخصيات التي لا تزال متمسكة بالحد الأدنى من ثوابت الثورة السورية.

وتعكس الاستقالات التي حصلت في صفوف الهيئة، انحرافاً في دور الدولة الراعية لهذا المؤتمر، أي المملكة العربية السعودية، من دور الداعم للمعارضة، الذي يعمل على خلق توازن مع الانحياز الروسي المطلق للنظام، إلى دور المتبني للرؤية الروسية للحل، والمساعد في الضغط على المعارضة لقبول ما لم يستطع الروس إجبارهم على القبول به، سواء لناحية قبول شخصيات محسوبة على النظام ضمن الوفد المعارض، أو لناحية القبول ببشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، بدعوى "الواقعية السياسية".

وقد بدأ التحول في الموقف السعودي تجاه المعارضة السورية بشكل عام، والهيئة العليا للتفاوض التي ترعى اجتماعاتها بشكل خاص، منذ اجتماع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بوفد الهيئة العليا منذ نحو خمسة أشهر، وحديثه عن "تغير المزاج الدولي تجاه القضية السورية"، وأن على المعارضة أن "تتحلى بالواقعية السياسية لتتمكن من استكمال مفاوضات الحل السياسي في سورية"، ليتبعها بعد ذلك ضغط دولي وسعودي على المعارضة من أجل إدراج منصتي موسكو والقاهرة ضمن الهيئة، تلاها جولة قام بها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، للمنطقة شملت السعودية، حيث تم الإعلان عن توافق سعودي - روسي حول سورية.

وقال وزير الخارجية السعودي حينها: "نعمل مع روسيا عن قرب لتوحيد المعارضة السورية المعتدلة، وتوسيع نطاقها لتستطيع دخول العملية السياسية في جنيف"، وهو تصريح عكس التفاهم السعودي الروسي على شكل الوفد المفاوض في جنيف تماماً وفق الرؤية الروسية، الأمر الذي كان يتطلب من السعودية "إزاحة العناصر المتشددة"، أي تلك التي لا تقبل بوجود الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، من الهيئة وتشكيل وفد مفاوض يضم مكونات تحت مسمى "معارضة معتدلة".

ووفق مراقبين، فإن هذه المعارضة ستكون مزيجاً متناقضاً من معارضة لا تمانع بقاء الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، ومن مجموعات تم تصنيعها سواء لدى أجهزة الاستخبارات الروسية، أو لدى أجهزة استخبارات النظام وتصديرها تحت اسم معارضة لتطعيم الوفد المفاوض بها، وذلك من أجل ضمان "إنتاج حل سياسي لا يلبي أياً من مطالب الثورة السورية، ويعيد إنتاج النظام وفق الرؤية الروسية"، والذي من الطبيعي أن يؤدي إلى انسحاب كل الشخصيات التي لا تتحمل عبء التنازل عن أهم ثوابت الثورة.

ويبدي الترحيب الروسي بهذه الانسحابات مدى التنسيق الروسي- السعودي على تشكيل وفد مفاوض يلبي المتطلبات الروسية في إدارة الحل السياسي في سورية.