Skip to main content
لوحات في مواجهة البطالة
جهاد عويص ــ غزة
يطمح إلى تطوير موهبته (عبد الحكيم أبو رياش)
ينشط الفلسطيني، محمود الغليظي، مع ساعات الصباح الباكرة، يُجهز عددًا من لوحاته الفنية، ويتنقّل بها من منزله في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، نحو ساحة الكتيبة، ويعرضها على الحشائش الخضراء بشكل تقليدي، وعينه ترنو إلى من قد يميل تجاه لوحاته ليشتري بعضها. هذا الروتين الذي اعتاد عليه الشاب الفلسطيني منذ أكثر من شهر، جاء بغرض سعيه إلى الحصول على عائد مادي مقابل اللوحات الفنية التي يرسمها من شخصيات أو لوحات تشكيلية، في ظل نُدرة فرص العمل في غزة، وتفشي البطالة في صفوف الفلسطينيين، وصلت نسبتها أخيرًا، إلى 46 في المائة.
يقول الغليظي لـ"العربي الجديد": "عمري 23 سنة وقفت تعليمي قبل ست سنوات. عانيت من ظروف قاسية، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتعلم الرسم، وصرت أبحث عن توظيف أعمالي في إطار محاولة جني المال من خلاله، لكن أتأكد يوماً بعد الآخر أن غزة لا تنظر للفن بشكل كبير، أو لا تقدره ماديًا بشكل واضح".
يوضح الشاب الفلسطيني، الذي يعمل في ساعات الليل في أحد محلات بيع الشاورما في غزة، بعائد مادي قليل، أنه على مدار ست سنوات من عمله في الرسم والفن التشكيلي، لم يستطع بيع سوى عدد قليل من لوحاته، وحتى أنه اضطر للرضوخ لمساومة الراغبين على أسعار تلك اللوحات؛ وباعها بثمن لم يرضه. لا يخفي الغليظي أن جل سعيه في الفترة المقبلة، هو الخروج من غزة، ويقول: "كل أهدافي في الحياة تتعلق بالرسم والفن التشكيلي، وهنا، من وجهة نظري، لا مكان للفن والفنانين، أتمنى أن أطور من موهبتي خارج غزة".
حتى أن جلوسه بالساعات تحت أشعة الشمس، في ساحة الكتيبة وسط مدينة غزة، أمام لوحاته الفنية، لا يُقرب البعيدين عن الفن نحوه، ويؤكد الغليظي أنه خلال فترة شهر كامل من هذا الوضع، لم يقترب أحد منه سوى سبعة أشخاص، حفظهم بذاكرته لقلة أعداد المهتمين بالفن في القطاع.




وقد يكون الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة، حجّة يسوقها أكثر من مليوني مواطن يقطنون القطاع، في عزوفهم عن الاهتمام بالفن بمختلف أنواعه، لكن حقيقة الأمر، تؤكد أن غياب الدعم وقلة المؤسسات الحاضنة للفنانين الفلسطينيين في غزة، عادا سلبًا على أي أعمال فنية تظهر من الشباب.
وإضافة لرسوم الشخصيات، يعرض الغليظي ضمن لوحاته، لوحة لطفل ينزف من جبينه، علّق عليها برسالة لوقف العنف ضد الأطفال، ويقول إن الفئة الأخيرة هي الأكثر ضررًا في صراع المجتمعات، وتحديدًا في غزة، حيث يواجهون عنفين، من الاحتلال الإسرائيلي، والآخر من قبل المجتمع.
ويرسم الغليظي الشخصيات بأقلام الرصاص، بينما تَحكمه اللوحات التشكيلية الأخرى بألوان معدودة، كونه غير قادر على شراء مختلف الألوان والأنواع التي تعتبر أكبر من قدراته المالية، نظرًا لغلائها في غزة، كما أسهم الحصار الإسرائيلي المطبق على غزة للعام الثاني عشر على التوالي، في رفع مستوى المعاناة بمختلف مناحي الحياة.
ولعدم وجود مساحة تحتضن الأعمال الفنية للغليظي، فإنه اختار أن يكون فضاؤه "الكتيبة الخضراء" وسط مدينة غزة، بجانب اهتمامه بالنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال صفحاته الشخصية، وذلك باستغلال أي وسيلة قريبة تُروج لأعماله داخل وخارج القطاع.