لَمْ يتجاوزن السابعة عشرة

لَمْ يتجاوزن السابعة عشرة

08 مارس 2015
ساهمت المرأة في إشعال فتيل الثورة (فرانس برس)
+ الخط -

يصعبُ الحديث عن ثورة 25 يناير/كانون الثاني من دون ذكر نسائها. وليس مبالغاً القول إن حياة شهيدة الثورة سالي زهران قد بدأت فعلاً في ذلك اليوم. حتى أن وكالة الفضاء "ناسا" قررت تخليد اسمها، من خلال إطلاق اسمها على إحدى المركبات المتجهة إلى كوكب المريخ، استجابة لطلب العالم المصري في الوكالة عصام حجي.

تتضارب الروايات حول وفاتها. يقول البعض إنها رمت نفسها من شرفة منزلها بهدف الانضمام للثوار، بعدما منعتها والدتها. آخرون يقولون إنها انتحرت. أما والدتها، فتؤكد الرواية الأولى، لافتة إلى أن ابنتها سقطت من الشرفة بعدما اختل توازنها. هذه الفتاة هددت أمها برمي نفسها من الشرفة للمشاركة في التظاهرات، في حال أصرت على منعها من الخروج من الباب.
رحلت زهران حين كانت في الـ17 من عمرها. لكن صورتها ستظل محفورة في ذاكرة المصريين، وسجل شهداء الثورة، وعلى كوكب المريخ.

وفيما كانت التظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري تتواصل في عدد من المحافظات المصرية، كانت هالة أبو شعيشع تتمنى الشهادة. قبل أن يتحقق حلمها، كتبت على صفحتها على "فيسبوك": "عشقي للشهادة يفوق عشقي للحياة".
في 19 يوليو/تموز عام 2013، سقطت أبو شعيشع (17 عاماً) وثلاث أخريات، برصاص مجموعة من المتعاونين مع قوات الأمن، إثر مداهمة مسيرة نسائية انطلقت من محافظة المنصورة بعد صلاة التراويح. وأكد تقرير الطب الشرعي إصابة أبو شعيشع برصاصتين في الظهر والفخذ الأيمن. لطالما تمنت أن تشارك والدها في اعتصام رابعة العدوية من أجل الحرية أولاً والشهادة ثانياً.

ويطول الحديث عن شهيدة مذبحة رابعة العدوية أسماء البلتاجي. لطالما رددت قول الشاعر نجيب سرور: "لا حق لحي إن ضاعت في الأرض حقوق الأموات". هكذا آمنت بحقوق الشهداء لتلحق بهم. وُلدت في 3 يناير/كانون الثاني عام 1996، وقُتلت يوم مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب عام 2013، حين كانت في الـ 17 من عمرها أيضاً. اليوم، يفتقدها أشقاؤها الأربعة. كانت في الصف الثالث الثانوي وتحلم بدخول كلية الطب.

شاركت في الثورة منذ بدايتها في 25 يناير 2011، بالإضافة إلى غيرها من الفعاليات التي امتنعت جماعة الإخوان المسلمين عن المشاركة فيها، أبرزها أحداث محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011. لطالما رددت: "اثبتوا فإن النصر قريب، ولا تتركوا الثورة للعسكر". وفيما كان السكون يخيّم على الأجواء خلال الاستعداد للاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير عام 2015، كان صوت الرصاص يدوي في أنحاء الإسكندرية. اخترق الرصاص أجساد كثير من الشباب الذين نظموا فعاليات استباقية لذكرى الثورة، من بينهم سندس رضا (17 عاماً).
سقطت رضا بعد إصابتها في رأسها، خلال تفريق قوات الأمن تظاهرة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي يوم 23 يناير/كانون الثاني.

وكانت منظمة "هدرو" قد أشارت في آخر تقرير لها حول دور المرأة في إشعال فتيل ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، إلى أن "البداية كانت في 25 مايو/أيار عام 2005، أو ما عُرف بالأربعاء الأسود. شهد هذا اليوم بداية العنف الممنهج من قبل الدولة بحق منظمي التظاهرات. طالت هذه الممارسات كافة الاحتجاجات التي نظمتها المعارضة، وصولاً إلى احتجاجات المحلة عام 2008، التي انبثقت عنها حركة 6 إبريل".
وتطرق التقرير إلى دور المرأة في ثورة 25 يناير، وما قدمته خلال الـ 18 يوماً إلى حين خلع الرئيس حسني مبارك، وما بعده.
واستعرض التقرير دور المرأة في الثورة وما تعرضت له من انتهاكات سواء على يد الداخلية أو الشرطة العسكرية أو أعضاء الإخوان المسلمين أثناء تولّيهم الحكم، وما تتعرض له من هجوم مادي ومعنوي وتشويه على غرار فحوص العذرية، والسحل والضرب في الميادين العامة والخاصة، إلخ.

وخلص إلى أن دور المـرأة فـي تحريـك ثـورة 25 ينـاير، والمشـاركة فـي التمهيـد لهـا هو امتـداد لسلسـلة طويلـة مــن تـاريخها النضــالي. ولفت إلى أن تفعيل المشاركة النسائية عقب الثورة ما زال لا يتناسـب مـع تضحيات المـرأة، على الرغم مـن إثبـات جـدارتها، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك تطــوراً في التشـريعات لناحية ترسيخ واحترام حقوقها.
وأوصى بتبني الدولة سياسياً وإعلامياً قضية تمكـين المـرأة، وسن تشريعات ذات آليات محددة بهدف الحد مـن العنـف ضدها.

دلالات

المساهمون