ليبيا: تراجع رصيد المجلس الرئاسي

ليبيا: تراجع رصيد المجلس الرئاسي

24 أكتوبر 2016
المجلس تحوّل إلى طرف ثالث بالصراع (أمين الأندلسي/ الأناضول)
+ الخط -


خمس سنوات مرت على مقتل العقيد الليبي معمر القذافي، في مسقط رأسه في سرت على يد الثوار الذين كانوا يحدوهم الأمل في بناء دولة ديمقراطية مدنية يتمتعون فيها بحرياتهم وحقوقهم، لكنّ هذا الأمل يتلاشى، حيث لم يعد إنجاح الانتقال الديمقراطي هاجساً لديهم، بقدر استعادة الأمن المنهار، بسبب انتشار الفصائل المسلحة المتناحرة.

وبعد مرور ما يزيد على عشرة أشهر، من توقيع اتفاق سياسي بين طرفي النزاع، لا يزال المجلس الرئاسي، والذي تمكّن من دخول العاصمة نهاية مارس/آذار الماضي، بعد محاولات منعه من قبل حكومة "الإنقاذ الوطني"، عاجزاً عن بسط سيطرته على البلاد واحتواء الأطراف الأخرى.

ويرى مراقبون للشأن الليبي أنّ المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج، تحوّل إلى طرف ثالث في الصراع، مقابل الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وشركائه في الشرق، وخصمه خليفة الغويل والمؤتمر الوطني الذي تمكّن من العودة لمقاره بطرابلس قبل أيام.

ولا يخفى أنّ التسوية السياسية التي رعتها الأمم المتحدة، والمدعومة دولياً، باتت أقرب إلى الفشل، فعودة الغويل وحلفائه في المؤتمر الوطني في وضح النهار، واحتلالهم لمقر داخل العاصمة طرابلس يشغله أحد الأجسام الثلاثة المنبثقة عن الاتفاق السياسي، كانت مؤشراً على انهيار الاتفاق، وهشاشة وضع المجلس الرئاسي الذي يعاني منذ تأسيسه من اختلاف آراء، وانقسام مواقف أعضائه التسعة.

ويرى متابعون للشأن الليبي أنّ عجز المجلس الرئاسي على ملء الفراغ السياسي والمؤسساتي، شجع خصومه على التمادي، فإضافة لتحركات الغويل، تمكّن حفتر من زيادة قوة نفوذه، عبر سيطرته على منطقة الهلال النفطي، ورفع موالوه السياسيون أصواتهم بشكل أكبر لرفض منح الثقة حتى للحكومة المنتظرة، قبيل أن يتوصل المجلس الرئاسي من تشكيلها بعد.

ويبدو أنّ الفراغ السياسي والأمني مكّن عناصر النظام السابق من العودة سياسياً وعسكرياً، تحت عباءة البرلمان وجيشه، فالقوات المرابطة على تخوم العاصمة غرباً وجنوباً، والتابعة للبرلمان، يقودها ضابط مقرب من القذافي.

كما أنّ الفصائل المكونة لهذه القوات ترفع على منصاتها الإعلامية صوراً لأعلام النظام السابق، وتبث أناشيد معادية لـ "ثورة فبراير".

كذلك ترابط قوات أخرى مشرعة من قبل البرلمان في الجنوب، يقودها ضابطان من أهم أذرع القذافي العسكرية بجنوب ليبيا، لم تخف هي الأخرى ولاءها للنظام السابق، بل دعا أحدهما، ويدعى علي كنه الشعب الليبي، إلى "الندم والقتال من أجل إعادة قيادات النظام السابق للحكم".

وفي غرب البلاد، يبدو الوضع السياسي والعسكري أكثر ارتباكاً، فالكتائب المسلحة المنتشرة في طول المنطقة وعرضها، لم تعد متحمسة للمجلس الرئاسي، سيما في مصراته المدينة الأقوى سياسياً وعسكرياً والتي كونت قوات المجلس وخاضت تحت رايته، معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سرت.


وشهد محيط مقرات قصور الضيافة في طرابلس، حيث تستقر حكومة الغويل، الجمعة الماضي، حشوداً عسكرية جابت الطرقات والأحياء القريبة، مستعرضة قواتها داخل العاصمة. وأعقب ذلك ظهور إعلامي في إحدى القنوات المحلية، لأبرز قادة عملية "فجر ليبيا" صلاح بادي، معلناً أنه عاد للمشهد على رأس كتيبتي "المرسى" و"315" لـ "حماية الشرعية الممثلة في المؤتمر الوطني وحكومته داخل طرابلس".

وتعتبر الكتيبتان من أكبر الفصائل المكونة لعملية "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي في سرت، ويمثل ظهورها في قلب العاصمة طرابلس، حماية لحكومة "الإنقاذ الوطني"، انعكاساً واضحاً لهشاشة تحالف "البينان المرصوص".

وأعلن قادة عسكريون في "البنيان المرصوص"، في بيان ألقاه المتحدث باسم العملية محمد الغصري، اعتراضهم الشديد، ورفضهم لعودة "المؤتمر العام" وحكومة "الإنقاذ الوطني".

وعلى عكس المأمول من المجلس الرئاسي المناط به احتواء الأطراف الليبية، أعلن عدد من الضباط والعسكريين من مختلف مناطق ليبيا، رفضهم للحراك العسكري الذي يقوده حفتر، واضفين إياه بأنّه "مجرم حرب"، مما قد ينذر باندلاع صراع مسلح مجدداً بين القوات الرافضة لحفتر، وبين قوات الأخير في حال عزمه التقدم نحو العاصمة طرابلس.

ويبرز سؤال حول إمكانية تطبيق الاتفاق السياسي في المشهد الحالي شديد التعقيد في ليبيا، وسط تشدد مواقف الفرقاء، مما دفع البعض إلى اعتبار الاتفاق بحد ذاته، سبباً في المأزق الجديد في البلاد.







المساهمون