لو أنّكِ هنا...

لو أنّكِ هنا...

07 ديسمبر 2015
(Getty)
+ الخط -
لو نظرت في عينيك أكثر. لو أمسكت يديك وقتا أطول. لو بقيت في حضنك مدة أطول. لو سألتك كل الأسئلة التي أريد أن أعرف إجاباتها. لو حلمت معك أكثر بعمري وسنواتي التي ستأتي مهما كان عددها. لو كتبت لي كل وصفات الطعام الذي أحبه حتى لا أبقى حائرة وأنا أفتش عن تلك النكهة وتلك الرائحة. لو أخبرتني كيف أكون أمّا مثلك، كيف أنقل سكينة الحياة إلى بيتي الصغير، كيف أمسح أوجاع الحياة بلمسة وكيف تكون ابتسامتي مسكّنا لمن أحب. لو بقيت وقتا أطول، لنكبر معا، أنا وأنت. كان هناك الكثير الكثير لنضحك منه معاً ونبكي معا بسببه. لو أخبرتني أكثر عن الحياة، كيف أعيشها، كيف أحبها. لو أعطيتني سرك. هذا السرّ الذي جعلك تصغرين مع السنوات وتبدين أجمل. لو أنك هنا. لو أنك هنا. لو أنك هنا. منذ عشر سنوات تقريبا. منذ تركتني أبحث عن خيالي، عن تفاصيل وجهي، وعن معالم روحي. منذ ذلك اليوم وكلمة لو لا تفارقني. كل فرحة مهما كبرت تبقى ناقصة، وكل حزن مهما صغر أحسه كبيرا. كل ابتسامة، كل ضحكة من القلب، كل دمعة، كل كلمة حب، كل اشتياق، كل وجع، كل خيبة، كل حلم، كل تنهيدة، كل شيء ناقص. قبل أيام، ودون أية مناسبة وفجأة وأنا أقود سيارتي، سألتني ياسمينة: "ماما، وين أمك؟"، كأنّ ماء باردة سقطت على رأسي. أخبرتها بكلمات مبعثرة وأفكار غير مترابطة عن الموت. قالت لي إنها تعرف ماذا يعني الموت. وفّرت عليّ عناء شرح ما لا أعرف حتى اليوم كيف أشرحه سوى أنه غياب يقتل الروح. سكتت قليلا ثم سألتني: "بتحبيها؟". هذه المرة هبّت عليّ رياح ساخنة لا تقل حرارتها عن حرارة شوقي إليك. "طبعا أحبها" أجبت ياسمينة التي سكتت قليلا وقالت لي: "أنا بحبك كتير". لو أنك هنا، لتخبري ياسمينة قصصا حلوة، تخبرينها عن طفولتي التي تسألني عنها دائما وأنا لا أعرف ماذا أقول. فأنا فعليا ومنذ عشر سنوات فقدت جزءا من ذاكرتي، كما من روحي. لو أنك هنا، لو أنك هنا، لو أنك هنا.

اقرأ أيضاً: مجرّد ألوان

دلالات

المساهمون