Skip to main content
لندن تُحيي "حريقها الكبير" بمهرجان ثقافي (فيديو وصور)
كاتيا يوسف ــ لندن

إحياءً لذكرى حريق لندن الكبير، الذي شب قبل 350 عاماً، والذي استمر لأربعة أيام متواصلة في أيلول/سبتمبر 1666، تعرض شركة "آرتيشوك"، مهرجاناً معاصراً يصوّر ذلك الحدث المأساوي بعيون فنّانين معاصرين وكتّاب ومفكّرين، بعنوان "حريق لندن".

ويقام المهرجان على الضفة الجنوبية لنهر التايمز، المقابل لمبنى البرلمان، وتستمرّ العروض من 30 آب/أغسطس ولغاية الرابع من أيلول/سبتمبر.

وتحدّثت مديرة "آرتيشوك"، هيلين ميريج، في مؤتمر صحافي، عن أبرز عروض المهرجان التي تسعى إلى معالجة مشاكل معاصرة، ومنها الهجرة والكوارث الطبيعية وقدرة مدينة لندن اليوم على الصمود، عبر التذكير بمرور 350 عاماً على الحريق الكبير، وتلك النيران التي كانت كفيلة بتدمير غالبية مدينة لندن القديمة، التي كان يحيط بها سور لندن الروماني الأثري، حتى أنّها كادت تصل إلى منطقة ويستمنستر الأرستقراطية وقصر الملك تشارلز الثاني آنذاك.

وقالت ميريج، في مقابلة لها مع "العربي الجديد"، إنّ عمل الشركة يكمن في التعاون مع فنّانين وإنجاز أعمال تعكس الأمور بأسلوب ومنظور جديدين.

وأردفت "نقف اليوم في قاعة مخصّصة للقضاة والمحامين، بينما نجد أكواماً من الأرز في المكان، وكل حبّة منها ترمز إلى إنسان، كما أنّ كل كومة تروي مرحلة زمنية من تاريخ لندن، ويمكن المقارنة بين أعداد سكّانها في عام 1666 وعام 1945 على سبيل المثال".

كذلك لفتت إلى تجاهل جيل اليوم لما قد تواجهه مدن العالم من فيضانات، كما تجاهل أجدادنا احتمالية نشوب النيران فيها.

ويشارك الفنان البريطاني، مارتن فيريل، في تقديم مشروعين في المهرجان على ضفتي نهر التايمز، أحدهما على قبّة كاتدرائية القديس بولس بعنوان "الحرائق القديمة"، وآخر سماه "الحرائق الحديثة".

وفي مقابلة له مع "العربي الجديد"، قال إنّه أراد أن يتحدّث في مشروعه على قبّة الكاتدرائية عن الماضي البعيد الذي يعود إلى عام 1666، وإثارة صدى الحريق الذي دمّر معظم مدينة لندن، وإنّه اختار الكاتدرائية للمشروع، نتيجة تدمير الحريق لها وإعادة تشييدها من جديد.

بينما في ساوث بانك، على مبنى المسرح الوطني، يشير فيريل إلى البناء الحديث، وهنا أراد أن يعكس "الحرائق المعاصرة"، التي تمثّل، بحسبه، حركات الحقوق المدنية، مثل حقوق المرأة والسود والمثليين جنسياً، ورأى فيها نوعاً من النار المجازية، التي نجحت في جعل مجتمعنا مكاناً أكثر عدلاً للعيش فيه.

وتسلّط عروض المهرجان الحالي الضوء على معالم لندن، ومنها كاتدرائية القديس بولس، ومتحف "تيتمودرن"، معرض الفنّ الحديث في لندن، والمسرح الوطني، حيث يكتشف المشاهدون مدينة لندن والمناطق المجاورة لها؛ ماضيها وحاضرها.

كما يقدّم المهرجان فرصة التأمّل المستمرّ لمستقبل الهندسة المعمارية والبنى التحتية للمدينة، التي كانت بيوتها الخشبية في القرن السادس عشر مسقوفة بالقش وقابلة للاحتراق بسرعة.

ويعود حريق لندن الكبير إلى صيف عام 1666، حين شهدت لندن فصلاً حاراً، تسبب بجفاف بيوتها الخشبية، وزاد من قابليتها للاشتعال.

ويروى أنّه شبّت النيران في مخبز توماس فارينور، في شارع بادينج لين، وهبّ الجيران للمساعدة في إخماد النيران، ورأى رجال الحراسة، الذين وصلوا إلى المكان بعد ساعة، أنّه ينبغي دكّ البيوت المتاخمة للمخبز منعاً من انتشار الحريق، ومع احتجاج أصحابها وعدم اتخاذ العمدة قراراً حاسماً توسع الحريق.

وكتب المؤلف الإنكليزي الشهير صموئيل بيبس في مذكراته عن شهادته في تلك الأيام، حيث خرج الحريق عن السيطرة وتحوّل إلى عاصفة نارّية، وانتشرت النيران في معظم أرجاء المدينة وبلغت كاتدرائية القديس بولس وهدّدت بلاط الملك تشارلز الثاني، وتضافرت الجهود لإخمادها ولم تنته سوى بعدما خلّفت آثاراً اجتماعية واقتصادية بالغة.