ليبيا: حفتر يغازل القوى الغربية

ليبيا: حفتر يغازل القوى الغربية

16 سبتمبر 2014
تظاهرة ضد التدخل الأميركي في ليبيا (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -
أثبتت الشهور الأربع الماضية في ليبيا، عجز اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عن الدخول بقواته لمدينة بنغازي، شرقي البلاد، كما تهالكت قواته، وانحصر أداءها وتحرّكها في مطار وقاعدة بنينا الجويّة، ومعسكر الرجمة على أطراف المدينة.

وتناولت تقارير إعلامية الإمدادات التي وصلت إلى قوات حفتر، سواء على شكل ذخائر وأسلحة استبدلها الجيش المصري بأخرى قديمة وسلّمها لحفتر، أو وصول 40 سيارة من قوات قبائل "اليتبو" التابعة لأحد قادتهم، المقيم في العاصمة الفرنسية باريس، عيسى عبد المجيد.

إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، بأن "الحكومة الليبية المستقيلة، برئاسة عبد الله الثني، زُودت بست طائرات من نوع ميراج 2000، أثناء زيارته ورئيس مجلس النواب الليبي في طبرق، عقيلة صالح، ورئيس الأركان المكلف من المجلس نفسه، عبد الرازق الناظوري، لدولة الإمارات العربية المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول الجاري".

ويرى محللون سياسيون أن جميع هذه الإجراءات الداعمة لحفتر، غير كافية في ظلّ الفيتو الأميركي ـ الأوروبي إلى الآن، بسبب انشغال القوى الغربية بخطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما يعرقل مساعي حفتر في جرّ التدخل العسكري الخارجي المباشر في ليبيا.

ولذا جدّد حفتر مغازلة الولايات المتحدة وفرنسا بضرورة تدخلهما العسكري ومساندته في عملية "الكرامة" التي أطلقها، في لقاء أجرته معه موقع "فانيتي فار" الفرنسي في 11 سبتمبر/ أيلول. ويُشكّل تاريخ نشر اللقاء على الموقع الفرنسي حساسية خاصة، نظراً لتزامنه مع مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز عام 2012 بمقره في بنغازي.

وبحسب المراقبين فإن رسالة حفتر واضحة إلى واشنطن، إذ تعمّد نشر المقابلة في ذلك الموعد، ليوحي للإدارة الأميركية بأنه يقاتل من قتل سفيرها في بنغازي، وبالتالي عليها دعمه بكل الوسائل الممكنة، ولو بتوجيه ضربات جوية عسكرية لمعاقل المتشددين في الشرق الليبي.

ويعزّز هذا الاعتقاد، ما أدلى به حفتر للموقع، إذ قال إن "قواته تملك الهدف الفرنسي ـ الأميركي نفسه في ليبيا، والمتمثل في التخلص من قوات تنظيم أنصار الشريعة". واعتبر أن في إمكانه "التوصّل إلى صيغة تفاهم مع باريس وواشنطن في هذا الصدد".

وشدّد حفتر على أن عملياته ستطال المجموعات المتشددة بالجنوب الليبي، التي هي مناطق نفوذ تاريخي استعماري لفرنسا، وتهتمّ بها باريس أكثر من الشرق والغرب الليبيين باعتباره منفذها على العمق الإفريقي.

وتنوّعت رسائل حفتر للولايات المتحدة وفرنسا، كما خاطب كل دولة بما يعنيها، واستغل ورقة "الإرهاب" التي باتت تشكل الشغل الشاغل لواشنطن في المنطقة، إلى جانب ورقة المصالح والأطماع الفرنسية في الجنوب الليبي، حلم فرنسا الكبير.

غير أن حفتر لم ينتبه، بحسب المراقبين، للصعوبات التي تعترض مسألة التدخل الأجنبي على الأرض الليبية، من احتمال انهيار المنظومات الأمنية الهشّة لدول جوار ليبيا، بما فيها مصر، ووصول خطر هذه الحرب إلى قلب عواصم هذه الدول.

ولعلّ الدرس الأفغاني خير شاهد على ذلك، فقد استعملت الولايات المتحدة كل ترسانتها العسكرية وكذلك حلف شمال الأطلسي ضد الجماعات المتشددة، غير أن النتيجة كانت طرق حركة "طالبان" أبواب العاصمة كابول.

المساهمون