ليبيا: هل يعيد التاريخ نفسه؟

ليبيا: هل يعيد التاريخ نفسه؟

09 يوليو 2020
قررت الأمم المتحدة التحقيق في زرع حفتر للألغام (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ بدء الصراع الليبي وبروز اللواء المتقاعد خليفة حفتر قبل سنوات وتغيير 4 مبعوثين أمميين، اتهمت الأمم المتحدة حفتر صراحة بالمسؤولية عن زرع ألغام لقتل المدنيين، في جنوب طرابلس وترهونة، وكأن الألغام التي تعاني منها مدينتا بنغازي ودرنة، شرقي البلاد، لا تستهدف مدنيين هناك.
القرار الأممي بإرسال فرق للتحقيق في جرائم حفتر، يعلم الوعي الشعبي المحلي جيداً أنه مرتبط بقرار حلفاء اللواء المتقاعد التخلي عنه وتحميله كل المسؤوليات وآثار تدخّلهم غير الإنساني، فحفتر فشل ولم يعد يلبي رغباتهم، فذهب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للبحث عن بديل عنه في القبائل شرقي ليبيا، ودعت روسيا رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، لتبحث من خلاله عن صيغة جديدة تبقيها في ليبيا.

لا يكشف حراك الأمم المتحدة بكل منظماتها تجاه قضية حفتر، أنها أداة لتمرير سياسات ومصالح الكبار فقط، بل إن الأزمة ليست في اللواء المتقاعد تحديداً، وهي في صراع الكبار حول مصالحهم في ليبيا. فإذا كان حفتر متورطاً في استهداف المدنيين بالألغام، فأي محادثات عسكرية تهدف إليها الأمم المتحدة؟
كل المؤشرات الحالية التي كشفها ميدان القتال الذي تجمّد فجأة عند حدود قطاع سرت-الجفرة، تؤكد أن في الكواليس جهوداً تبحث عن بديل لحفتر، في شكل قائد شكلي لما تبقّى من مليشياته لتكون طرفاً في تلك المحادثات العسكرية، وإبراز صالح كممثل سياسي على أي طاولة تفاوض مقبلة.

بعيداً عن السؤال عن شكل الحل المقبل الذي بدا واضحاً أنه يُبحث في عواصم الدول الكبرى وذات الثقل في الملف الليبي، خارج القاعات التي تُشرف عليها الأمم المتحدة، يبقى السؤال، بعد انكشاف الأطراف المتصارعة مع سقوط قناع حفتر، عن شكل الحل الذي تريده لحفظ مصالحها، فالسيناريوهات عديدة، تبدأ من اللامركزية من خلال المحافظات بصلاحيات واسعة، وتنتهي بالحديث عن سيناريو العودة إلى الأقاليم التاريخية الثلاثة.

يقول بعض المتابعين إن الأوضاع الحالية تشبه في كثير من عناصرها حالة الوصاية الدولية على ليبيا في أربعينيات القرن الماضي، عندما قرر وزراء دول كبرى تقاسم ليبيا بواقع ثلاثة أجزاء، لكن ما أسقط هذا المشروع استفتاء شعبي ليبي قرر وحدة ليبيا والمطالبة بالاستقلال الذي أنشأ أول كيان سياسي للبلاد. فهل يعيد التاريخ فصوله؟ حالة الفراغ السياسي والدستوري في ليبيا تشبه تلك الفترة، خصوصاً أنه لا توجد مؤسسة سياسية موحّدة ومجمع عليها يمكن من خلالها المصادقة على أي من تلك السيناريوهات. أما النفط الذي أسال لعاب المتصارعين فبدا خارج أيدي الأطراف الليبية، فالمؤسسة الوطنية للنفط أعلنت صراحة أنها طرف مستقل عن حكومة الوفاق في المفاوضات القائمة مع أطراف دولية وإقليمية بشأن إعادة فتح المنشآت النفطية. وغني عن القول إنها بعيدة أيضاً عن معسكر حفتر شرق البلاد.