لكي نخرج من الدوامة

لكي نخرج من الدوامة

30 سبتمبر 2016
ممنوعون من كلّ شيء (راتب الصفدي/ الأناضول)
+ الخط -
تعاني عشرات النساء والشابات والفتيات في المخيمات الفلسطينية في لبنان التمييز والقهر والعنف والفراغ وهاجس الانتحار. تقع الكثيرات من الفتيات في المخيمات الفلسطينية ضحية دوامة عنف لا تنتهي. يردن التخلّص من والد متسلّط أو قامع، أو من أجواء منزلية عنيفة، فيهربن إلى الزواج من أول من "يطلب يدهن له". كفتيات متزوجات، يعانين من ظلم جديد وعنف زوجي وانتهاك للكرامة والحقوق والمعايرة والضرب والأمومة المبكرة والإنهاك الجسدي. لا يستطعن العودة إلى منزل أهلهن لأن دائرة العنف ستتسع وسيتدخل المجتمع والجيران، ويطلبون منهن العودة تجنباً للفضيحة أو "خربان البيوت" أو تحميلهن المسؤولية. هكذا تعيش فتيات في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة من أعمارهن تجارب حياتية مريرة، ليبقى التفكير بالانتحار حلّهن الوحيد للتخلص من قعر هذه الدوامة.

يلجأ عشرات الشبان في المخيمات الفلسطينية للمخدرات كوسيلة تكيّف سلبي مع واقعهم. هو بنظرهم واقع لا يمت للحياة بأية صلة. يقولون إنهم ميّتون أصلاً. لا علم ولا عمل ولا مستقبل. من يستطع تأمين خمسة آلاف دولار للهرب إلى دولة أوروبية يكون ملكاً. لكن هذا الطريق لم يعد مضموناً ولا مأموناً أيضاً.

مشكلة الشبان هذه تخلق تداعيات لمشكلة مركّبة على الفتيات. معدلات التحرّش الجنسي واللفظي بالنساء والفتيات ارتفعت بسبب المخدرات والبطالة. الأصولية الدينية في بعض المخيمات إلى ارتفاع، ما يؤثر بشكل مضاعف على النساء والفتيات بما تحمله من إقصاء وتمييز. قد تكون هذه واحدة من كم هائل من المشاكل التي يعاني منها أهل المخيمات الفلسطينية في لبنان، يعززها الفقر والأمن الغذائي والتسرّب المدرسي والبطالة والعنف والمرض.

نصف عدد اللاجئين واللاجئات الفلسطينيين في لبنان هو دون 25 سنة (بحسب دراسة لوكالة أونروا عام 2010). هذا يعني أن هناك حوالي 145 ألف شاب وشابة لا حاضر ولا مستقبل لهم. حين يخرج وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ليؤكد أن الجنسية اللبنانية ممنوعة عن اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان، هو بذلك يؤكد أن مشكلات المخيمات إلى تفاقم، ما يساهم بمضاعفة كل أشكال العنف المجتمعي والعنف الجندري.

للعلم، لا يريد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان "جواز سفر" لبنانياً، فكثير ممن يملكونه مستعدون للتخلي عنه. منع التوطين ليس عذراً لعدم توفير الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين، وهم أصلاً أشد تمسّكاً بقضيتهم السياسية.

كل ما يريدونه هو الحصول على حقوقهم كلاجئين والتمتع بكرامتهم الإنسانية، التي في حال توفّرت، ستساهم من دون شك بشكل إيجابي في تحسين الوضع في لبنان اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وأمنياً وسياسياً. في ظل الواقع الحالي، ما لا يريده الوزير باسيل، سيصله بأسرع مما يتوقع.

*ناشطة نسوية

المساهمون