ليلة البحث عن الـ "أدابتر"

ليلة البحث عن الـ "أدابتر"

21 يونيو 2016
قصة إيسوب الشهيرة في السعي والصبر (HubPages)
+ الخط -
بحثت في المنطقة كلّها عن وصلة "أدابتر" (محوّل) لـ"الرواتر" (ماكينة استقبال الإنترنت)، فلم أوفق طوال أكثر من ساعة. وجدت العشرات من المحال المقفلة، وسألت بعض المحال التي صادفتها تفتح أبوابها بعد الإفطار، ولا شيء.

في البداية، قصدت، على دراجتي النارية، محلاً أعرفه. ذلك المحل القائم في زاروب ملاصق لمسجد أجد لديه كل حاجياتي بأرخص سعر ممكن. حتى جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفزيون متوفر دائماً وبخمسة آلاف ليرة (3.33 دولارات أميركية)، وللزبون هدية أكيدة، بطاريتان كافيتان لتشغيل الجهاز أكثر من 6 أشهر.

كان المحل مقفلاً. لا مجال للعودة إلى المنزل. الإنترنت ضروري، ليس لي فقط بل لآخرين أيضاً، لا سيّما الجيران ممّن يسرقون إشارته. من جهة أخرى، لا بد من جلب الأدابتر لأنني مهما عانيت، فلا بدّ من الوصول إلى الهدف المطلوب. هذه قاعدة أساسية لديّ، ولو سيطرت على الأجواء لعنة القدر: كلما ظننت نفسي أقترب فإنني أبتعد في الواقع. لا مشكلة، مثل هذه الأفكار تغيب عني، ولا أتعظ منها، وأعتبر مباشرة قبل أن تسيطر عليّ أنّ الحالة التي أواجهها مختلفة عن كلّ ما قد سبق.

أكملت طريقي، وجبت المنطقة بأكملها. تساءلت: من تراه يبيع مثل هذه القطعة إن لم يكن محل لوازم كهربائية؟ ربما محلات الهاتف المحمول. فلأبحث إذاً فيها. لم يفتح كثير منها بعد. بل إنّ بعض أصحابها لم يصلوا إلى مرحلة التخمة. ولم يحاولوا حشر القطايف حشراً في أفواههم، ولا همّ لديهم إن نزلت إلى معدتهم أم علقت على بابها. رمضان شهر الخير، ولا خير في إفطار بلا قطايف.

ساعة كاملة لم أجد فيها إلاّ محالّ قليلة مفتوحة كي أسأل أصحابها وأتلقى الإجابة السلبية. لكن، بقي محل واحد بالقرب من المنزل. ربما يكون قد فتح الآن فأسأله. بالفعل، وجدت صاحبه قد وصل للتوّ. سألته.. دقّق ما في يدي وقال، إنّ لديه منه. جربته على الماكينة فاشتغلت بالفعل.

كان بإمكاني أن أنتظره كي يفتح ولا أبحث منذ البدء.. أليس كذلك؟ ليس تماماً، فقد اختبرت الاصطدام بعشرات اللحظات القصيرة المميزة، والتحدث إلى عشرات الأشخاص، ومشاهدة عشرات المشاهد غير المألوفة. فما الجميل في الاعتيادي؟ ما الجميل في اليقيني؟ ما الجميل في الثابت المستقر الساكن؟ ثمّ لا تنس أنّي حصلت على الأدابتر في النهاية.

هو الصراع بين السعي والصبر. من الأمثلة الغريبة أنّ هناك من يسعى بكلّ جهده ولا يصل، ومن يصبر فقط، يصل من دون أدنى جهد. وهناك من يهلك حتى يصل، كما أنّ هناك من يصبر طوال العمر فلا يصل. القاعدة غير نهائية، والمفاضلة تحتاج إلى محددات من خارج هذا الإطار ربما.

دلالات

المساهمون