لن أطلق النار

لن أطلق النار

09 يناير 2015
تسريح جنود رفضوا اطلاق النار (يوري دياششند/فرانس برس)
+ الخط -
في منطقة خاركوف الأوكرانية، 500 رجل من قوات الأمن رفضوا الالتحاق بمنطقة ما يسمى "عملية مكافحة الإرهاب"، التي تستهدف القضاء على انفصاليي إقليم دونباس، فتم تسريحهم من الخدمة. ذلك ما نقلته وكالة الأنباء الأوكرانية "أونيان" الرسمية عن إيغور بالوغا، مدير منطقة خاركوف. قال بالوغا: "لقد حاولنا، أناتولي ديمتريف (رئيس قوى الأمن الداخلي في منطقة خاركوف) وأنا تحويل أكبر عدد ممكن إلى المنطقة التي تجري فيها عملية مكافحة الإرهاب. وقلنا: إذا كنت لا تريد الذهاب إلى هناك فاكتب طلب تسريح. وبهذه الطريقة غربلنا 500 شخص. أمّا الذين التحقوا فلا يمكن أن تقول عنهم جبناء". فهل المسألة حقاً في الشجاعة والجبن، أم في طبيعة الحرب الأهلية، حين يكون الجميع على حق وعلى باطل في الوقت نفسه، ولا يكون ثمة فرق بين البطولة والجريمة، ولا في الخندق الذي تطلق النار منه، لأن الذي في الخندق المقابل ابن بلدك، فأنت تقتل جزءا من نفسك حين تقتله؟ وماذا يمكن القول عن العدالة في هذه الحالة؟ من يحاكم من، وعلى ماذا؟ هل يحاكم الشخص بتهمة عدم إطلاق النار على أخيه ورفضه قتل ابن بلده؟ وما قيمة محاكم الحرب، إذا كانت هي نفسها أداة حرب، مثلها مثل الدبابة والمدفع؟
في بداية اشتعال الحرب في أوكرانيا، قامت النيابة العامة في دائرة أوكرانيا المركزية بإحالة جنديين إلى المحكمة لأنهما رفضا الالتحاق بمنطقة العمليات القتالية. لكن الأمر لم يفد، فقد تبع ذلك إعلان 12 رجل أمن رفض القتال. وبعدهم، قدّم حوالي 400 جندي من لواء دنيبروبتروفسك الخامس والعشرين طلبات تسريح.
في الحروب الأهلية، محاكم الضمير هي الأهم. صحيح أن الانضباط في الجيش لا يتيح رفض تنفيذ الأوامر، لكن الرفض هنا ليس من طبيعة الجبن والخيانة. فأية خيانة في أن ترفض قتل أهلك؟ وبالمقابل، كثير من شباب دونباس رفضوا الانضمام إلى الميليشات، حين تساءلوا: هل نحرر أرضنا من أخوتنا، وأية دولة هذه التي لا تقوم إلا على قتل كل من لا يقبل بها؟