لماذا لا نملك ثقافة الحوار؟

لماذا لا نملك ثقافة الحوار؟

26 سبتمبر 2016
+ الخط -
السؤال المؤرق لنا عربيا: لماذا لا نمتلكُ "ثقافة الحوار"؟
تستوجب الإجابة على هذا السؤال الجوهري حضور ذوي الاختصاص، كلٌ حسب تخصّصه، يُجيبنا عن الإشكالات الدينية والسياسية، والتاريخية والاجتماعية التي شكلت عقبةً كبيرة أمام تقدّمنا. وأكتفي، هنا، بالإشارة إلة إشكاليات لاحظتها في هذا الصدد، وأترك التعمّق في هذا الموضوع لذوي الاختصاص كما نوّهت.
على المستوى الديني، تغصّ مجتمعاتنا بمغالطاتٍ كثيرة في شأن ما هو مقدّس، فاختلطت الأوراق على "العامة"، إلى درجة أنّ كثيرين لم يعودوا يفرقون بين النصوص الدينية المقدّسة من عدمها، وهذا يقفُ وراءه مستفيدون قدّسوا نصوص المفسرين والعلماء وأقوال الصالحين، وحتى "السياسيين!"، وهذا قيّد الناس من تناول بعض القضايا، خشية الوقوع بتهمة "الزندقة".
سياسيًّا، لا يخفى على أيِّ متابعٍ لتاريخ وطننا العربي وباء الحكام، والحكومات الدكتاتورية والقمعية لأبسط متطلبات حقوق الإنسان، ومن أهم هذه الحقوق "الحرية"، فهذا الحق بات منسيًّا في بلدان عربية كثيرة، لأنّ الضعيف لا يمكنه المطالبة بحقوقه، والمظلوم لا يستطيع أن يقفَ أمام الظالم، و"السلطة الرابعة" ميّتة سريرياً بسبب سيطرة السلطة "التنفيذية" عليها سيطرةً شبه كاملة، ووسط هذه الأجواء السوداوية، كيف يبقى هناك مكان "للحوار" في حال سُلبت "الحرية" من المجتمع؟
وثمّة عاهات منتشرة في مجتمعاتنا، لا تقلُ أهميةً عن الجانب الديني والسياسي، منها، تابوهات "العادات والتقاليد" و"التراث الشعبي" و"السلف الصالح"...، وعلى الرغم من أنها تحمل مغالطاتٍ كثيرة، إلا أنها تُعدُ من المسلمات التي لا يجب المساس بها بالنسبة لكثيرين. وعلى سبيل المثال، عندما نقول إنّ العرب لم يكونوا أمةً بالمعنى المتعارف عليه للأمة قبل الإسلام، وكانوا يعتبرون "قبائل رحل" إضافةً إلى أنهم دائماً ما يشعرون وقتذاك (أي في العصر الجاهلي) أنهم أقل شأناً من الحضارات المجاورة (الفارسية والهندية واليونانية)، يقفز بعضهم علينا، ويقول إنّ العرب، مُنذْ قديم الزمان، يعتبرون أنهم خير أمة أخرجت للناس! وذلك كله استناداً إلى خزعبلاتٍ ليس لها سند موثوق في الأدب العربي.
ولا يمكن الحديث عن معوّقات تكوّن "ثقافة الحوار"، من دون ذكر المؤسسات التي يقوم عليها المجتمع، وهي، كما ذكرها إدوارد هال، المدرسة والجامعة والمسجد (هو ذكر الكنيسة) والإعلام.
فالمدرسة والجامعة أصبحتا بمثابة منتجعين للتسلية والترفيه في الغالب، باتوا يروّجون التعصب الديني والكراهية إزاء الآخر المختلف معنا، أما الإعلام الذي من الأوْلى أن يروّج ثقافة الحوار، بات يروّج رمي الكراسي، وعُلب الماء والأقلام "الفاخرة"...، على الرغم من أنّ عنوان البرنامج يكون مختوماً بالـ "حوار"!
تشكل كلّ تلك الحقول الآنفة الذكر عائقاً دون ترسيخ "ثقافة الحوار" في مجتمعاتنا العربية، وإذا ما تمّت معالجة تلك الإشكالات الجمّة، لا يمكن الحديث عن "الحوار" الذي هو السبيل الوحيد إلى تجنّب الصدام، وخروجنا من المأزق الذي نحن فيه.
5ADE5A47-E143-4BFB-9A04-F3543E66FC8B
5ADE5A47-E143-4BFB-9A04-F3543E66FC8B
بشير الكبيسي (العراق)
بشير الكبيسي (العراق)