عاشت الصحافة البريطانية أجواء حرب إعلامية، بعد نهاية مباراة ويستهام ومانشستر يونايتد بالدوري الإنجليزي، نتيجة التصريحات القوية من جانب المدرب سام الاردايس الذي انتقد طريقة لعب المدرب الهولندي، ووصفها بأنها حولت اليونايتد إلى الفريق صاحب الكرات الطويلة المملة.
ليرد فان جال خلال مؤتمر صحفي آخر بالورق والأرقام، في سابقة أعادت إلى الأذهان طريقة عمل الاسباني رافا بينيتيز خلال رحلته مع ليفربول. وأثبت الخال بالإحصائيات أن كلام مدرب ويستهام خاطئ، بعد تأكيده أن معظم تمريرات فريقه كانت بالعرض وليس بالطول، لذلك لا يتم احتساب كل الكرات الطويلة بشكل مباشر.
لعب مانشستر يونايتد 41 تمريرة طولية من أصل 83 بنسبة تصل إلى 49 % بينما لعب ويستهام 32 تمريرة طولية من أصل 45 بنسبة 71 %، ومع كامل التسليم بأن حجة المدرب الهولندي سليمة وصحيحة، إلا أن طريقة لعب اليونايتد، امتازت مؤخراً باللجوء إلى الكرات الطويلة فيما يعرف بالـ Long Balls.
صانع اللعب المتأخر
في الهدف الثاني لليونايتد أمام كوينز بارك، لعب دي ماريا دور آريين روبين خلال كأس العالم الأخير مع هولندا، أي اللاعب المتحرك خلف الهجوم أثناء المرتدات، وهذا ما ينجح فيه الأرجنتيني بسبب سرعته، لكن في حالة التحولات فقط، أما إذا لعب اليونايتد بالاستحواذ والسيطرة التامة، فيجب على المدرب الهولندي وضع الريشة اللاتينية على الأطراف أو في الوسط الصريح، كجناح مركزي من العمق.
وحتى إن عاد دي ماريا إلى الوراء كلاعب وسط مائل على الطرف، على خطى أيامه الجميلة برفقة بنفيكا، ريال مدريد، والأرجنتين، فإن مشكلة الوسط ستستمر أيضاً، وذلك بسبب غياب صانع اللعب المتأخر أو اللاعب القادر على ربط الخطوط الثلاثة معاً في آن واحد. تكتيكياً هذا المركز يُعرف بالارتكاز المساند أو لاعب الوسط "الديب لاينج"، أي همزة الوصل بين لاعب الارتكاز الدفاعي ونظيره الهجومي المتقدم بالثلث الأخير.
ويفتقد اليونايتد لمثل هذا اللاعب بشدة هذا العام، لذلك تتم عملية إخراج الكرات من الخلف إلى الأمام بطريقة سلبية، وذلك لأن روني وماتا ثنائي هجومي صريح، ومايكل كاريك يلعب مباراة ويغيب أخرى، لذلك لا يجد داني بليند أي عون أسفل دائرة المنتصف، ومع كامل التقدير لكل الأسماء المتاحة، فإن نجوماً بقيمة لوكا مودريتش، تشابي ألونسو، سيسك فابريجاس، كانت ستقلل كثيراً من استراتيجية الكرات الطولية التي يلجأ إليها فان جال، بسبب نقص خاصية التمرير العميق عند لاعبي وسطه.
الخطة البديلة
مرر اليونايتد 996 تمريرة طولية صحيحة في الدوري الإنجليزي هذا الموسم، بالإضافة إلى 698 تمريرة طولية، وبالتالي يأتي في المركز الثاني بعد بيرنلي، في القائمة الطويلة لأكثر الفرق استخداماً للعب الطولي. ومن بين الأسباب التي جعلت المدير الفني للفريق يلجأ إلى هذا النوع من الأداء، القامة الطويلة لبعض اللاعبين داخل تشكيلة اليونايتد، وبالطبع يأتي مروان فيلايني في المركز الأول.
الكرة الثانية في اللعب مهمة للغاية لأنها التمريرة التي تلي عملية الاستلام. ومع لعب الكرات الطولية من الخلف إلى الأمام، يقدم فيلايني نفسه كناطحة سحاب متحركة، يخطف الكرة العالية من الخصوم ويمرر سريعاً بالرأس إلى الرفاق، لتكون التمريرة الثانية من نصيب أحد نجوم مانشستر يونايتد في منتصف ملعب المنافس.
لعب مروان 57 كرة هوائية هذا الموسم من أصل 84 بنسبة نجاح تصل إلى 56 %، لذلك حينما يلعب اليونايتد بهذه الاستراتيجية، فإن الأمر لا يدخل أبداً ضمن نطاق الصدفة أو ضربة الحظ.
بناء الهجمة من الخلف
يتحدث فيلاس بواش عن لويس فان جال في حوار قديم، ويصفه بأنه واحد من أعظم الأشخاص في حل معضلة التكتلات الدفاعية، لأنه يستخدم الكرة على أساس أنها جزرة أو طُعم يصطاد به الفريسة. يبدأ الفريق في تداول وتدوير الكرة بشكل مستمر ومتكرر، تغيير الاتجاهات، اللعب في اتجاه اليمين، ثم اليسار، والعكس، وعمل مسار أقرب الي الدائرة، وعندما يحاول الخصم الضغط كنوع من رد الفعل اللاإرادي، تحدث الثغرة أو الفراغ في الخلف، هنا فقط تبدأ المباغتة.
"نحن نلعب كرات طولية عديدة، لكن بالعودة إلى الأرقام، ستجد أن هذه الكرات تكون للعرض بشكل أكبر، أي للظهير أو لاعب الوسط المائل ولا تصل كثيراً للمهاجم. التمرير الطولي إلى المهاجم يعني استراتيجية الكرات الطويلة، لكن ما نلعبه أقرب إلى الاستحواذ والسيطرة"، هكذا أكد لويس فان جال خلال مؤتمره الصحفي الأخير، ليشرح الفرق الجوهري بين التمرير بغرض فتح فراغ، والتمرير بغرض رمي الكرات إلى الأمام.
وبسبب افتقاد اليونايتد إلى أسلوب اللعب المباشر السريع، فإن التمريرات العرضية التي تتم من لاعب لآخر، تنتهي في بعض المناسبات بتمريرة طولية إلى الثلث الأخير من الملعب، وبالتالي يبدو هذا الخيار مناسباً لسياسة الاختراق الخاطف من الخلف إلى الأمام، لذلك يلعب مانشستر كرات طويلة، بعضها للبناء من الخلف، والبعض الآخر يعود لإضافة صبغة اللعب العمودي إلى طابع الفريق.
الضغط العالي
"عندما تملك الكرة، تحاول أن تلعبها بسرعة إلى الأمام، في اتجاه عمودي رأسي تجاه مرمى الخصم. اذا لم تستطع، عليك أن تصبر وتحتفظ بها، وتفتح مساحة حتى تكتمل مهمتك"، هذه هي إحدى مبادئ أسلوب الضغط العالي للثنائي مارسيلو بيلسا ولويس فان جال، وللعلم فإن كثيراً من أفكار اللوكو الأرجنتيني، استوحاها من الفريق الذهبي لأياكس في التسعينيات تحت قيادة الخال.
بالتالي تأتي فكرة الكرات الطويلة لإضافة سلاح آخر للضغط، وليس مجرد تشتيت الكرات بعيداً أو إضاعة الوقت، بل لرمي الكرات في منتصف ملعب المنافس، ومحاولة الضغط المستمر لقطع الكرات وتطبيق المرتدة القاتلة مع سرعة واضحة، وهي طريقة قريبة من أسلوب منتخب شيلي مع المدرب سامباولي، كما أشار الكاتب "ويلسون" في موضوع خاص بتكتيك المونديال العالمي الأخير.
خلال بطولة كأس العالم، وبعد لعب هولندا بخطة متحفظة بعض الشيء، سأل أحد الصحفيين لويس فان جال عن سر اللعب بشكل دفاعي كبير، وهل هي نهاية الهجوم في هولندا؟ ليرد المدرب قائلاً، وما هو تعريفك لمفهوم الكرة الهجومية!؟، وكل الطرق في انجلترا تقودنا إلى صدام شبه متوقع بين الهولندي والصحفيين، والسر في الكرات الطويلة!