للنافذة شالٌ من الحرير

للنافذة شالٌ من الحرير

24 مايو 2020
عبد الهادي الجزّار/ مصر
+ الخط -

للنافذة شالٌ

للنافذة شالٌ من الحرير؛ وفي الحرير امرأة لا يُطاق حسنُها. تتراءى لي الآن. (هناك التقيتُ بك. أجل هناك حيث كنت تلعبُ الغمّيضة مع الهواء). للنافذة نهدان صلبان وروحي عادت إليَّ وأنا في العاشرة؛ وأقوى من أن أصف أنَّ الإله ليس أنا؛ وأنَّ النقطة كانت لغيري.


■ ■ ■


لا أستطيع أن أزورَ ماضيكم

لا أستطيعُ أن أزور ماضيكم أيُّتها الآلهة وأنتم تعذّبوننا في ذروة الأمل؛ ولماذا تريدون العودة إلى أرضٍ انتهى زمانُ حُسنِها. دعونا وشأننا ولا تقتربوا من البحر الساكن في حجارةٍ صغيرة ولا ترسلوا طيوركم إلينا؛ أيُّها الماضون عنّا والساكنون في الماء والموت.


■ ■ ■


بين النطق والصمت

أتعفّن بين النطق والصمت كخبز العالم. امرأةٌ جميلةٌ أنجبت وحشًا؛ وكان القمر لا يطلع إلاّ على راويةٍ بات ضفدعًا في بركة. جارية ترقصُ عارية للعصافير، مخضّبة القدمين واليدين، وتفوح منها رائحة البحار؛ والجنّة عجوز فاقدة الذاكرة؛ الجنَّة تنورٌ أعمى. الشيء ينجذب إلى الشيء؛ وقد تأتي أخبارٌ في وقتٍ قريبٍ عن شجرة العنب التي تثمر بناتًا أبكارًا في الليل.


■ ■ ■


أعمى يقلِّبُ كأسَ الدهر

يبتلعُني الدولاب ويدور بي؛ إذ لا أسمع شيئًا ولا أرى. شعرتُ بالندم وأنا أسقط فيه؛ على ما عشت وما كتبت. لا شيء يربطني بشيء آخر. هناك أعمى يقلِّبُ كأسَ الدهر. هناك جنينٌ يقتل أمَّه وتسيل دماؤها على السرير.
نحن لا نختلف في الصورة والسلوك كثيرًا.


■ ■ ■


نساءٌ يمشين بلا أردية

كانت في الطريق إلى الشاطئ نساءٌ يمشين بلا أردية. يغنّي نسيم الريح عن مطربة الوسن؛ وكان سلوكي في قراءة الكتب أنني أنسخُها؛ وحين أتيتُ إلى الكرسي وجدت شخصًا آخر يكتب على هذه الورقة، لديه شهوة الجارية وشغفُ يوسف؛ ويكتب عن شهوات القدّيسين ونساء أصحاب الرقيم.


■ ■ ■


كان الضوء

كان الضوءُ شيئًا مثل قلعةٍ مهجورة تجلسُ فيها فتاة بقيت من زمن ونسيت أن تعود إلى أهلها؛ وليس من الممكن أن يأتي بكلِّ هذا النظام شخصٌ واحد دون أن يستعين بشجرة التخييل وبفتيانٍ يغنّون في ليل ممطر وهم يبركون في الطين. يغرّد شيءٌ في هذا الليل ولا يستطيعون أن يعرفوا اسمَه. شيءٌ يحيط بك ويعتصرك وعيناك تطيران إلى غيابات عميقة وسماواتٍ تتكوّن.


■ ■ ■


هذا لا يوصف

كتابة مسرحيات عن الفلك والراقصة والصوفي وما لا يوصف؛ دليلٌ على أنَّك سوف تتحوّل إلى طين مخمَّر. المجون أمرٌ سمائيٌّ لا يتوقّف عن التجديد. منتصف الليل تمشي على الجسر نساء عاريات؛ والنوتيٌّ العجوز يكتب على الشاطئ قصيدةً جديدةً عن رقص البنات في البلم.


■ ■ ■


أطفالٌ يموتون في الماء

أنت لا تستطيع أن تتعلّم شيئًا جديدًا عن اللغة ولا تستطيع أن تغيّر الكلمات التي تعلّمت الكتابة بها. شيءٌ من العدم هذه اللغة؛ لغة ليست عربية كأنَّها لغة قوم مجهولين ولا ألوم الموت على اندثارهم في الجفاف. لغة تنزف بالهجرة والإعدامات والحبِّ ولا أحد يستطيع أن يرى أنَّها حجارةٌ بين النخيل أو أغنيةٌ ريفيَّةٌ عن صبايا مطبوخات الأجساد وأطفالٍ يموتون في الماء.


■ ■ ■


لا أنا ولا أنت

لا أحد يستطيع أن ينقل تلك الصخرة إلى هذا المكان؛ لا أنا ولا أنت. عصفورٌ يحلم وسيّدة العالم التي قالت لي، إنك تؤمن بتعدُّد الآلهة، غابت في الستائر. يصرخ الجنُّ في السدرة وتصحو الروح في شظايا الكلام؛ ومن عيني الأفعى أرى العالم في شكل خطوط ودوائر. تقترب نساء مني الآن وأحداهن تحمل أعناقَ النور.


■ ■ ■


أثداء منشورة

أثداء منشورة على حبل الغسيل. أثداء من غيبة الفارس والحروب؛ أثداء من متعة التجوال في الليل؛ ترتعش في الرياح وهي تتكلّم عن تاريخ النظّارة والساعة وتقصُّ حكاية الراهب والطائر وتتحدث بأمورٍ عن البحّارة والحجر. هذه أثداءٌ من ألسنة النار وقُبلة الآلهة.


* شاعر من الأهواز

المساهمون