لوازم التعليم..."بزنس" مزدهر و"سرقة واستغلال"

لوازم التعليم..."بزنس" مزدهر و"سرقة واستغلال"

27 سبتمبر 2015
سعر الحقيبة المدرسية 51 دولاراً في الأحياء الراقية (الأناضول)
+ الخط -

بشريط بلاستيكي مقوّى، ربط محمد أبو الفضل بعناية حزمة الكتب الخارجية (غير الكتب المدرسية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم) التي اشتراها لأولاده، في حين راح ذلك الشريط يحزّ في راحة يده. وكان أبو الفضل، وهو عامل في هيئة السكة الحديد المصرية، قد قصد حيّ الفجالة في منطقة رمسيس وسط القاهرة، الذي يشتهر ببيع الأدوات المدرسية والمكتبية. أما هدفه، فشراء مستلزمات أبنائه قبل بدء الدراسة رسمياً. يقول: "الأسعار في الفجالة رخيصة، بالتالي هي في متناول اليد. وأنا أشتري كل شيء بالجملة، لأن ثمة فرقاً كبيراً ما بين هذه الأسعار وبين تلك بالقطاعي في المكتبات العادية".

هنا في حيّ الفجالة، تتراوح أسعار الحقائب المدرسية ما بين 40 و150 جنيهاً مصرياً (5 - 20 دولاراً أميركياً). وإذا أردنا القيام بحسبة حقيبة مدرسية، نحصل على 120 جنيهاً تقريباً (15.30 دولاراً) في حال احتسبنا عشرة دفاتر من كل الأنواع والأحجام، وأربعة أقلام رصاص، وأربعة أقلام حبر، ومسطرة وممحاة ومبراة، وتجليد للدفاتر، وعلبة أقلام تلوين وكراسة رسم، وأدوات هندسية بسيطة.

وهذه الحسبة لا تشمل، بالتأكيد، أسعار الكتب الخارجية التي يقدّر معدّل سعر الكتاب منها بنحو 25 جنيهاً (3.20 دولارات)، ولا الملابس الخاصة بالمدارس وتكاليف الأخيرة الحكومية التي تقدّر بنحو تسعين جنيهاً (12 دولاراً) للمرحلة الابتدائية.

ويشير أبو الفضل إلى أن "ثمن الكتب يزيد ثلاثة أو أربعة جنيهات في المكتبات الأخرى". وتلك الجنيهات المعدودة تؤثّر على ميزانية أسرة أبو الفضل المضطر إلى شراء نحو خمسة كتب خارجية على أقل تقدير لكل واحد من أبنائه. وهو كان قد عمد إلى "دخول جمعيّة"، استعداداً لاستقبال العام الدراسي الجديد.

لكن الحسبة تختلف كلياً، باختلاف المستويين الاجتماعي والاقتصادي. في أرقى أحياء مصر الجديدة، يقصد التلاميذ مع ذويهم المكتبات لشراء مستلزماتهم الأساسية والثانوية لا بل وحتى الترفيهية. هنا، تتراوح أسعار الحقائب المدرسية ما بين 150 و400 جنيه (20 - 51 دولاراً)، كذلك تختلف أسعار الأدوات المدرسية.

أما تكاليف المدارس الخاصة في مصر، فتتراوح ما بين خمسة آلاف و40 ألف جنيه أو يزيد (640 - 5100 دولار) في مختلف المراحل التعليمية. يُضاف إلى ذلك رسم التقدّم إلى المدرسة، والذي لا يمكن استعادته في حال لم يقبل الطفل. وهو يتراوح ما بين 300 و1000 جنيه (38 - 128 دولاراً).

وبعيداً عن التكاليف المالية المرتبطة ببداية العام الدراسي، ثمّة هموم أخرى تؤرّق الأسر متوسطة الحال وتلك الفقيرة في مصر. يواجه مجدي إسماعيل، على سبيل المثال، مشكلة تتعلق بالتوزيع الجغرافي على المدارس في كل حيّ سكني يتبع منطقة تعليمية. يقول: "على ابني التوجّه يومياً إلى مدرسة تبعد عن منزلنا نحو محطتَي أوتوبيس، على الرغم من أن ثمّة مدرسة مجاورة تبعد فقط أمتاراً معدودة. وعندما تقدمت بطلب نقله، طلبوا مني 20 شيكارة (كيس) إسمنت، كمساهمة للمدرسة لقاء الحصول على موافقة للتحويل من الإدارة التعليمية". بالنسبة إلى إسماعيل، فإن "بزنس التحويل" على حد تعبيره، "أحد أبرز سبل السرقة والاستغلال في القطاع التعليمي".

اقرأ أيضاً: اليمن.. غياب الكتاب يزيد التسرب المدرسي

من جهته، يقول طلعت صلاح إن "أقل تكاليف لمدرسة خاصة في حيّ السادس من أكتوبر (محافظة الجيزة)، وصلت إلى ستة آلاف جنيه (767 دولاراً). والأمر لا يقتصر على هذا المبلغ، فاشتراك أوتوبيس المدرسة هو 2000 جنيه (256 دولاراً) بالإضافة إلى مصاريف أخرى". ويشير هنا إلى "بزنس آخر في قطاع التعليم الأساسي في مصر. تكاليف تجديد القيد في المدارس كانت نحو 500 جنيه (64 دولاراً)، أما هذا العام فقد ارتفعت لتصل إلى ألف جنيه (128 دولاراً)".

إلى ذلك، تنتشر في مصر بشكل لافت ظاهرة الدروس الخصوصية التي تحلّ محل التعليم في المدارس الحكومية والخاصة بنسب عالية. وتبدأ بدلات هذه الدروس من 50 جنيهاً (6.4 دولارات) في حال التحق التلميذ بمجموعة دراسية، بينما تتجاوز مئات الجنيهات إذا فضّل الحصول على الدروس بمفرده. ويقدّر البعض أن تكلفة الدروس الخصوصية تتجاوز عشرة مليارات جنيه (نحو مليار و300 مليون دولار) سنوياً، وتصل في تقديرات أخرى إلى خمسة عشر ملياراً (نحو ملياري دولار). وفي تقديرات غير رسمية، تستحوذ هذه الظاهرة على ما لا يقل عن 25 في المائة من دخل الأسر المصرية.

وفي دراسة حديثة أعدّها مشرف وحدة التدريب في وزارة التربية والتعليم المصرية السابق، إبراهيم أبو الخير، يذهب 42.1 في المائة من إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية. والأسر تنفق 17 مليار جنيه (نحو مليارين و200 مليون دولار) على الدروس الخصوصية، على الرغم من ارتفاع معدلات الفقر.

اقرأ أيضاً: مبانٍ متهالكة وجحور ثعابين