ليمونة وثور مجنّح

01 مارس 2015
في اليوم المشمس، سُمح له بمرافقة أمه(سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

تحمل المرأة الشابة أرغفة الخبز الساخنة وتعود وصغيرها المنشغل بليمونته، إلى خيمة العائلة. ما إن تلمح المصوّر وكاميرته من بعيد، حتى تتناول طرف حجابها لتغطي وجهها.

هنا في مخيّم هَرشم للاجئين العراقيّين الواقع على بعد عشرة كيلومترات غرب إربيل في إقليم كردستان العراق، اتخذت لها ملجأ بعدما هربت وعائلتها وأهالي بلدتها من بطش تنظيم "داعش" الذي احتلّ أرضهم.

يُذكر أن المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقدّر عدد العراقيّين الذين لجأوا إلى كردستان بعدما هجّرهم داعش، بنحو 900 ألف نازح.

وتحثّ المرأة الشابة خطاها. لا تريد لتلك الأرغفة الخمسة أن تبرد. هي اشترتها للتوّ من إحدى نساء بلدتها، التي تخبز لهؤلاء الذين يشاركونها النكبة نفسها. فيحاول الصغير مجاراة خطاها السريعة، على الرغم من انهماكه بفصوص تلك الليمونة. مضى وقت طويل على تناوله واحدة. كذلك، مضى وقت طويل على خروجه من الخيمة. كانت الأمطار تمنعه وإخوته من ذلك. أما في هذا اليوم الشتوي المشمس، فقد سُمح له بمرافقة أمه.

وبينما كان الصغير يستمتع بطعم الليمونة الحلو، كانت عناصر من داعش تهدم بمطارقها تراث أجداده في الموصل (شمال العراق) مسقط رأسه.

بعد سنوات، قد يذكر الليمونة التي قدّمتها له تلك المرأة العجوز. أما الثور الآشوري المجنّح الذي يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، فقد فاته مشهد تدميره. وهو ما زال صغيراً على إدراك كل ذلك الجهل.