لماذا تفوقت منتخبات أوروبا؟

لماذا تفوقت منتخبات أوروبا؟

31 يوليو 2018
مونديال روسيا 2018 (Getty)
+ الخط -
لم يكن تحقيق القارة العجوز للقب المونديال الأخير، محض صدفة أو وليد لحظة، بل جاء بعد هيمنة امتدت للنسخ الأربع الأخيرة، بدءًا من إيطاليا في 2006 وإسبانيا 2010، وألمانيا 2014.

فخلال مونديال روسيا أفل نجم كرة أميركا الجنوبية منذ دور الأربعة، وترجحت فيه كفة منتخبات أوروبا، التي دائمًا ما كانت تأخذ العبر والدروس مما مضى، فقوَّمت ألمانيا خيبة أملها من أمم أوروبا في عام 2000، وبلجيكا صححت مسار الطريق الذي حاد بها بعيدًا عن مونديال 2002، ورممت إنكلترا صفوف كتيبتها التي خرجت لـ 52 عاماً من دائرة الألقاب.

كل هذا كان يوازيه في الجهة الأخرى بالقارة اللاتينية، فريق كرس نفسه لخدمة نجم واحد، أسماء أضعفت كاهل فرقها، بعد أن أكل الغرور منها وشرب، ليفشل اللاعب الموهوب في كسب رهان الفارس حامل لواء الانتصارات، ولتخرج هذه المنتخبات بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها.

ومنذ فترة أيقنت منتخبات أوروبا، من خلال الدراسة والبحث، أن الاعتماد على التكتيك والجانب الخطي فقط، لن يكون كفيلاً في خلق تشكيلة متوازنة، لذا عمدت إلى استقطاب مواهب المهاجرين الفطرية من أصحاب البشرة السمراء، التي أصبحت صفة ملازمة لجميع منتخبات القارة البيضاء، لتعزز نقاط الضعف فيها، وتكون هذه الأسماء مكامن قوة في الهيكل الخططي الموضوع، كما فعل نغولو كانتي وبول بوغبا وكيليان مبابي رفقة منتخب الديوك، المتوج بلقب مونديال 2018.

ولا تزال القارة اللاتينية تعيش زمن نشوة بيليه ومارادونا، ففي مونديال روسيا لم يفلح ميسي لوحده في ترميم واقع كرة الأرجنتين، رغم إنها خاضت نهائي مونديال 2014، لكنها كانت على موعد مع وداع حزين، في سيناريو متكرر لنسخة 2010، وكذلك البرازيل، رغم تطور المنظومة رفقة المدرب تيتا، لكنها فشلت في تخطي دور الثمانية، لتواصل منتخبات قارة أميركا الجنوبية أزمتها في تحقيق لقب كأس العالم على الأراضي الأوروبية منذ عام 1958، عندما توجت البرازيل بلقب المونديال على أرض السويد.

مونديال روسيا كان شاهداً على توديع مبكر للقوى الكبرى في الحقبة الأخيرة، كألمانيا وإسبانيا وكذلك الأرجنتين، إضافة إلى مشاركة مخيبة للقارة السمراء، فبدى الجميع يتساءل ما الفرق بينه وبين منتخبات مربع الكبار الذي جمع فرنسا وبلجيكا وكرواتيا وإنكلترا؟ ما هي نقاط قوتهم ونقاط ضعفنا؟

فمنتخبات قارة أوروربا نجحت من صنع توليفة، امتدت قوتها من مدارس تكوين الشبان، إضافة إلى دوريات مميزة، تمكنت فيها من ملاقحة فكر قارتها الانضباطي، مع توظيف مهارة لاعبي أمريكا الجنوبية، والجانب البدني والقوة الجسمانية من القارة السمراء، إضافة الى وضع اليد على سلبيات المشاركة، وتلك بديهيات تطوير أي عمل، حتى لو كانت حصيلته الفوز والتتويج.

إذاً المقارنة هنا واجبة من الجميع تجاه ما حققته منتخبات هذه القارة في مونديال روسيا، دون رمي الكرة في ملعب "الطقس"، أو "هفوات التحكيم"، أو "ضعف الإعداد"، وإلا سيكون الدوران هنا في حلقة مفرغة، لا أحد يخرج منها إلا وهو خالي الوفاض.

المساهمون