لم تشبع نهاية "النهاية" شغفي! (2/2)

لم تشبع نهاية "النهاية" شغفي! (2/2)

31 مايو 2020
+ الخط -
أما مشهد الرحيل لشعب "القدس" في الحلقة "29" الذي يسبق نذير الحرب، مشهدٌ أعادني إلى عام "48" عام "النكبة الفلسطينية" التي هاجمت فيها العصابات الصهيونية "فلسطين"، وعاثت دمارا فيها، وأخرجت شعبها لاجئا خارج منازله، خارج بلاده، أصوات ملأت أرجاء المدينة وعلت بإخلاء المنازل والذهاب إلى مكان آمن، حتى تتمكن المقاومة الشعبية من مواجهة الحرب القادمة، وحفاظا على أرواحهم، بعد القضاء على هذه العصابات. نفس المشهد والحوار دار بمخيلتي كفلسطينية عندما شاهدت الناس يخرجون من منازلهم، منكّسي رؤوسهم يجرّون أرجلهم بخيبة أمل وبأيديهم بعض أشيائهم، كما حدث في أحداث النكبة تماما.

في الحلقة "19" أعادنا المؤلف "عمرو سمير سيف" إلى 30 عاما للخلف؛ إلى فترة انتشار الريبوت في العالم، كتطور تكنولوجي جديد، ومع فترة زمنية ما قام هذا الريبوت بتطوير ذاته بشكل أصبح خطرا على المجتمع المحيط به، حيث قامت هذه الريبوتات بالتطوير من نفسها بشكل مفاجئ ليشن حربا على البشرية، ليقوم المسؤولون عن صناعة هذا الريبوت بتدميره بمساعدة السلطات الحاكمة في كل دولة، هذا ما تطرقت إليه الحلقة "19" عندما ظهرت لنا سيارة كبيرة فيها عدد من المواطنين المتنقلين من مكان لآخر ليقطنوا في مدينة "القدس"، وكان من بينهم ريبوت جسّده الفنان "عمرو عبد الجليل" باسم "صلاح" الذي عُرف بعد 25 عاما باسم "عزيز"، دار حديث هام جدا بين رجل خمسيني وشاب ثلاثيني تذمرا على حالة التفتيش التي كان يقوم بها أمن شركة "إينرجي كو" التي كانت مسؤولة عن أمن مدينة القدس، فحين كان الأمن يفتش السيارات القادمة للقدس ليكشف إن كان هناك أي ريبوت ليقوموا بإعدامه؛ قال الرجل الخمسيني إن هذا الريبوت نقمة على البشرية ويجب القضاء عليه وأنا مع أي إجراء حتى إذا كان تعسفيا علينا لحمايتنا من هذه الآليات. ليردّ عليه الشاب الثلاثيني ويحاول أن يقنعه بأن هذه الفرق الأمنية ما هي إلا مرتزقة حرب وينفذون ما يطلب منهم من علية العالم، وهذا يشير لنا عن كم السلبية المحيطة بنا كشعوب من فئة عجوز مستسلمة ولا تريد التغيير، فقط يريدون العيش تحت أي وسيلة سهلة حتى لو أدى ذلك إلى موت البعض ليحيا الآخر.

هذا يرجعني إلى مسلسل الخيال العلمي "Extant" حضرته على التلفاز قبل رمضان بنحو الشهرين كان يتحدث عن صناعة الريبوت بكافة أشكاله؛ أطفال، شباب، من الجنسين، وحدث تطور ذاتي لهذه الريبوتات لتمثل جيشا خطرا على البشر، وحاول القائمون على هذا المشروع إيقافه ولكن بعد فوات الأون.


بعيدا عن السياسة التي ملأت هذا المقال التحليلي لمسلسل "النهاية"، سأتناول فكرة الصراع بين الغنى والفقر، الرئيس والتابع، العالم والعامل، السلطة والمواطن، صراع بين الآلات نفسها كما شاهدنا الريبوت "زين وعزيز"، يمكننا القول إن كل هؤلاء عبارة عن دمى يتلاعب بها تلك المجتمعات السفلية لمصالح سلطوية أكبر، ولها أهداف شيطانية تكاد تدمر العالم، كما شاهدنا في آخر مشاهد الحلقة الأخيرة في المسلسل.

ربما ما تحدثت عنه يكون خاطئا، وربما أكون أصبت الحقيقة، ولكن الغريب من خلال قراءتي لبعض الأخبار التي تتعلق بمسلسل "النهاية" لاحظت أن العاملين على هذا العمل الفني ينفون أن يكونوا قد قصدوا بالفعل موضوع "الماسونية"، حتى الفنان "إياد نصار" قال إن هذا الأعور ما هو إلا شخص لا يرى كل الحقيقة بوضوح، رغم أن هذه الشخصية تشبه شخصية الصهيوني "موشيه دايان" وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق.

كما أشارت الفنانة "سهر الصايغ"، في حوار لها في موقع "اليوم السابع"، إلى أن موضوع القدس وتحرير فلسطين مسألة دينية ومذكورة لدينا دينياً، وأن هناك حربا ستحدث، وأن النهاية ستكون فى الأرض المقدسة وهى القدس. وهذا الاعتقاد فى السيناريو من الناحية الدينية، كما أن الأحداث كلها افتراضات منطقية، مثل عدم وجود دول أو كيانات وإنما تكتلات في العالم كله، وبما أننا مسلسل عربى فتحدثنا عن تكتل القدس.

أما الفنان "أحمد وفيق" فنفى علمه بماهية الماسونية، في فيدو له انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال إنه يسمع عن المصطلح ولكنه لا يعرف ماذا يعني بالضبط، وأن اهتمامه الأكبر كان منصبا على كيفية تجسيد شخصية "مؤنس" الذي قام بها في المسلسل.

وبعد كل ذلك لم تشبع نهاية النهاية شغفي في الانتصار والحقيقة، بل تركتني أخمّن ماذا سيحدث بعد عودة "زين" للحياة، هل سيخرج هؤلاء الضالون في الصحراء ويصنع لهم مجتمع جديد ويعطوا كل التكنولوجيا التي حرموا منها لمدة 25 عاما، هل سيظهر "صديق" بشكله الأعور ذاك مرة أخرى ليحارب من أجل فكر المنتظر الذي كان يشير إليه مسلسل "النهاية" منذ البداية؟ هل سيكون "زين" هو ذاك المنتظر الذي سينقذ العالم؟

ثانيا: الرمزيات
- التعليم: اقتصار التعليم على فئات محددة تفوق قدراتها العقلية عن غيرها، وترك باقي الشعب جاهلا، ومحاربة أي شخص يحاول تعليم هؤلاء العامة بشكل أو بآخر.

- مدينة القدس ظهرت جلية من خلال الأحجار المقدسية وأبواب المنازل القديمة، وكأن هذه المدينة مهما مرت بحروب إلا أنها ما زالت محتفظة بتراثها وهويتها.

- الحديث الدائم عن القدس والخليل في فلسطين ودمشق في سورية طوال الـ30 حلقة يدل على أن حالة الصراع قائمة على هذه البقعة ولمن يسيطر عليها له القوة الحاكمة، بينما ذكرت اسم مصر في نهاية الحلقة وكأنه يشير إلى أن هذا البلد ما زال آمنا بجيشه ويمكن العيش بأمان وسلام هناك. وهنا أيضا إشارة إلى أن حالة الصراع الصهيوني والوطن المزعوم من النيل للفرات ما زالت قائمة، وأن مصر لم يستطيعوا السيطرة عليها بسبب جيشها، وتدمير العالم حالة قد توصل الصهيونية إلى هدفها من النيل على العالم من النيل للفرات كما عهدوا.

- يطلب الفنان "أحمد وفيق" في دور "مؤنس" من معاونه منح جميع الأفراد راحة والبقاء في منازلهم وينصحه بالهرب إلى مصر والاحتماء بها بسبب كونها من الدول القليلة التي لديها جيش قوي.

- الفنان "إياد نصار" في دور "صديق" زعيم الواحة: رمز للكيان الصهيوني المتواجد في كل مكان وزمان.

- الفنانة "سوسن بدر" في دور "شيرا" مساعدة "صديق" عندما أشارت لـ"زين" في حديث أننا كنا ننتظره، وهذا فيه إشارة إلى أنه سيكون الخلاص للعالم، واتضح ذلك عند العثور عليه في ثلاجة احتفظوا به داخلها قبل تدمير العالم، ومقابلته مع "ريناد" الفنانة "هاجر أحمد" الفتاة الصغيرة التي كانت تتعلم في الملجأ، وأول ما نطقت باسمه قام الناس جميعا وكأنهم يعظمونه وكأنه الخلاص الذي انتظروه.

- الحديث بين الريبوت "زين وعزيز" في الحلقة 30 وحالة المشادة بالكلمات بين حق البشر في اختيار حياتهم وعدم إمكانية وجود الريبوت في هذا الزمان وأنه يفسد حياتهم ولا يصلح من شأنهم وأن "زين" يحاول بذلك أن يغير قوانين الطبيعة ويبدل الحياة بأشياء مصنوعة لا روح فيها:

زين: ليه بتدافع عن البني آدمين؟
عزيز: لأنهم من حقهم يعيشوا.
زين: وعاشوا خدوا فرصتهم بالكامل وبعد أكثر من مليون سنة دمروا كل حاجة ونشروا الظلم والفساد حتى بينهم وبين بعض بياكلوا الضعيف، إحنا مش مضطرين نعمل كده إحنا ما عنديناش حسابات معقدة يا عزيز مش بنضعف مش بنحتار ولا بنفكر مرتين إحنا أحسن منهم.
عزيز: إحنا غلطة ماكنش المفروض تحصل أنا وإنت واللي زينا ماكنش المفروض نكون موجودين.
زين: إحنا موجودين بالفعل الطبيعة بتختار الأقوى سنة الحياة من أول الوجود ساعدني بدل ما نحارب بعض، حط ايدك بايدي عشان نحقق الحلم.
عزيز: ده مش حلم ده كابوس مخيف كل الاخطاء اللي وقع فيها البني آدم بسبب اللي إنت عايز تعمله، عايز تبدل قوانين الطبيعة، عايز تبدل الحياة بشيء مصنوع البشر مش كاملين وعندهم احقاد بس بيحبوا وبيفرحوا وأحيانا بيختاروا الصح وبيقف مع الخير، مش هتقدر تحكم على الناس بالموت هما ناقصين آه بس الدنيا برده ناقصة والإثنين مخلوقين لبعض وبيكملوا بعض ومناسبين قوي لبعض لأنه ديه دنيتهم هما مش دنيتنا إحنا.

- الحديث بين الفنان "مصطفى خاطر" و"توني ماهر"عن حالة البقاء في الحياة ولمن الانتصار، حيث وصف "خاطر" أن الغنى هو الحرية والفقر هو السجن الحقيقي.

دلالات