لماذا يكرهون النساء؟

لماذا يكرهون النساء؟

31 أكتوبر 2018
في إقليم كردستان العراق (سافين حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

منذ عدة أشهر والنساء في العراق، لا سيما الناشطات منهن، مستهدفات بالقتل والاغتيال. بعد اغتيال خبيرة التجميل رفيف الياسري في شهر آب/أغسطس بظروف لا تزال غامضة، تداعت سلسلة الاغتيالات لتشمل كلا من رشا الحسن، خبيرة التجميل التي كانت قد افتتحت مقهى خاصا بالنساء في بغداد، وسعاد العلي، الناشطة العراقية، وتارة فارس الناشطة ووصيفة ملكة جمال العراق.

ما الذي يجمع بين هؤلاء النساء؟ جميعهن خرجن عن دائرة التوقعات المرسومة لهن من قبل المجتمع. تشير التقارير الأولية إلى أن هذه الاغتيالات جاءت ضمن سلسلة من القتل المنظم، نفذتها مليشيات متشددة ترفض حركات التحرر، أو أن يكون للنساء دور في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

في المقابل، تواجه النساء الكرديات المقاتلات ضمن قوات البشمركة نوعاً آخر من الاغتيال، هو الاغتيال المعنوي لمكانتهن ودورهن. ذكرت العديد من النساء الكرديات المقاتلات في روايات لهن، أنهن أبعدن من جبهات القتال الأمامية، وبتن يمارسن أدوارا تقليدية ضمن الثكنات، من قبيل إعداد الطعام للمقاتلين، أو حراسة المقار، والبقاء داخلها خلال الليل. بالرغم من إثبات النساء المقاتلات انعدام أي اختلاف بينهن وبين الرجال على جبهات القتال، لا تزال المنظومة تظن أن مشاركتهن كانت مرحلية، وأن التوقعات منهن هي في مكان آخر وليس على الجبهة.

ما تواجهه النساء في العراق وفي كردستان ممارسة مختلفة لمنظومة واحدة. هذه المنظومة البطريركية والأبوية ما هي إلا أيديولوجية فكرية سائدة عبر مختلف الثقافات والبلدان، لتكرّس همّها الوحيد والأوحد حول ضرورة انخراط وانصياع النساء (والرجال) للتوقعات والأدوار المرسومة لهن (ولهم) من دون نقاش. وحين يبدأ الأفراد (والجماعات) بتحدي هذه التوقعات والخروج عنها، غالباً ما تكون الأثمان غالية، تصل إلى حد الحق في الحياة.

ولتحقيق ذلك، تفرز هذه الأيديولوجية العديد من الأدوات لضمان تحقيق غايتها والتي تتمثل بضرورة الانصياع للمنظومة الأبوية. التحرش الجنسي بالنساء هو أحد الأدوات، وذلك لإرسال رسائل للنساء بأنهن لسن آمنات إذا ما خرجن من المنزل. الإقصاء والتهميش والإبعاد عن مواقع صنع القرار هو أداة أخرى في رسالة بأنهن لن يحققن أية مكاسب في تحقيق طموحاتهن. العنف الأسري والزوجي وتشويه السمعة وجرائم قتل النساء والعنف القانوني ما هي إلا أدوات بيد هذه الأيديولوجية. وهكذا، فإنه مع اغتيال هؤلاء النساء في العراق، تم إيصال رسائل رعب وتخويف للنساء كافة بأن مصيرهن سيكون مشابهاً إذا ما فكرّن بالقيام بأي دور "غير متوقّع منهن".




ما يجري في العراق ليس مختلفاً عن البلدان العربية الأخرى، تتزاوج هذه الأيديولوجية البطريركية/الأبوية مع أيديولوجية دينية متطرفة، لتنجب مسخاً مستعداً للقيام بأي فعل بلا أية ضوابط أخلاقية أو إنسانية ليحافظ على السطوة الذكورية (عسكرياً ودينياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً وجنسياً). إسقاط هذه المنظومة الأيديولوجية قد يكون صعباً أو ربما مستحيلاً. لكن إصرار النساء (والرجال) على جعلها منظومة غير مريحة لكثيرين قد يكون بدايةً لتقويضها.

(ناشطة نسوية)

المساهمون